بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
ناشونال إنترست: على بايدن وضع استراتيجية جديدة في سوريا
رأى الكاتب آدم لامون في مقال مطول نشره في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن انتهاج سياسة أمريكية جديدة في سوريا لن تكون مكافأة للرئيس بشار الأسد، وإنما وسيلة لتمكين الولايات المتحدة من اختيار الرابحين والخاسرين في الشرق الأوسط.
وقال إنه رغم أن الرئيس جو بايدن ليس أول رئيس أمريكي تساءل عن فائدة الوجود الأمريكي في أفغانستان، فإن المنطق الذي كشفه عند الانسحاب يثبت مشكلة أكبر عن كيفية خوض واشنطن حروبها في الشرق الأوسط.
وبقدر ما تدحرجت حملة جورج دبليو بوش من حملة انتقامية ومكافحة الإرهاب إلى مشروع لبناء الدولة، توسع تدخل باراك أوباما في سوريا، إلى ما هو أبعد من النوايا الأصلية لإدارته.
ومن الضروري أن تُقدم إدارة بايدن على تقويم نشيط لاستراتيجيتها في سوريا للتأكد من أن السياسة الأمريكية تحقق المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وإذا كانت النتيجة سلبية، فعليها عندها المراجعة الفورية لتوفير الشروط لمخرج مشرف. أما العمل بخلاف ذلك، فمن شأنه فقط أن يضمن الترنح الحتمي للسوريين والحلفاء على حد سواء، ولبايدن وأي رئيس أمريكي في المستقبل في حرب أمريكية أخرى “لا تنتهي”.
وتحدث الكاتب بالتفصيل عن بداية التورط الأمريكي في الحرب السورية منذ 2013 إبان إدارة باراك أوباما، ومن ثم في عهد دونالد ترامب، وصولاً إلى بايدن.
وقال إن بايدن قادر على تقديم قضية مقنعة لرسم إستراتيجية جديدة بإثباته على نحوٍ صريح أن الاستراتيجية الحالية لا تخدم المصالح الأمريكية. وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه المسؤولون في إدارة ترامب متباهين عن عزل سوريا اقتصادياً “بهدف حرمان المستفيدين من غنائم الحرب” وتحويل الحرب إلى “مستنقع” على غرار التجربة السوفياتية في أفغانستان، فإن الحقيقة هي أن السياسة الأمريكية لم تحاسب الأسد أو تغيّر سلوكه أو تؤدي إلى حل النزاع، وكل ما فعلته أنها جعلت السوريين يعانون.
وفي الواقع، فإن الحرب الاقتصادية الأمريكية وجهت لكمتين إلى الاقتصاد السوري، إذ دفعت العقوبات الليرة السورية نحو سقوط حر، بينما منع قانون قيصر المساعدات التي تحتاجها بشدة البنى التحتية والاستثمار الأجنبي.
وباتت الظروف الإقتصادية سيئة جداً بحيث يعيش 83% من السوريين تحت خط الفقر، بينما يواجه 60% خطر الجوع بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية فضلاً عن الوقود المستخدم في التدفئة والطهي، فيما التنقلات نادرة. إن هذه السياسة الأمريكية تقتل السوريين، دون شك.
وأصدر الأسد سلسلة من المراسيم التي رفعت رواتب الموظفين الحكوميين والجنود 50%، فيما خفض في الوقت نفسه الدعم للخبز، والبنزين، والمازوت، وهي سلع أساسية يعتمد عليها السوريون في الطعام والطهي والتدفئة. وهذا يوضح أولويات دمشق.
وعدد الكاتب مبادرات الانفتاح من دول عربية على دمشق في الأعوام الأخيرة. وقال إنه بعد سنوات الحرب، فإن الأسد بات مدركاً أن بلاده باتت ملعباً لطموحات إيران التوسعية، وكيف تحولت سوريا إلى دولة مدمرة تعيش على المساعدات الإيرانية، وأن أمنه الشخصي يعتمد على الميليشيات المدعومة من إيران، والتي تتفوق على قوات نظامه في القوة القتالية والحجم.
ولفت الكاتب إلى أن خطط طهران لوضع هندسة ديموغرافية لسوريا بتوطين شيعة من أفغانستان، والعراق، ولبنان في المناطق التي كان يسكنها السنة، وتقديم حوافز مالية للذين يتحولون إلى المذهب الشيعي، وينضمون إلى ألوية عسكرية مدعومة من الحرس الثوري، لا تمر مرور الكرام.
ومع اقتراب الحرب من نهاياتها، ربما تحاول دمشق بحذر التحرك ضد طهران. ولا شك أن طرد أحد الجنرالات البارزين في فيلق القدس بالحرس الثوري من سوريا، كان بطلب شخصي من الأسد، بسبب “نشاطه المفرط” في سوريا، وهي إشارة إلى استخدام الحرس الثوري الأراضي السورية ضد إسرائيل، ما يدل على أن دمشق ربما بدأت تنظر إلى التمترس العسكري الإيراني باعتباره عائقاً. ومن شأن توفير بدائل لسوريا عن إيران أن يصب في مصلحة الولايات المتحدة.
إن سياسة أمريكية جديدة تعيد سوريا إلى الحظيرة الإقليمية لن تتطلب من الولايات المتحدة إنفاق أموالها على إعادة بناء سوريا، وليس المقصود منها مكافأة الأسد على سلوكه في العقد الماضي، وإنما المقصود منها أن تختار الولايات المتحدة بين الرابحين والخاسرين في الشرق الاوسط. وإذا أُجبرت على الاختيار بين الدولة السورية الضعيفة التي تتيح لإيران شن حرب على إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وبين دولة سورية مزدهرة تحافظ على توازن المصالح بين اللاعبين الإقليميين، والتي يمكن أن يعود إليها النازحون، سيكون خياراً سهلاً للولايات المتحدة. ورغم التحديات الكثيرة في الشرق الأوسط، فإن الأسد أثبت أنه هناك، ليبقى.