هل ترسل روسيا صواريخ إلى كوبا؟

هل ترسل روسيا صواريخ إلى كوبا؟


عن تهديد موسكو بإرسال صواريخ إلى كوبا، سأل رئيس الإستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية والزميل غير المقيم في مركز بروت كرولاك للابتكار وحرب المسقبل في كلية مشاة البحرية جيمس هولمز، ما هي أنواع الصواريخ التي ستعمد إلى نشرها، وكيف ستجعلها ذات تأثير استراتيجي كبير؟.
وسارع مراقبون للوضع الروسي إلى إستعادة سابقة أزمة الصواريخ الكوبية، التي توحي بأن روسيا ستنشر نوعاً من الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية في الكاريبي.

وقال الكاتب في مقاله في مجلة “ناشونال إنترست”: “ربما يحدث ذلك. لكن التاريخ قد لا يكرر نفسه. وقد يلجأ الأقطاب الروس إلى خيارات أخرى غير الانتشار النووي-وهي خطوة ربما ترى روسيا أنها خطوة تصعيدية غير ضرورية. ومن الممكن أن يعتمدوا على الخيارات التقليدية». ومن هذه الخيارات، أن تلجأ البحرية الروسية إلى نشر عدد كبير من القطع البحرية مع قوة قتالية في الكاريبي، بحيث تكون قوة لها وزنها عند الخطوط البحرية في المنطقة. إن مثل هذه الخطوة ستجعل الولايات المتحدة تواجه مأزقاً قديماً جديداً، وتحديداً كيف ستؤمن الملاحة البحرية في العالم الجديد في مقابل القوى الغريبة الآتية من العالم القديم. ولفت الكاتب إلى وجوب التفكير في المكاسب التي تترتب على مثل هذه الخطوة. وفي عام 1879، أعلن المؤرخ البحري ألفريد ثاير ماهان عن “السمات الإستراتيجية لبحر الكاريبي وخليج المكسيك». أراد ماهان معرفة أين كانت البحرية الأمريكية بحاجة إلى قواعد لضمان سلامة وصول السفن الحربية والتجار الأمريكيين إلى بنما. كان الأطلس دليله الموثوق لهذا الغرض.

ورسم ماهان أول الأمر الطرق البحرية إلى المكان الذي سيصير في ما بعد قناة بنما من أوروبا ومن الموانئ الأمريكية على الخليج وعلى الساحل الشرقي. ثم، نظر في مواقع القواعد البحرية للجزيرة التي يمكن من خلالها للسفن الحربية التحكم في المرور. وكشفت الخريطة عن مواقع استراتيجية مهمة. ولاحظ أن كوبا الغنية بالثروات الطبيعية، من المناسب أن تستضيف أسطولاً. وفي ميدان الدفاع، لاحظ أن كوبا كانت عبارة عن قارة صغيرة يصعب فرض الحصار عليها. بينما المدافعون عنها يستطيعون ببساطة المناورة من ميناء إلى ميناء عبر خطوط داخلية، متفادين الأسطول الذي يفرض الحصار.

ووقع اختيار ماهان على جامايكا كأفضل مكان لإقامة قاعدة للتحكم بالوصول إلى قناة بنما لأنها تجاور كل خطوط الملاحة البحرية. لكن لأن جامايكا كانت تتبع لبريطانيا العظمى وبحريتها الملكية، فإن كوبا كانت أفضل ثاني بديل. وفي واقع الأمر، فإن الولايات المتحدة انتزعت الجزيرة من إسبانيا خلال الحرب الأمريكية-الإسبانية عام 1898. وتمركزت القوات الأمريكية مذذاك في خليج غوانتانامو بالقرب من الطرف الشرقي للجزيرة. وفي الواقع، من الممكن أن تهدد البحرية الروسية الملاحة بين خليج الولايات المتحدة وسواحل الأطلسي وكذلك الشحنات المتوجهة إلى المحيط الهادي عبر قناة بناما.
ومثل هذه المناورة الروسية يمكن أن تلحق ضرراً بالولايات المتحدة. وإذا ما إستطاعت البحرية الروسية التفوق على البحرية الأمريكية في المياه المحلية لأمريكا، فإنه سيكون في إمكانها التحكم بالقيادة البحرية - وفرض الحصار على ساحل خليج الولايات المتحدة بينما تغلق قناة بنما.

قد يبدو هذا من نسج الخيال. ولكن الأمر كان كذلك منذ سنوات عديدة عندما بدت فكرة غريبة أن قوة عظمى صاعدة سوف تشيد جزراً اصطناعية في بحارها القريبة وتجعلها منشآت حصينة. وهذا ما فعلته الصين في بحر الصين الجنوبي. لذلك يتعين على المسؤولين الأمريكيين التفكير في أمر لا يمكن تصوره حتى لا تفاجأ واشنطن مجدداً.