الهجمات الإلكترونية يمكن أن تمثل تهديداً أكبر

هل تصمد شبكة كهرباء أوكرانيا هذا الشتاء؟

هل تصمد شبكة كهرباء أوكرانيا هذا الشتاء؟

كان الصاروخ الروسيّ يتجه مباشرةً نحو غرفة التوربينات الخاصة بمحطة كهرباء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكنه اصطدم ببعض كابلات الكهرباء الممتدة خارج المحطة قبل كسرٍ من الثانية من الارتطام، فانحرف عن مساره.
كان هذا واحداً من بين ثمانية صواريخ سقطت منذ بدء الغزو العام الماضي وأصاب قادة أوكرانيين بالذعر. وليس مسموحاً التصريح باسم مدير المحطة المذكورة وموقعها، ولا مواقع المصانع التي سارَعت إلى تلبية طلبات المعدات الجديدة لاستبدال المعدات المتضررة. ولا يخفي المسؤولون مخاوفهم من أن يكون الشتاء المقبل  أسوأ من سابقه فيما يتعلق بإمدادات الكهرباء، حسب تقرير لمجلة «الإيكونوميست».
 
في ساحة التوزيع، ينكب العمال على تركيب عوازل جديدة بدلاً من العوازل السوفيتية التي ترجع إلى ستينات القرن العشرين وتحطمت في ضربة أخرى. تصدر الكابلات الموجودة في الأعلى طنيناً طفيفاً. ويجري توصيل محول عالي الجهد عمره 30 عاماً يتجاوز حجمه حجم قاطرة عوضاً عن محول آخر دُمِّرَ في هجوم آخر. هناك مهندسان منهكان يأخذان قيلولة تحت الظل.
 
تُحيط الحصون المملوءة بالرمال حول محطة الكهرباء بقطعٍ من الماكينات لحمايتها من شظايا التفجيرات. ولكن، بحسب تصريح مدير المحطة للمجلة البريطانية، في حالة وقوع إصابة مباشرة، ما باليد حيلة. وإحاطة المحولات عالية الجهد بجدران خرسانية ليس خياراً مقبولاً لأنها ترفع درجة حرارة المحولات.
لقد نالَ مهندسو أوكرانيا إشادة كبيرة إذ حالوا دون تداعي منظومة الكهرباء في أوكرانيا في شتاء العام الماضي عندما تعرضت لهجوم روسي مُستمر. وعُثِرَ على مخططات رائعة لنقل الكهرباء والمعدات في جميع أنحاء الدولة.
 
وقبل الغزو، كان لدى أوكرانيا القدرة على توليد طاقة كهربائية أكبر بكثير مما تستهلكه، مما كفلَ لها احتياطاً إذ دُمِّرَت أجزاء من منظومة الكهرباء. وترتب على برنامج التحديث الأخير أن أوكرانيا لديها كثيراً من المحولات القديمة ولكنها خرجت من الخدمة مؤخراً ويمكن إعادة توصيلها. ورغم ذلك، لم يكن لدى الأسر الأوكرانية المتوسطة خلال الفترة بين 10 أكتوبر (تشرين الأول) ونهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي كهرباء لفترة تراكمية مدتها خمسة أسابيع.
لقد كان الضرر الذي ألحقه الروس بمحطات الكهرباء لإخضاع أوكرانيا بسبب الشتاء القارس هائلاً. وفقاً لتقرير صدرَ عن برنامج الأمم التحدة الإنمائي، تراجعت قدرة توليد الكهرباء في أبريل (نيسان) 2023 بنسبة 51% عما كانت عليه قبل الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022. وتمثل الطاقة النووية الجزء الأكبر من إنتاج الكهرباء في أوكرانيا.
 
تراجع قدرات 
توليد الكهرباء
وفي حين أن المحطات النووية الثلاث العاملة في أوكرانيا لم تتعرض لهجوم روسيّ بعد، فإن استيلاء روسيا على محطة زابوريجيا الأكبر في أوروبا كلها ترتب عليه تراجع قدرات توليد الكهرباء بالطاقة النووية بنسبة 44%.
يعكف مهندسو أوكرانيا على مدار الساعة، بدعمٍ ومساعدات مالية من الحلفاء، على إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل حلول الشتاء المقبل، غير أن عملية الإصلاح والصيانة بطيئة. وثمة حاجة إلى مائة محول جديد عالي الجهد، نصفها يُنتج محليّاً والنصف الآخر يُشترى من الخارج. غير أن الهجمات التي تشنها روسيا على المصانع الأوكرانية أدّت إلى صنع عددٍ محدود جداً من المحولات المحلية. وستُحفَظ المحولات القادمة من الخارج في بولندا ورومانيا لحين الحاجة إليها.
 
خبرة أوكرانيا في 
التعامل مع الهجمات
ويتمتع الأوكرانيون الآن بخبرةٍ كبيرة في كيفية التعامل مع الهجمات واسعة النطاق، بحسب تصريح وزير الطاقة الأوكرانيّ جيرمان غالوشينكو للإيكونوميست. غير أنه أضاف أنه يتوقع أن يتعلم الروس أيضاً من تجربتهم «الفاشلة في تدمير منظومة الكهرباء».
وعندما سُئِلَ غالوشينكو عن الطريقة المثلى لضمان استمرار إمدادات الكهرباء شتاء العام الجاري، قال إن الدولة بحاجة إلى المزيد من أنظمة الدفاع الجوي. وفي 21 سبتمبر (أيلول)، أرسلت روسيا سرباً من الطائرات المُسيرة لتشن هجوماً على شبكة الكهرباء الأوكرانية. وأُسقطت أربعة أخماسها.

أنتجت شركة DTEK نحو ربع كهرباء أوكرانيا قبل الحرب. ومنذ ذلك الحين، فقد ما يربو على 20% من إنتاجها بحسب تصريح مديرها التنفيذي دميترو ساخاروك، وانضمَّ نحو 5000 من العاملين بالشركة البالغ عددهم 60 ألفاً إلى الجيش الأوكراني. انضم عدد كبير جداً من الأوكرانيين للقتال حتى أن 250 امرأة أوكرانية يعملن الآن تحت الأرض في مناجم الفحم (علماً بأنه لم تكن هناك أي امرأة تعمل في المناجم قبل الحرب). الهجمات الإليكترونية أشد خطورة ويقول ساخاروك لمجلة «إيكونوميست» إن الهجمات الإلكترونية يمكن أن تمثل تهديداً أكبر هذا الشتاء من الصواريخ والطائرات المُسيرة. فالعدوان الناجح «يمكن أن يشلّ النظام بأسره» وأن يكون «أخطر بكثير من الأضرار المادية». ومنذ بداية الغزو الروسي، ظل المقاتلون السيبرانيون الأوكرانيون وشركة DTEK يحاربون القراصنة الروس. وفور أن يتوصل الأوكرانيون إلى طريقة جديدة لحماية أنفسهم، يجد القراصنة وسيلة جديدة للتحايل على دفاعاتهم.