مهاجمته بمثابة توقيع شهادة وفاة سياسية

لهذا لم يفقد دونالد ترامب نفوذه بين الجمهوريين...!

لهذا لم يفقد دونالد ترامب نفوذه بين الجمهوريين...!

-- حسب ترامب، العالم منقسم بين رابح وخاسر، لذلك لا مجال للاعتراف بخسارته
-- يعتقد 61 % من الجمهوريين أن انتخابات 2020 «سُرقت» منه
-- جزء من أنصار ترامب يأملون في حدوث تحول يمكّن بطلهم من استعادة السلطة هذا الصيف
-- اليمين الراديكالي، الذي كان موجودًا داخل الحزب الجمهوري كأقلية، أصبح يمثل الأغلبية
-- على اليمين، ستكون انتخابات التجديد النصفي بمثابة تجديد لمجد ترامب


مرّ دونالد ترامب من جرينفيل، نورث كارولينا أمس الأول السبت حيث ألقى خطابًا في مؤتمر الجمهوريين بالولاية. وهذه واحدة من التظاهرات العلنية النادرة للرئيس السابق، المنعزل في مقرات اقامته في مارا لاغو (فلوريدا) وبدمينستر (نيو جرسي) منذ مغادرته البيت الأبيض. بعيدًا عن السلطة، لا يزال الرئيس السابق مؤثرًا في اليمين الأمريكي، يستقبل بانتظام كبار حزبه، ويملك حق الحياة أو الموت على جميع المرشحين لانتخابات التجديد النصفي المقبلة عام 2022.  «يمتلك ترامب 74 مليون صوت “تم جمعها خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020”..

تذكّر ماري سيسيل نافيس، الباحثة في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، ولكل شخص سبب وجيه لدعمه وخطب ودّه داخل حزبه. ما وراء المقتنعين، هناك انتهازيون لا يريدون المجازفة بان يُعزلوا عن ناخبيه، وهناك خائفون لأن مقاعدهم محور منافسة عام 2022 ويمكن أن يواجهوا مرشحا ترامبيا في الانتخابات التمهيدية «.

   في جميع الولايات التي تطرح مقعدًا للمراهنة العام المقبل، حوّل هذا الوضع السباق على ترشيح الحزب الجمهوري إلى “مسابقة على لقب ترامب العام”، يسخر جان إريك برانا، الأستاذ المحاضر في جامعة باريس 2 بانتيون أساس. ويتابع: “كل المسؤولين الجمهوريين المنتخبين على كرسي هزاز، وما على دونالد ترامب سوى الضغط على الزر. على اليمين، ستكون انتخابات التجديد النصفي بمثابة تجديد لمجد ترامب، لأن ناخبي الحزب ما زالوا يبايعون الرئيس السابق، وهنا مفتاح كل شيء «.

الأغلبية لأفكاره
 داخل الحزب
   بعد ستة أشهر من مغادرته البيت الأبيض، لا يزال الرئيس السابق يتمتع بشعبية كبيرة داخل اليمين الأمريكي. ووفقًا لاستطلاع أجرته بوليتيكو/ مورنينغ كونسلت، في أوائل مايو، فإن 81 بالمائة من الجمهوريين يدينون بالولاء اليه. علاوة على ذلك، فإن نظرياته التآمرية قد انغرست على نطاق واسع في ناخبيه. وحسب استطلاع أجرته وكالة رويترز / إبسوس في نهاية مايو، يرى 53 بالمائة من الجمهوريين، أن دونالد ترامب هو “الرئيس الحقيقي”، ويعتقد 61 بالمائة من الجمهوريين أن انتخابات 2020 “سُرقت” منه.

