لهذا علينا القضاء على حالات العمى التي يمكن تجنبها

لهذا علينا القضاء على حالات العمى التي يمكن تجنبها

تشير التوقعات إلى ارتفاع أعداد حالات العمى بمعدل 41 بالمئة بحلول العام 2050 ، فيما سترتفع أعداد حالات ضعف الرؤية بمعدل 38 بالمئة خلال الفترة ذاتها. بيدَ أن 90 بالمئة من هذه الحالات يمكن الحؤول دون وقوعها إذا ما استعنّا بحلولٍ موثوقة ورخيصة لا تكلّف سوى 25 دولاراً أمريكياً في بعض البلدان.

لكن بالرغم هذه التوقعات المشؤومة إلا أن معظم بلدان العالم لا تركّز على الاستثمار في رعاية صحة العيون بقدر تركيزها على أمراضٍ أخرى، وهذا واقعٌ لا يساعد المنظمات الخيرية على خفض معدّل حالات فقدان البصر التي يمكن اتقاؤها، بما فيها مؤسسة "فريد هولوز".
تعيش فاطمة في إثيوبيا، في بلدٍ يحمل على عاتقه نصف أعباء العالم التي يخلفها مرض الرمد الحُبيبي (التراخوما) الذي يتصدر قائمة الأمراض المعدية المسببة للعمى حول العالم، علماً أننا قادرون على تجنب حالات العمى التي تنجم عنه إذا ما تدخّلنا في مرحلةٍ مبكرة وعملنا على تحسين فرص تأمين المياه النظيفة.

لم تعد فاطمة قادرةً على الرؤية بوضوح منذ سنتين، وهي أمٌّ لخمسة أطفال، وبالتالي لم تعد قادرةً على رعايتهم والاعتناء بهم على نحوٍ صحيح، كما فقدت استقلاليتها الشخصية والمالية حيث لم تعد تستطع أن تتنقل بمفردها.
كانت فاطمة قد عانت من تكرار الالتهابات التي ألحقت الأذية بجفنيها العلويين، مما أدى إلى تقوس رموشها نحو الداخل، فصارت تحتك بعينيها وتؤلمها، معرضةً بصرها للخطر.

وغالباً ما تأتي أمهاتٌ من أمثال فاطمة إلى مخيمات صحة العيون التي تدعمها مؤسسة "فريد هولوز" طلباً للمساعدة في إنقاذ أبصارهن.
وقد نجح طبيبٌ جرّاح درّبته المؤسسة في إجراء عمليةٍ أنقذت بصر فاطمة، وحالت دون إصابتها بعمى غير قابل للشفاء، وكلّ هذا بفضل التمويل الذي سمح بتأمين خدماتٍ شاملةٍ مجانيّة لصحة العيون.

إلا أن حالة فاطمة ليست استثنائية للأسف، فهناك أكثر من 125 مليون إنسان يعيش في مناطق يتوطن فيها الرمد الحُبيبي فيتسبب بخسائر إنتاجية حول العالم تقدر بنحو 8 مليارات دولار سنويّاً.
وهذا يؤدي إلى تدمير الرفاه الاقتصادي لمجتمعاتٍ بأسرها، ويحاصر الأسر المتضررة في دوامةٍ من الفقر لا مهرب منها، لا سيما وأن هذه الأمراض تنتقل من جيلٍ إلى جيل.

والواقع يؤكد أن الكثير من البلدان لا تركّز على الاستثمار في صحة العيون، بل على الأمراض المزمنة والمعدية وعلى خفض معدلات الوفيات بين المواليد والأمهات.  
غير أن استعادة حاسة البصر لا تقتصر في نتائجها على علاج العمى الذي يعاني منه شخصٌ ما إنما تسهم أيضاً في دعم مجتمعه واقتصاد بلده ككل.
ففقدان الرؤية يكلّف الاقتصاد العالمي اليوم ما لا يقل عن 411 مليار دولار أمريكي سنوياً على شكل خسائر في الإنتاجية، علماً أن النسبة الأعظم من الخسائر تقع في دول شرق وجنوب آسيا (حيث تبلغ 206 مليارات دولار أمريكي).

لذا فإن القضاء على العمى الذي يمكن تجنبه يمثّل وسيلةً فعّالة في كسر حلقة الفقر كي تتحرّر منها الأسر التي كانت عالقة فيها، كما أن هذا يسمح للبلدان بتوسيع فرصها الاقتصادية والارتقاء بها على المستويات الفردية والمجتمعية والوطنية.
فكلما استعاد إنسانٌ بصره انفتحت أمامه أبوابٌ يمكن له من خلالها تحسين حياته على صعيد التعليم أو العمل أو الإنتاجية، وهذا ما يضع حجر الأساس لبناء مجتمعاتٍ أكثر استدامةً وإنتاجية، أي يمكن للأطفال أن يذهبوا إلى مدارسهم، ويمكن لأهاليهم أن يجدوا عملاً لإعالة أسرهم، ويمكن للمجتمعات المستدامة أن تسهم في النمو الاقتصادي لبلدانها.

وكشفت دراسةٌ نفذتها شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" الاستشارية سنة 2014 أن كلّ دولار أمريكي نستثمره في مجال صحة العين في باكستان يعود بمعدل 6 دولارات أمريكية من المكاسب الاقتصادية لصالح البلاد، في حين أن معدل العائدات على الصعيد العالمي يبلغ 4 دولارات أمريكية.
كما بيّنت دراساتٌ أخرى أنه إذا ما تلقت الفتيات اللواتي تعانين من ضعفٍ أو فقدانٍ للرؤية الرعايةَ المناسبة، فإن مدخولهن سيزيد في نهاية المطاف بمعدل 10 إلى 20 بالمئة سنوياً مقابل كلّ عامٍ تبقين فيه على مقاعد الدراسة.

ولا بد من الإشارة إلى أن 9 من أصل كل 10 أشخاص يعانون من فقدان أو ضعف البصر لا يفترض بهم أن يكونوا كذلك، وإذا ما أردنا القضاء على العمى الذي يمكن تجنّبه في البلدان النامية لا بد أن نبدأ اليوم بتخصيص 128,2 مليار دولار أمريكي يجري استخدامها على مدى 10 سنوات.

فما من مبرّر لارتفاع أعداد حالات العمى بمعدل 41 في المئة بحلول العام 2050 إذا ما ارتقينا بجهودنا، وثمّة حاجةٌ ماسّةٌ اليوم إلى بناء استثماراتٍ وشراكاتٍ مستدامة من شأنها القضاء على حالات العمى التي يمكن تجنبها.
وهكذا يمكننا أن نسهم معاً في بناء مستقبلٍ أفضل للجميع، مستقبل لا يعاني فيه أي إنسان من حالات ضعف أو فقدان الرؤية التي يمكن تجنبها.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/