كيف سبق البريطانيون الفرنسيين في كشف خطر الإخوان؟

كيف سبق البريطانيون الفرنسيين في كشف خطر الإخوان؟


قبل أن تعرض وزارة الداخلية الفرنســــــــية، تقريرها الأخير حول جماعــــــة الإخوان الإرهابية على مجلس الدفاع، برئاســــــــة الرئيس إيمانويــــــل ماكــــــــــرون في مايو -أيار 2025، كانت بريطانيــــــا قد وصلت إلى اســــــتنتاجات مُشابهة في عام 2014، حول التهديد الذي يُشــــــــكّله التنظيم الإرهابي على المُجتمعات الأوروبية. وفي ذلك الوقت..
 وبناءً على طلب رئيس الوزراء البريطاني حينها ديفيــــــد كاميرون، تــــــــمّ إعداد تقرير ســــــرّي، شارك فيــــــه مســــــؤولون كبار ودبلوماســـــــيون، قـــــــدّم تحليـلاً لجوانب خفيّــــــــــــة من نفـــــــوذ جماعــــــــة الإخوان ونشـــــــــــاطها الدعوي، وذلك بأمــــــر مباشـــــــر من زعيـــــــم حزب المحـــافظين الـــــــذي أشـــــرف علــــــــى إجـراء هــــــذه التحقيقـــــات، بهدف «التصدّي للخطاب المُتطرّف الذي تنشره بعض المنظمات الإسلامية».
ذرائع الإخوان
وبحسب تحليل خلصت إليه صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، فإنّ نتائج التحقيقات البريطانية، لم تختلف كثيراً، وإن كانت أقل شمولاً، عن نتائج التقرير الفرنسي الذي كُشف عنه بعد نحو 11 سنة، إذ أكد البريطانيون، على غرار الفرنسيين، أنّ «الإخوان يُفضّلون اللاعنف لإحداث التحوّل التدريجي للمُجتمع، استناداً إلى مبدأ زوال المُعارضة السياسية بمُجرّد اكتمال عملية الأسلمة»، وذلك لحين تمكّنهم من إرساء قواعدهم.
وأشار التقرير البريطاني إلى أنّ جماعة الإخوان، التي أنشأت جمعيات وتغلغلت فيها، واستفادت من أموال خيرية، وموّلت واحتلت مراكز دينية عديدة، لم تكن لديها نيّة أصيلة في البداية للبقاء في أوروبا.
 وكان اللاجئون والطلاب المُهاجرون الذين شكّلوا صفوف الإخوان «ينوون العودة إلى أوطانهم الأصلية، رافضين الانخراط في بلد غير إسلامي».
ولكن مع بداية الألفية الثانية، تغيّرت الخطط، وازداد عدد أعضاء الإخوان في المملكة المتحدة بشكل كبير، حيث «حشدوا أبناء الجيل الثاني من المُهاجرين» مُتّخذين من قضايا رئيسية، مثل فلسطين وحرب العراق، وردّ الفعل الغربي على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة، ذرائع لكسب المؤيدين بحجة الدفاع عن الإسلام.

تغيير المُسمّيات
ووفقاً للتقرير البريطاني، فقد أرسلت جمعيات بريطانية مُرتبطة بجماعة الإخوان أموالاً إلى حركات متطرفة في الشرق الأوسط، بينما بنت بعض الجمعيات جسوراً مع منظمات أخرى في أوروبا، مما أدّى إلى إنشاء شبكة مُترابطة من الجمعيات التي تُروّج للإسلام السياسي.
وحذّر البريطانيون في التقرير من نفوذ اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وهو هيئة أوروبية أسسها الإخوان.
 ورغم مرور سنوات طويلة على ذلك التحذير، إلا أنّه لم يتم اتخاذ أيّ إجراء، فيما غيّر الاتحاد المذكور اسمه إلى مجلس المسلمين الأوروبيين، وهو المُنظّمة الأخطر التي تُنسّق وتُنفّذ استراتيجية الإخوان للتأثير على المؤسسات والدول الأوروبية.

استنتاجات مُتشابهة تماماً
وخلصت التحقيقات البريطانية إلى أنّ «شركاء جماعة الإخوان ومُنتسبيها مارسوا في بعض الأحيان نفوذاً كبيراً على أكبر منظمة طلابية إسلامية في المملكة المتحدة، وعلى منظمات وطنية ادّعت تمثيل الجاليات المسلمة - والتي سعت، على هذا الأساس، إلى الحوار مع الحكومة - وكذلك على بعض الجمعيات الخيرية والمساجد».
وعلّق مُعدّو التقرير على ذلك بالقول: إنّ «جوانب من أيديولوجية جماعة الإخوان وتكتيكاتها، سواء في هذا البلد أو في الخارج، تتعارض مع قيمنا ومصالحنا الوطنية وأمننا القومي».
ويتوافق كل ذلك مع التقرير الفرنسي، الذي يكشف عن تغلغل الإخوان في المدارس والجامعات، ويُشير إلى «الطابع المُناهض للجمهورية لدى العديد من أعضاء جماعة الإخوان»، و»استراتيجيتهم في التخفّي والتغلغل في المؤسسات».
وجاء فيه «إنّ واقع هذا التهديد، حتى وإن كان لا يلجأ إلى العنف، إلا أنّه يُشكّل خطر الهجوم على النسيج المُجتمعي والمؤسسات الجمهورية، وعلى التماسك الوطني بشكل أعم».
كما وحذّر التقريران البريطاني والفرنسي، من غموض خطابات الإخوان السياسية، حيث يتم تكييفها لتُناسب الجمهور المعني، حيث تقوم الجماعة الإرهابية بتعديل المحتوى وفقاً للغة، سواءً بالإنجليزية والفرنسية أو العربية. وفي كثير من مراسلات الإخوان، تبيّن تناقض المضمون على نحوٍ شاسع.

ما مصير التقرير 
وفي هذا الصدد، يتساءل الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي ستيف تينري: 
«كيف إذن، في ضوء خطورة هذه المعلومات التي مضى عليها أكثر من 10 سنوات، أن تتطور أيديولوجية الإخوان على ما يبدو في كل من المملكة المتحدة وفرنسا؟»
وبحسب تينري، فإنّ ذلك يرجع إلى رفض ديفيد كاميرون آنذاك حظر الإخوان على أراضيه. لكن وبعد اطّلاعه على التقرير صرّح رئيس الوزراء السابق ببساطة في ديسمبر (كانون الأول) 2015، أن «التمسّك بأفكار الإخوان يجب اعتباره مؤشراً مُحتملاً على التطرّف»..
 مُضيفاً دون مزيد من التفاصيل أنّ «بعض فروع الإخوان لها علاقة بالتطرّف والعنف».
وفي هـــــــذا الصدد، حــذّرت «لو فيغارو» من خطـــــورة أن يتم تجاهـــل الاستنتاجات الفرنسية الأخيرة على غـــــــرار ما حدث مع التقرير البريطاني، نافيــــــة مزاعم اتحاد مُســـــــــلمي فرنسا الذي يُقــــــدّم على أنّـــــه «الفرع المحلي لجماعة الإخوان في فرنسا»، بأن لا علاقة له بالتنظيم الإرهابي.