ناشونال إنترست: نهاية الأحادية القطبية تعيد التنافس إلى آسيا

ناشونال إنترست: نهاية الأحادية القطبية تعيد التنافس إلى آسيا


كتب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لشؤون آسيا وأمن المحيط الهادي والاس س. غريغسون في "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن غزو روسيا لأوكرانيا ودعم بكين لها يضعان حداً لأي آمال باستمرار الآحادية القطبية للولايات المتحدة، وللأفكار المتداولة عن أن النظام الديمقراطي الليبرالي يشكل المستقبل المستقر للحكم العالمي.

وتظهر الاستطلاعات في الكثير من البلدان الديمقراطية تغيراً ملحوظاً في ما يتعلق بالردع والدفاع، بما قد يكون انعكاساً للإقرار بهذا التحدي. لكن هذا التغيّر في الموقف، والموارد التي يمكن أن يولدها، هو تغيير موقت. ويجب أن نستجيب بسرعة من طريق وضع سياسات أمنية واستراتيجية ذات معنى لتحقيق التوازن الدولي والتغيرات العميقة في إدارة الحرب. ويجب إثبات القدرة على اتخاذ المبادرة، وكسب هذا الأمر، وليس فقط مجرد الاكتفاء برد الفعل. وقال الكاتب: "لقد فعلنا ذلك في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية. لكن نموذج ذاك الزمن لم يعد مناسباً. وكانت الحرب الباردة حدثاً بعينه وبشروط فريدة. وما يحدث اليوم ليس حرباً باردة جديدة، لكننا بحاجة إلى المنافسة مع الحفاظ على هذا التنافس بارداً. وهناك ضرورة للردع الفاعل، الذي لا شك في أنه سينتصر".

ولفت إلى أن "الخلاصة المنصفة لمصالحنا القومية تكمن في التركيز على صحة ورفاهية وأمن حلفائنا وأصدقائنا، خصوصاً تايوان. إن حلفائنا هم قوتنا الأعظم، ومصالحنا الحيوية تكمن في سلسلة الجزر الأولى، وليس في البر الآسيوي". هكذا كان الحال منذ عهد إدارة ترومان. ولا شك في أن مزيداً من التعريف لأمننا القومي يمكن أن نجده في إستراتيجية الأمن القومي لعام 2017 وفي استراتيجية الأمن القومي الموقت لعام 2021. ما الذي تغير منذ الحرب الباردة؟ إن الجواب المختصر هو "الكثير". وأحد الثوابت هو أن الأسلحة النووية هي التي تشكل ظروف النزاع. هناك ثلاث دول آسيوية مسلحة حتى أسنانها هي روسيا والصين وكوريا الشمالية.

والهجوم على بر دولة مسلحة نووياً يتطلب تفكيراً عميقاً. ورأى الكاتب أن التحدي الأبرز الذي يواجه الولايات المتحدة وحلفاءنا هو أن تفوقنا الجوي والبحري بات مهدداً. ومنذ 1945 وخلال ما تبقى من القرن العشرين، تمتعت الولايات المتحدة بتفوق جوي وبحري من دون منازع. وكان في إمكاننا أن نحلق، وأن نبحر وأن نعمل حيث نشاء، وكان في إمكاننا نشر قوات على اليابسة وإبقاءها هناك ما نريد. وحتى في الأيام الأولى للحرب الكورية، كانت قواتنا في الخارج هي أساس كل نجاحنا وخلاصنا من الكوارث. وكانت اليابان ملاذاً لقواتنا في الخارج يومذاك، وتقدم الدعم لميدان المعركة في شبه الجزيرة الكورية. وكانت قواتنا في الخارج إبان الحرب الفيتنامية ضرورية وغير قابلة للتحدي، يمكنها نشر أسلحة وقوات جوية وعتاد لوجستي كما نرغب. وكان البحر مكاناً عملانياً آمناً. وتمتعنا بتفوق جوي وبحري في آسيا.

الصين وملاذها الجغرافي
أما اليوم، فإن سيطرتنا على الجو والبحر تواجه تحدياً جدياً من برنامج التطور الشامل للصين، ومن ذخائر دقيقة طويلة المدى، ومن مراقبة واسعة الإنتشار. واستغلت الصين امتياز ملاذها الجغرافي الواسع، لبناء ترسانة من الصواريخ التي يبدو أنها قادرة على فرض سيطرة بحرية انطلاقاً من البر. لكنها ليست مقتصرة على خيار واحد. إذ إن هناك برنامجاً لبناء بحرية وعناصر تسليحية أخرى لـ"جيش التحرير الشعبي"، بما في ذلك المنظمات شبه العسكرية. ونفذت الصين من دون أن يردعها أحد عمليات تجريف في بحر الصين الجنوبي من أجل بناء مواقع عسكرية كبيرة في سبعة مواقع كانت عائمة سابقاً. والبعض يقدر بأن الصين قد فرضت سيطرة بحكم الأمر الواقع على بحر الصين الجنوبي من خلال هذه الإجراءات. وقواتنا وقوات حلفائنا وأصدقائنا في السلسلة الأولى من الجزر، هي مرمى القوات الصينية واستهدافاتها.

قدرة ملحوظة
وفيما يشهد التوازن التقليدي في الجو والبر والبحر تغيراً، يمكن أن تبرز مجالات جديدة للنزاع، مما يضفي مزيداً من التعقيد على الوضع. ويتعين استخدام كل عناصر القوة الوطنية.
إن النزاع الحالي في أوكرانيا يظهر قدرة ملحوظة لدى الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين والعديد من الدول الأخرى على التوافق بسرعة على توظيف مروحة واسعة من القدرات الوطنية، بما في ذلك عقوبات مؤلمة واستيلاء على السفن. والأمر نفسه يمكن أن ينجح في آسيا. وبينما يدور النزاع حول السيطرة البحرية والجوية على بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، فإننا نمتلك القدرة للسيطرة على عدد من المضائق المحدودة التي تسمح للصين بالقيام بتجارتها. وهذا يمنحنا القدرة للسيطرة على النزاع وعلى إحتوائه بينما نعمل في اتجاه شروط مقبولة لإنهاء الحرب.