رئيس الدولة ونائباه يهنئون ملك البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده
كيف فجّر انقلاب بنين الفاشل صراع النفوذ في غرب أفريقيا؟
كشف انقلاب فاشل في بنين، الأسبوع الماضي، عن حرب نفوذ جديدة تُؤجّج الصراع بين المجالس العسكرية والأنظمة التقليدية في غرب أفريقيا.
ويقول تقرير نشره موقع «موند أفريك» إن إحباط محاولة الانقلاب في بنين كشف عن مواجهة خفية تتعدى حدود هذا البلد الصغير، تدور بين الأنظمة العسكرية الحاكمة في الساحل الإفريقي والأنظمة التقليدية في غرب القارة.
وفي السابع من ديسمبر-كانون الأول 2025، استيقظت كوتونو على دويّ إطلاق نار. تم إحباط محاولة انقلاب بسرعة، لكن تداعياتها امتدت إلى ما هو أبعد من حدود بنين. وراء هذه العملية المفاجئة تكمن مواجهة أوسع: صراع النفوذ الذي يُؤجّج الصراع بين الدول الساحلية وأنظمة منطقة الساحل.
هجوم خاطف وحرب روايات
مع بزوغ فجرالأحد 7 ديسمبر، اقتحمت مجموعة من الجنود بقيادة المقدم باسكال تيغري محطة التلفزيون الوطنية. كانت هذه لفتة رمزية، إرثًا لعقود من الانقلابات الإفريقية، حيث يُعدّ التحكم بالشاشة بمنزلة السيطرة على الرواية. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت شبكات مقربة من أنظمة الساحل فورًا سقوط حكومة بنين، وكشف هذا الإعلان المتسرع عن استراتيجية هجينة: مزج العمل العسكري بهجوم إعلامي لإضفاء مظهر الانتفاضة الشعبية على التمرد، وفق التقرير.
وتابعت «موند أفريك»: «لم يدم هذا الوهم سوى ساعات قليلة، فقد وضع التدخل السريع لنيجيريا وفرنسا حدًا لمحاولة الانقلاب. لكن هذه الحادثة تكشف عن ديناميكية أعمق: دافع أيديولوجي واستراتيجي من منطقة الساحل، يتقدم تدريجيًا، ويختبر الدفاعات، ويسعى إلى توسيع نفوذه دون مواجهة مباشرة».
وأضاف التقرير: «تتزايد الدلائل: تمويل سري، وشبكات رقمية نشطة، وخطاب مناهض للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) مُضخّم منذ أشهر. لا حاجة لأمر رسمي، فقد وُضعت الأسس مسبقًا في أذهان الناس».
وبحسب التقرير الفرنسي «لم يعد الساحل يرسل قوات، بل ينشر روايات، ويبثّ الشكوك، ويستغلّ نقاط الضعف الداخلية. إنها استراتيجية توغل تدريجي، حيث يعتقد الفاعلون المحليون أنهم يتصرفون لصالح السيادة الوطنية بينما ينحازون إلى محور جيوسياسي مُعارض لشركائهم الغربيين».
وأوضح أنه «بالنسبة لأنظمة الساحل، فإن المخاطر واضحة: عملية ناجحة ستوفر منفذًا استراتيجيًا إلى البحر. أما الفشل، فلا يُكلّف شيئًا، ولكنه يسمح لهم بتقييم خطوط دفاع القوات المُعارضة».
بنين حلقة وصل
في ممر حيوي
وتُستهدف بنين جزئيًا لدورها في بنية تحتية حيوية للطاقة: خط الأنابيب الذي يربط حقول أغاديم النفطية في النيجر بمحطة سيمي-كبودجي في بنين.
تُعدّ هذه البنية التحتية منفذ النيجر الوحيد إلى المحيط، وقد أصبح تأمينها ضرورة ملحة لدول الساحل المنضوية تحت لواء تحالف دول الساحل. بالنسبة لها، يُمثّل تنصيب حكومة موالية لها في كوتونو ميزة استراتيجية كبيرة.
نقاط ضعف داخلية وحدود مفتوحة
في شمال بنين، يلوح التهديد في الأفق. تتقدم الجماعات المسلحة من بوركينا فاسو، ويسقط الجنود ضحايا للإهمال، ويشعر جزء من الجيش بالتخلي عنه، وهذا ما يُهيئ بيئة خصبة لعمليات التأثير.
أصبحت الحدود مع النيجر منطقة رمادية تتبادل فيها الأفكار والأسلحة والعملاء. وإلى الغرب، تُحافظ توغو على غموض استراتيجي يُسهّل التحركات عبر الحدود.
في الوقت نفسه، تتراجع قوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). فمنذ انفصالها عن مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لم تعد المنظمة وسيطًا، بل أصبحت ساحةً للمواجهة بين رؤيتين مختلفتين للقارة. وتجد بنين نفسها في قلب هذا الصدع.
خليج غينيا جبهة جديدة
لا يُنهي الانقلاب الفاشل المواجهة. ويبدو أن المجموعة الاقتصادية والنقدية الخاصة (SMA) تُمارس لعبة الترقب، فتُضاعف الاستفزازات، وتختبر ردود الفعل، وتُكرر العملية حتى تُستنزف الدول الساحلية.
كل محاولة تُزيد الضغط على أبوجا وباريس، وتُؤجج السخط الشعبي على تدخلاتهما. أما نيجيريا، التي أضعفتها أزماتها الداخلية، فتُكافح من أجل استعادة دورها كقوة استقرار. وفرنسا، من جانبها، تجد نفسها عالقة في موقف دفاعي يُغذي الخطاب العدائي.
المعركة الوشيكة لن تُخاض على الجبهة العسكرية فحسب، بل ستشمل أيضاً الروايات والتحالفات والقدرة على إطالة أمد الصراع. كان السابع من ديسمبر-كانون الأول مجرد إنذار.
أدركت منطقة الساحل أن السيطرة على الوصول إلى البحر تعني السيطرة على الطرق والموارد والرموز. وأن الإمبراطورية - حتى الحديثة منها - تختنق بدون موانئ. يبرز خليج غينيا الآن كجبهة جديدة في حرب النفوذ التي تُعيد تشكيل غرب إفريقيا.