   وبفضل هذه الأسطورة، جزئيًا، يفلت ترامب في الوقت الراهن من التقليد الأمريكي الذي يريد أن يتراجع المرشح المهزوم الى الخلف ويبتعد عن الاضواء. “ان تعهّد سردية الانتصار جزء من علامة ترامب التجارية منذ الثمانينات”، تقول ماري سيسيل نافيس، فمن وجهة نظره، إن العالم منقسم بين رابحين وخاسرين، لذلك من غير الوارد الاعتراف بأنه خسر».    في الأسابيع الأخيرة، أطلق مجلس الشيوخ الجمهوري الذي يسيطر عليه الجمهوريون في ولاية أريزونا، إجراءً جديدًا لإعادة الفرز في مقاطعة ماريكوبا. ويأمل جزء من أنصار دونالد ترامب في حدوث تحوّل حتى يتمكن بطلهم من استعادة السلطة هذا الصيف.

    في مجال الأفكار، يواصل الرئيس المنتهية ولايته هيمنته بين الجمهوريين. في فبراير، خلال مؤتمر العمل السياسي المحافظ، موسم الحج الكبير للمحافظين الأمريكيين، هاجم في خطاب لاذع الرياضيين المتحولين جنسيا. ومنذئذ، غيرت العديد من الولايات الجمهورية تشريعاتها لمنعهم من ممارسة الرياضة الجامعية. “لم يعد يتحدث فقط عن الحدود، التي كانت أصله التجاري منذ فترة طويلة، ولكن أيضًا عن الإجهاض، والحق في التصويت، والمسألة العرقية، والتعليم في المدرســة، يحدد جان إيريك برانا.

وهذا اليمين الراديكالي، الذي كان موجودًا داخل الحزب الجمهوري كأقلية، أصبح يمثّل الأغلبية «.    ورغم الهجوم على الكابيتول هيل في 6 يناير، رفض الجمهوريون عزل دونالد ترامب في أوائل فبراير. كما أنهم لم يعملوا مع الديمقراطيين لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة في هذا الشأن. وبعد ستة أشهر من مغادرته البيت الأبيض، لا تزال مهاجمة دونالد ترامب بمثابة توقيع شهادة وفاة سياسية، كما لاحظت ليز تشيني، التي أطيح بها من منصبها باعتبارها الشخصية الثالثة للجمهوريين في مجلس النواب، في الأسابيع الأخيرة. في نفس الوقت، يستفيد المسؤولون المنتخبون المؤيدون لمنظمة كيو أنون، مثل النائب جورجي مارجوري تايلور جرين، من منبر لا مثيل له.

الصمود حتى
عام 2024
   هل يمكن أن تستمر قبضة ترامب الخانقة على “الحزب الكبير القديم” حتى عام 2024؟ بدون وسائل التواصل الاجتماعي، خسر الملياردير وسائل اتصاله اليومية بالناخبين وفي نفس الوقت القناة التي يحرص من خلالها على بقاء الجميع في الصف، معاقبا أدنى انحراف بتغريدة غاضبة.
وقد أطلق دونالد ترامب مدونة في 4 مايو لمعالجة هذا العائق الخطير، لكنه أغلقها بسبب قلة المتابعة.

   و”إذا استمر في الظهور العام، فأيضًا من أجل الحفاظ على اتصال مباشر مع قاعدته”، تلاحظ ماري سيسيل نافيس. بعد نورث كارولينا، سيسافر الرئيس السابق إلى أوهايو وفلوريدا هذا الصيف لإحياء الذكريات الجيدة للناخبين. ان “انتخابات التجديد النصفي ستكون اختبارا حقيقيا، تتابع الباحثة، وإذا تولى الجمهوريون مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فسيكون ذلك مؤشرا جيدا للمستقبل».

   لكن ما بعد عام 2022 قد يكون عاصفا أكثر بالنسبة لدونالد ترامب. “ستكون لدينا صورة أوضح قليلاً داخل الحزب الجمهوري بين المدافعين عن “الكذبة الكبرى”الذين يحافظون على فكرة الانتخابات المسروقة عام 2020 وأولئك الذين يريدون الانتقال الى شيء اخر والمضي قدمًا”، ترى ماري سيسيل نافيس. و”سيكون الأمر أكثر تعقيدًا، لأن خصومه داخل الحزب سوف يتساءلون عن كيفية منعه وسيناورون، يضيف جان إريك برانا، ومن الواضح أن البعض لن يبقوا في ظل ترامب، ولن يسمحوا له بمصادرة انتصار معسكرهم».