لماذا لا تكون أوكرانيا مثل فنلندا والنمسا ؟

لماذا لا تكون أوكرانيا مثل فنلندا والنمسا ؟


رأى رامون ماركس في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن أوكرانيا تمر بأشد أزماتها-حيث تواجه تهديد الحشود الروسية على حدودها. وقبل سبعة أعوام حاول الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانكوفيتش، أن يقايض بلاده بإتفاق تجاري مع روسيا عوض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كعضو شريك. وأدى هذا إلى حركة المطالبة بالديموقراطية في “ميدان” كييف، التي أسقطت يانكوفيتش. ورداً على ذلك، غزت روسيا القرم وأثارت حرباً أهلية في شرق أوكرانيا. واليوم تحاول أوكرانيا صد العدوان الروسي، بدعوة حلف الناتو للتدخل بهدف حماية ديموقراطيتها الهشة من التهديد والتنمر الروسيين.

وهذه ليست الحكاية كلها. وهناك تجاهل للكيفية التي مهدت بها ديبلوماسية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الطريق أمام زعزعة استقرار أوكرانيا وتفككها. ومن خلال المبالغة في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد، فإن ديبلوماسيي بروكسيل بدعم من واشنطن، انتهى بهم الأمر إلى إهداء الرئيس الروسي فرصة ذهبية لقضم القرم وتقويض تطور أوكرانيا نحو الديموقراطية. ولولا المطالب المبالغ بها التي تقدمت بها بروكسل في المفاوضات، حول أساسيات الحكم في أوكرانيا، لكان أمكن تجنب تقسيم أوكرانيا، مع كل التبعات التي نجمت عن ذلك. وفي الوقت الذي طلبت فيه أوكرانيا وضعية الدولة الشريكة للاتحاد الأوروبي، فإنها دفعت ثمناً باهظاً للعضوية: احتلال القرم، وحرب أهلية لا مخرج لها في الدونباس، وسقوط 14 ألف قتيل.

ويقول الكاتب إن الوضع الذي وصلت إليه أوكرانيا ينطوي على دروس مهمة للحلفاء الغربيين في التعاطي مع الأزمة الحالية.ولم يفت الآوان بالنسبة إلى الغرب لاتباع مقاربة ديبلوماسية أكثر توازناً للعودة إلى وضع أكثر استقراراً. والحلفاء في الناتو ليست لديهم خيارات عسكرية واقعية من أجل الدفاع بنجاح عن أوكرانيا، وحتى أنه ليست لدى الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو القدرة أو الإرادة للمضي في هذا المسار.

وعوض ذلك، فإن المخطط الديبلوماسي الناجح الذي أدى إلى وضعي الحياد في فنلندا والنمسا إبان الحرب الباردة، يمكن أن يتم تبنيه لحل الأزمة في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه يتعين على الغرب أن يواصل التأكيد على الثمن المخيف الذي ستدفعه روسيا اقتصادياً في حال غزت أوكرانيا، كما أن تقديم ضمانات مناسبة لموسكو حول عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، يمكن أن تكون جزءاً من الحل.

وفي هذه الأثناء أيضاً، هناك حاجة لبروكسل وموسكو وواشنطن وكييف، كي تجد طريقة تسمح بتحقيق مكاسب تجارية متبادلة بين كل الأفرقاء، من أجل إعادة السلام إلى الدونباس، والعثور على تسوية تحفظ ماء الوجه للغرب حيال الأمر الواقع الذي فرضه بوتين في القرم. وهذه المرة يتعين على بروكسيل عدم رفض التفاوض على على أكثر من مسار ومع كل الأطراف المعنية. ومهما يكن من أمر، لربما كانت أوكرانيا اليوم أفضل لو لم تبدأ مفاوضات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكن من المؤمل أنه لا يزال هناك ما يكفي من الوقت لانتهاج ديبلوماسية فاعلة قبل أن تنفجر حرب حقيقية.