متى يُنهي اليسار نفاقه بسبب إيران؟

متى يُنهي اليسار نفاقه بسبب إيران؟


انتقد الباحث في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين الإدارة الأمريكية لأنها تبنت استراتيجية إيرانية تقوم فقط على مناقضة استراتيجية الرئيس السابق دونالد ترامب.
إذا دمر زلزال منطقة بوشهر، لن تقع كارثة في حجم تشرنوبيل وحسب، بل إن الرياح ستدفع الغيوم المشعة على امتداد الخليج العربي ! انسحب ترامب من الاتفاق النووي؟ إذاً يجب أن يكون الهدف العودة إليه بدلاً من معالجة عيوبه الجوهرية. هل تبنى ترامب حملة الضغط الأقصى لفرض تغيير سلوكي على طهران؟ إذاً إن الخطوة الأولى لفريق بايدن يجب أن تقود إلى إمطار طهران بتخفيف للعقوبات. كتب روبين في مجلة “واشنطن أكزامينر” أن هناك واقعاً لا يناسب إدارة بايدن، هو العلاقة المباشرة بين التجارة والإرهاب بفعل قبضة الحرس الثوري الخانقة على غالبية الصناعات.

إذا أراد الليبيراليون النجاح في القضايا المرتبطة بإيران فسيكون عليهم تغيير مسارهم. وعوض تقديم أنفسهم سياسيين يناقضون سياسة الجمهوريين، فسيتوجب عليهم أن يكونوا صادقين مع مبادئهم المعلنة عن دعم العمال وحماية البيئة، والدفاع عن حقوق الإنسان. ومضى أكثر من 15 عاماً على إهدار الرئيس جورج بوش الابن لحظة ليخ فاليسا الإيرانية (فاليسا هو رئيس بولونيا الأسبق ومؤسس أول حركة نقابية في المعسكر الاشتراكي) حين خرق سائقو الباصات حظر حكومتهم الإيرانية، ليشكلوا أول نقابة مستقلة. واليوم، تمثل النقابات قوة متنامية في إيران يخشاها المرشد علي خامنئي، والرئيس ابراهيم رئيسي، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي.

ويوم الاثنين، نفذ الأساتذة إضراباً في إيران للمطالبة بحقوق أساسية. ومن وجهة نظر استراتيجية نووية، يجب أن يكون تشجيع النقابات أمراً بديهياً لأن كل دولار يدفعه الحرس الثوري لعمال مصانع النسيج، أو قصب السكر، هو دولار لا يمكن استثماره في الصواريخ البالستية، أو أجهزة الطرد المركزي. إذا شل إضراب عام حقول إيران النفطية حيث يواجه العمال ظروفاً غير آمنة ومستويات معيشية سيئة، لن يصدر للنفط إلى الصين أو بيونغ يانغ، فذلك فإن تدعم المنظمات النقابية الأمريكية والأوروبية العمال في كل مكان ما عدا إيران، يجب أن يدفع بعض الليبيراليين إلى إعادة تقييم أفكارهم.

وإضافة إلى العمل النقابي المنظم، تخشى القيادة الإيرانية بشكل متزايد الناشطين البيئيين. فالبيئة قضية قادرة على توحيد الإيرانيين من مختلف الطبقات، والإثنيات، والأديان والتوجهات السياسية. ولهذا السبب، غالباً ما توقف الأجهزة الأمنية الناشطين البيئيين بناء على تهم مختلقة.
واندلعت تظاهرات في أصفهان في الشهر الماضي حيث أصبح النهر الأساسي، الذي اعتاد روبين دراسة الفارسية وتبادل الأحاديث مع المتنزهين على ضفافه، جافاً بعد سنوات من سوء إدارته بيئياً.

وأضاف روبين أن المنطقة المنتجة للنفط بالقرب من الخليج العربي، هي برميل بارود بما أن سكانها ينتفضون ضد التلوث الشامل.
ومجدداً، ثمة زاوية نووية في الموضوع حسب روبين، فمفاعل بوشهر النووي مبني في منطقة معرضة للزلازل، وإذا دمر زلزال منطقة بوشهر، لن تقع كارثة في حجم تشرنوبيل وحسب، بل إن الرياح  ستدفع الغيوم المشعة على امتداد الخليج العربي، نحو قطر، ثم الساحل الشرقي للسعودية، قبل وصولها إلى جنوب العراق. وليس السؤال هل يحصل ذلك أم لا؟ بل متى سيحصل؟. ومع ذلك، وبدل أن تدافع عن الناشطين البيئيين الإيرانيين، تبقى المنظمات الأمريكية صامتة.

وفي أحيان كثيرة يُخضع الليبيراليون، الدفاع عن حقوق الإنسان للوعود بتقدم ديبلوماسي. ومنذ ثلاثة عقود، اقترح وزير الخارجية الألماني مشروع تعاون حرج، ستنهي أوروبا عزلة إيران لكنها تربط تجارتها وعلاقاتها بإرادة طهران في الحديث عن حقوق الإنسان. استغرق الأمر أقل من عام لتسقط ألمانيا المكون الأساسي في سياسة الانفتاح مقابل مواصلة عقود الأعمال مع طهران. وتابع روبين أنه منذ 12 عاماً، ظل الرئيس باراك أوباما صامتاً إلى حد كبير حين انتفض الإيرانيون ضد تزوير انتخابي واسع النطاق. لقد خشي أن يؤدي حديثه عن الموضوع إلى تقويض الديبلوماسية.
أما الموفد الخاص بإيران روب مالي، فإن اعتقاده الراسخ في صلاح القادة الإيرانيين جعله الموازي الديبلوماسي لشخصية تشارلي براون الكرتونية، التي كلما حولت لتركل كرة القدم، سقطت أرضاً.

النظام لا الشعب الإيراني
إذا كان فريق بايدن يؤمن حقاً بقوة حقوق الإنسان فعليه ألا يكرر ما فعله ترامب، وأوباما، وبوش ،أي وضع الترويج لحقوق الشعب الإيراني في صلب سياسة مناصرتهم. في نهاية المطاف، لم تكن المشكلة مع إيران في الشعب الإيراني، بل في النظام الذي يقمعه.
ورأى روبين في الختام أنه إذا وضع فريق بايدن المبادئ في مرتبة أعلى من السياسة، فقد يكتشف أنه قادر على تحقيق اختراق بعيد المنال بصرف النظر عما يريده النظام.