مستوى كارثي للهجرة في إيران مع تضاؤل الأمل بالإصلاح

مستوى كارثي للهجرة في إيران مع تضاؤل الأمل بالإصلاح


خلافاً للكثير من الإيرانيين، لم تحلم مريم أبداً في الهجرة إلى بلد غربي. وكانت تعتقد أن بلدها الأصلي يمكن أن يوفر مستقبلاً مشرقاً لإبنها البالغ من العمر عشرة أعوام.
لكن هذه السنة، كادت شركة الاستيراد التي تديرها منذ عقدين تنهار، نتيجة تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة. وشكل انتخاب المتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً في يونيو (حزيران)، ضربة لآمالها بأن الوضع يمكن أن يتحسن.

وكتبت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن مريم البالغة من العمر 43 عاماً لم تعد تتمسك بالأمل. وقالت: “اقتربنا من الإفلاس بسبب تدهور قيمة الريال (الإيراني) واستغنينا عن 16 موظفاً هذه السنة...كما أن الإنتخابات لم تساعدني على الإحتفاظ بالأمل. وأدركت أنه لا يهم ما يريده الناس وأن الإصلاح لا يمكن أن يحصل».

وفي الصيف الماضي، عرضت العائلة الفيلا التي تملكها في شمال إيران للبيع وانتقلت إلى تركيا. وهي تخطط لشراء عقار بـ250 ألف دولار، يؤهلها للحصول على جنسية دائمة ومن ثم ستحاول الهجرة إلى كندا أو أوستراليا. ولا يحتاج الإيرانيون إلى تأشيرة للدخول إلى تركيا، وهم أكثر المشترين للأملاك التركية في عام 2021. إذ إبتاعوا 8594 منزلاً في تركيا بين يناير(كانون الثاني) ونوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام، أي بزيادة عن 6425 منزلاً في الفترة نفسها من عام 2020.

وهاجر 42 ألف إيراني إلى تركيا عام 2019، استناداً إلى آخر الأرقام المتوافرة، مقارنة مع 32 ألفاً في العام الذي سبق ونحو 15 ألفاً عام 2016. وغادر نحو 18 ألف إيراني تركيا عام 2019، من دون أن يتضح ما إذا كانوا عادوا إلى بلدهم أو ذهبوا إلى بلدان أخرى.

وفي الوقت الذي تتوافر معلومات ضئيلة في ما يتعلق بالهجرة أو فرار الرساميل، فإن النائب الإيراني المتشدد روح الله حضرتبور وصف المستوى الحالي للهجرة بأنه “كارثي”. وتساءل: “ماذا فعلنا للناس حتى صاروا ينفقون مدخراتهم لشراء منازل وأملاك في بلدان أخرى؟”، مشيراً إلى أن “الناس مستاؤون من التوتر المتزايد في العلاقات مع العالم».

وأكد وزير التعليم الإيراني السابق منصور غلامي في وقت سابق من هذه السنة، أن 900 أستاذ جامعي غادروا البلاد عام 2019 وحده. وأفاد المسؤول في المجلس الطبي في إيران الذي ينظم مهنة الطب والعناية الصحية علي سالاريان الشهر الماضي، أن ما يصل إلى 3 آلاف طبيب يغادرون البلاد كل سنة.

وغادر الكثيرون منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979 وبعد الحرب مع العراق في الثمانينات. وفي العقود الأخيرة، كان فقدان الأمل بالإصلاح الدافع إلى الهجرة.

وخلصت الكاتبة إلى أن معارضة المتشددين لأي تغيير ذي معنى، بدد آمال الإيرانيين المؤيدين للديمقراطية. ويشكك الإيرانيون في أن ينجم عن المفاوضات النووية الجارية في فيينا، أي نتائج دائمة. ومع نسبة تضخم بالغة 45 في المئة والإنهيار في قيمة العملة الوطنية منذ 2018، فإن الكثير من المواطنين يعتقدون أنه مهما بذلوا من جهود، فإن الأمور لن تتغير.