رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
«البطاطا» آخر قلاع الحزب لتأمين التمويل
ميليشيا حزب الله تسابق الزمن لإغراق المنطقة بالمخدرات
لم تنته قضية توقيف الأمن السعودي شحنة ضخمة من مخدر “الكبتاغون” المخبأة داخل أكواز فاكهة الرمان قبل أيام، بل يبدو أنها تتجه للتفاعل أكثر من أي وقت مضى، تجارة حزب الله الكاسدة يدفع ثمنها المزارعون والتجار اللبنانيين، وتهدد أرزاقهم.
يؤكد مصدر أمني في بيروت لموقع 24، أنه بعد توقيف القوى الأمنية اللبنانية لأحد أكبر مصنعي مخدر الكبتاغون “حسن د.”، وهو قيادي في ميليشيات “سرايا المقاومة”، الفرع السني لحزب الله، بدأت التحقيقات السريعة معه تعطي نتائجها، وأولها معلومات عن عدد من عمليات تهريب المخدرات المرسلة من مرفأ بيروت إلى الخليج وأوروبا، وجاءت باكورتها توقيف السعودية 5 ملايين حبة من مخدر “الكبتاغون”، موضبة بأكواز فاكهة الرمان، بالتزامن مع توقيف شحنة مخدرات مرسلة إلى أوروبا أيضاً.
وجاء النجاح في الحصول على المعلومات من الموقوف “حسن د.”، بعد شكاوي عدة أرسلتها دول عربية للحكومة اللبنانية، تنبه فيها من إغراق شوارعها بمخدر “الكبتاغون” الذي يقوم بتصنيعه عناصر حزب الله، ولكن الحكومة في بيروت التي تسيطر عليها الميليشيات لم تتدخل، وتركت لها حرية الاستيراد والتصدير عبر المرافئ من دون تدخل أو محاولة لوقف التهريب، الذي يدمر أجيال الشبان.
بضائع لبنان.. موقوفة
وجاء رد الفعل السعودي الأول بوقف استيراد الخضار والفاكهة، وهي المادة الوحيدة حالياً التي تساهم بدخول العملة الصعبة لآلاف العائلات اللبنانية، وهي تجارة تنقذ عشرات آلاف العمال اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين من العوز والجوع بسبب الأزمة الاقتصادية.
ولكن أمام محاولات ميليشيات حزب الله المستمرة لإغراق الأحياء والشوارع العربية بالمخدرات الرخيصة والقاتلة، لم يعد أمام العواصم في المنطقة إلا المواجهة الصعبة، عبر سد هذا الباب، ووضع اللبنانيين جميعاً أمام مسؤولية وقف “حرب المخدرات».
ويعتبر أحد المحامين الناشطين في بيروت بحديث مع موقع 24، أن الكميات الضخمة من المخدرات التي يحاول بها حزب الله اختراق الأسواق العربية ليس هدفها الربح فقط، وإنما تدمير المجتمع من خلال عرض بضائع رخيصة جداً يسهل نقلها والتجارة بها وخصوصاً لدى الفتية في المدارس، ما يولد أجيالاً مريضة ومهزومة وغير قادرة على التطور والإنتاج والتسابق مع دول العالم في المجالات السلمية والإنسانية.
ويعتبر المحامي أن من دمر لبنان بالتقسيط منذ عام 1993 إلى اليوم لن ينتج وضعاً أفضل، مذكراً بحروب حزب الله التي كان هدفها التدمير فقط منذ عام 1993 مع وصول رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة، وكذلك عام 1996 وصولاً إلى عام 2008 وبعدها حرب عام 2006 التي دمرت البنى التحتية اللبنانية.
ويؤكد أن حزب الله عمل باستمرار على تدمير ما أمكنه من مجتمعات، ويذكر بمجازره في الحرب السورية وكذلك في اليمن والعراق، ليشير إلى أن هدف هذه الميليشيات ليس سياسياً حتى، بل هو تخريبي ويدمر إمكانية الخروج من الحروب، ومنع التطور العلمي والاقتصادي.
وعن إعلان الميليشيات أنها ستقوم بشراء المحاصيل الزراعية التي كانت تُصدر للخليج، يشير الحقوقي إلى أنها كذبة جديدة لحزب الله، والسبب برأيه أن ما يصدره لبنان من خضار وفاكهة تساوي مئات ملايين الدولارات سنوياً، وفي ظل إغلاق المنافذ على الميليشيات من الخارج فإن أي مشروع جديد لدفع المال للبنانيين سيؤدي إلى انهيارها.
