للبقاء في ســلام، يسـتعد السـويديون للحـرب

للبقاء في ســلام، يسـتعد السـويديون للحـرب

هذه هي نهاية مسلسل لا نهاية له: ففي يوم الاثنين الموافق 26 فبراير-شباط صدق البرلمان المجري على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، وهو ما من شأنه أن يكمل العملية. وهو القرار الذي تنتظره ستوكهولم بفارغ الصبر، والتي قررت أن تدير ظهرها لقرن من عدم الانحياز والسلمية.

قريبا، سوف تتم إزالة غابة الصنوبر هذه، وسوف تفسح مسارات جولات التزلج الطريقَ لحامية عسكرية جديدة. في أوسترسوند، وهي بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها 65 ألف نسمة وتقع على ضفاف بحيرة ستورشون، يجب على رئيس البلدية نيكلاس داوسون إعداد بلدته لتصبح منصة نقل للجيش السويدي وحلف شمال الأطلسي في حالة حدوث أزمة . « قبل خمس سنوات، لم يكن أحد يعتقد أن السويد يمكن أن تتعرض للتهديد. اليوم الجميع يفكرون في ذلك. وعلينا استغلال الوقت المتاح أمامنا لتعزيز قدراتنا والتخطيط للدفاع عن البلاد”.يؤكد رئيس البلدية السويدي .

تحتل هذه المدينة مكانًا استراتيجيًا: فهي تقع في وسط البلاد، وهي عبارة عن مفترق طرق للسكك الحديدية والطرق. وعلى الجانب الآخر من الجبال، على بعد حوالي 200 كيلومتر، تقع مدينة تروندهايم بالنرويج، وهي موطن لمخزون كبير من المعدات العسكرية لحلف شمال الأطلسي. «لدينا البنية التحتية، ولكن هناك استثمارات كبيرة يتعين القيام بها لتحديثها .لا يجب علينا مضاعفة خطوط السكك الحديدية فحسب، بل يجب علينا أيضًا أن نكون قادرين على نقل المعدات الثقيلة والدبابات وعدة عشرات الآلاف من الجنود بسرعة.»
 إن العضوية في حلف الأطلسي لم تعد موضوع نقاش في السويد. ويؤيد ذلك أكثر من 60% من السويديين، ويحظى الموضوع بإجماع بين الممثلين السياسيين. والسؤال الذي يشغل الأذهان هو كيفية الاستعداد لها بأفضل وأسرع وقت ممكن.

ولطالما اعتزت المملكة بصورتها كدولة محايدة ومروجة للسلام. وطوال فترة الحرب الباردة، ظلت متمسكة بمبدأها الرسمي المتمثل في عدم الانحياز العسكري في أوقات الحرب. لكن الأمور تغيرت في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. بين عشية وضحاها تقريبًا، قامت السويد، التي قامت بتفكيك جيشها بالكامل بعد سقوط جدار برلين، بزيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير، وأعادت إطلاق التجنيد الإجباري، ونظفت مخابئها المضادة للطاقة الذرية، ووقعت، في عام 2016، مذكرة الاتفاق مع الناتو. وتزايدت التدريبات العسكرية المشتركة، وتبنى الجيش السويدي معايير وإجراءات حلفائه الغربيين. وعندما غزت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير-شباط 2022، طلبت فنلندا والسويد، اللتان كانتا متحدتين حتى ذلك الحين بموجب اتفاق دفاع مشترك، في مايو-أيار، الانضمام إلى عضوية التحالف الأطلسي. بالنسبة لنائب مدير وكالة أبحاث الدفاع السويدية نيكلاس جرانهولم يُعتبر هذا الفصلُ الفصلَ الأخير في عملية طويلة من التقارب، تسترشد بالبراغماتية. ويؤكد «في مواجهة روسيا الرجعية، ذات الطموحات الإمبريالية، فإن الموقف الوحيد الذي يضمن بقاءنا هو أن نكون جزءًا من تحالف». إذا لم تتخيل السويد على المدى القصير هجومًا مباشرًا من جانب روسيا على أراضيها، فإن ستوكهولم تتوقع أن تختبر موسكو، في غضون سنوات قليلة، مدى صلابة حلف شمال الأطلسي في جوارها.

«إذا تعرضت دول البلطيق أو فنلندا للهجوم، فسوف تنجر السويد إلى حرب إقليمية. نحن نعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية. وفي حالة نشوب صراع، فإن منطقة البلطيق ستصبح بلا شك مساحة للمواجهة، حيث ستتعرقل التجارة. وفي واقع الأمر، ستصبح السويد بمثابة منطقة خلفية، حيث تمر الموارد التي يجب نقلها من الغرب إلى الشرق. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يعد أمرًا بالغ الأهمية. فبعد عام من التوترات مع رجب طيب أردوغان، الذي رفع أخيراً حق النقض في الشتاء الماضي، كل ما كان  ينقصنا هو تصديق المجر على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي بشكل كامل.» وقع رئيسا وزراء السويد والمجر، يوم الجمعة 23 فبراير، على اتفاقية تعاون دفاعي ثنائي. دليل على «الثقة المتبادلة»، بحسب فيكتور أوربان، الذي ذكّر بأن «أعضاء التحالف يجب أن يكونوا مستعدين للموت من أجل بعضهم البعض».