بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
هل تنجح أوروبا في الاختبار الأوكراني؟
ناقشت مجلة “ناشيونال انترست” رد الفعل الأوروبي على أزمة أوكرانيا، معتبرة أن الأوروبيين بعيدون عن النجاح في تطبيق التطلّعات لـ”أوروبا حرة وتعيش بسلام”، والتي تخضع للاختبار في أوكرانيا.
وقالت المجلة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخشى القوة ويحترمها، وهو يــــستغلّ ضعف اوروبــا التي يتوجّب عليها أن تكفّ عن تردّدها وتمنحه ما يخشاه لا ما يريده. وأضافت أن بوتين لطالما استخدم الأراضي التي احتلتها روسيا في أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا منصات انطلاق لزعزعة استقرار التضامن الأوروبي، وتهديد أمن الدول المجاورة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، صعّد بوتين الضغط، وهدد بشنّ هجوم على أوكرانيا وطرح مطالب مستحيلة على الناتو. ومع ذلك، فإن الأوروبيين يفتقرون إلى الردّ المتماسك على تنمّر بوتين، ولا يشاركون نهجًا حازمًا وواضحًا بشأن القضية الأوكرانية. وأشارت إلى أن الموقف الألماني تجاه الأزمة غامض، وتبدو السياسة الخارجية الألمانية عاجزة كما كانت دائمًا. وتستمرّ برلين ببناء خط أنابيب “نورد ستريم 2”، بينما لا تزال الحكومة الألمانية الجديدة منقسمة بشأن السماح ببدء العمل به. كما كان موقف ألمانيا من مبيعات الأسلحة لأوكرانيا مصدر إحباط، حيث اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة أن “المزيد من التصعيد العسكري لن يجلب لأوكرانيا مزيدًا من الأمن».
واعتبرت المجلة أن هذا الموقف “غير منطقي”، مضيفة أنه “بعد أن حشدت روسيا أكثر من 100 ألف جندي على الحدود، من الصعب القول إن مساعدة الأوكرانيين على الاستعداد للدفاع عن أنفسهم هو تصعيد».
ووفقًا للمجلة، لا يبدو موقف بروكسل أفضل حالاً. حيث دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل كييف إلى التنفيذ الكامل لاتفاقيات مينسك (اتفاقيات 2015 التي كان من المفترض أن تحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا).
لكن المجلة اعتبرت أن “هذا مجرد تفكير دبلوماسي سحري، لأن الاتفاقات هي حبر على ورق جيوسياسي». من جهتها، “تتأرجح باريس بين التهديدات القاسية ونداءات الحوار” تقول المجلة، مضيفة أن روما “قلقة هي الأخرى بشأن إمدادات الطاقة». في المقابل، كانت لندن الأكثر ميلاً إلى تحذير بوتين من العواقب الوخيمة. ومع ذلك، أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أنه “من المستبعد جدًا أن ترسل بريطانيا أو حلفاؤها قوات للدفاع عن أوكرانيا في حالة غزوها من قبل جارتها روسيا». حتى جيران أوكرانيا في أوروبا الوسطى محرومون من الإجراءات البنّاءة التي يمكن اتخاذها لإحباط هجوم روسي. وكانت أقوى مقاومة من شمال أوروبا، حيث أعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين بجرأة استجابة لمطالب بوتين بإنهاء توسّع الناتو، أن فنلندا “تحتفظ بخيار التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو».
ورأت المجلة أن عدم وجود جهد أوروبي موحّد يُشكّل مصدر قلق خطير، لأن التحدّي في التعامل مع الأزمة الأوكرانية ليس “تهدئة” الوضع؛ فبوتين ليس لديه مصلحة في وقف التصعيد لأنه مهتم فقط بجني أقصى فائدة يمكن أن يجنيها من الأزمة التي خلقها.
وقالت المجلة أنه على الغرب التركيز على دعم سيادة أوكرانيا وقدرة الأوكرانيين على الدفاع عن أنفسهم، مع ما يتطلّبه الأمر من اتخاذ إجراءات لمعاقبة بوتين على تهديده أوكرانيا، وليس مجرد اقتراح الرد بعد وقوع هجوم. كما يجب على الأوروبيين، وفقًا للمجلة، أن يدركوا أن الأمر لا يتعلّق بأوكرانيا فقط، وأن المشكلة ليست بعيدة عنهم؛ لأن أوكرانيا، من وجهة نظر بوتين، هي وسيلة لتحقيق الغايات لضمان أن أوروبا لن تكون أبدًا “كاملة وحرة وفي سلام».
وأوضحت المجلة أن بوتين ينظر إلى الأمن على أنه لعبة محصّلتها صفر: لا يمكنه الفوز إلا إذا خسر الآخرون. وأوكرانيا هي متابعة للأزمة الأخيرة مع بيلاروسيا، عندما استخدمت مينسك الهجرة غير الشرعية من الشرق الأوسط سلاحاً لإحداث اضطراب في أوكرانيا وبولندا والاتحاد الأوروبي بأكمله.
وكانت أزمة الهجرة في بيلاروسيا جزءًا من نفس الإستراتيجية الأكبر، التي يهدف بوتين من خلالها إلى إضعاف الجبهة الغربية، والمراهنة على الحلفاء المنقسمين، وتهدئة العلاقات عبر الأطلسي مع واشنطن بعد كارثة أفغانستان. وخلصت المجلة إلى أنه بالنسبة للغرب، هناك مسار صحيح واحد: تقديم دعم قوي لأوكرانيا، وإعادة تنشيط وتوسيع القدرة الدفاعية لحلف الناتو على الفور، وبناء أمن الطاقة الأوروبي بسرعة.