ويقول المصدر إن “إعلان الميليشيات عن تسليم صناديق مساعدات شهرية للبنانيين تحول إلى كذبة بعدما توقفت عن استكمالها، بسبب التكلفة الهائلة التي لا تحتملها دول حتى».
وبسخرية يقول المحامي، إن “على حزب الله أن يجرب اليوم تجارة البطاطا وتعداد أنواعها عله يستفيد أكثر، لأنها ستتحول إلى آخر قلاعه الاقتصادية التي يطعم بها عسكره ويحارب فيها العالم بظل الحصار المفروض عليه».
وفي ضربات سريعة ومتلاحقة، وفي عدة دول، ينكشف بجلاء دور ميليشيا حزب الله في صناعة ونشر المخدرات، ليس فقط للربح، ولكن لتدمير الطاقات البشرية للدول المستهدفة.
وأعلنت النيجر، السبت، إتلاف 17 طنا من الحشيش قادمة من لبنان، كانت في طريقها إلى ليبيا حين ضبطتها الشهر الماضي، قبل أن ينجح المهربون في ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﺷﺎﺣﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻏﺎﺩﻳﺰ، ﻭﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺣﻮﺍﻟﻲ 37 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ.
وتوافق ذلك مع إعلان اليونان ضبط أكثر من 4 أطنان حشيش مخدر مخبأة في شحنة آلات صنع الحلويات “الكب كيك” قادمة من لبنان إلى سلوفاكيا، وقيمتها حوالي 33 مليون يورو.
وأشارت السلطات اليونانية إلى أن عملية الضبط هذه تمت بمساعدة من المديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية.
وللسعودية خبرات واسعة في ضبط شحنات المخدرات القادمة من لبنان وسوريا، والتي يمثل حزب الله عنصرا رئيسيا في تهريبها، ومن أحدثها ضبط أكثر من 5.3 ملايين حبة كبتاغون، يوم الجمعة في ميناء جدة.
وبحسب السلطات فإن الحبوب كانت مخبأة في شحنة فاكهة رمان قادمة من لبنان، ولكثرة تكرار عمليات التهريب التي اعتبرتها “عملية ممنهجة” ضدها، أصدرت السعودية بعدها قرارا بمنع دخول الخضروات والفواكه اللبنانية للبلاد، أو مرورها عبر أراضيها، ابتداء من الأحد.
وتعقيبا على هذه الحادثة، كشف السفير السعودي لدى لبنان، وليد بخاري، أنه تم إحباط تهريب أكثر من 600 مليون حبة مخدرة مصدرها لبنان خلال السنوات الست الماضية، إضافة إلى مئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر.
وبيّن أن: “الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها”، بحسب تصريحات نشرتها صحيفة “عكاظ” الأحد.
تأييد خليجي للسعودية وتحذير للبنان
وفور صدور القرار السعودي، أعلنت مملكة البحرين تأييدها له، وقالت في بيان لوزارة الخارجية إن القرار “يأتي لحماية المجتمع السعودي من أضرار المخدرات”، و”تنفيذا للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تحرّم استغلال حرية التبادل التجاري في تهريب المخدرات، والإضرار بمصالح الدول وسلامة مجتمعاتها».
وعلى ذات الخطى أعلنت الخارجية الكويتية، السبت، تأييدها للقرار السعودي، داعية السلطات في لبنان إلى العمل على ضمان خلو صادراتها من أي ممنوعات تعرض صادراتها للحظر والمنع، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الكويتية “كونا».
وشكلت زراعة الحشيش خلال الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990) صناعة مزدهرة تدر ملايين الدولارات، وبعد الحرب سعت السلطات للقضاء عليها، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل لتورط قوى سياسية في تجارتها، وعلى رأسها ميليشا حزب الله الذي أصدرت السلطات 52 مذكرة توقيف معظمها مرتبطة به في هذا الملف.
وبعد نشوب الحرب في سوريا سنة 2011، وانتشار ميليشا حزب الله على أراضيها، انفتح الباب بشكل أوسع لاستغلال الفوضى لزراعة وتصنيع المخدرات هناك، ومنها الكبتاغون شديد الخطورة، حتى لا يكد تمر أسابيع دون الإعلان عن ضبط شحنات ضخمة من المخدرات قادمة من سوريا أو لبنان إلى السعودية، مصر، اليونان، إيطاليا، وغيرها.
وتنشط مصانع حبوب الكبتاغون في عدة أماكن في لبنان، ابرزها في البقاع (شرق)، وفي شمال البلاد، كما يصنّع في سوريا والعراق ويصدّر بشكل خاص الى السعودية، بحسب ما جاء في تقرير للمرصد الفرنسي للمخدرات.