بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
الولايات المتحدة تعرض أزمة أوكرانيا على مجلس الأمن
هل تُشعل الأزمة الأوكرانية شرارة الحرب العالمية الثالثة؟
أعرب خبيران عسكريان أمريكيان عن خشيتهما من أن تؤدي أزمة أوكرانيا إلى صراع مُسلح يهدد بحرب عالمية ثالثة بين روسيا والغرب.
واستهل الجنرال المتقاعد ديل دايلي، الذي سبق أن قاد العديد من وحدات العمليات الخاصة وأشرف على جهود مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، وجيمس بي فارويل الزميل المشارك في قسم دراسات الحرب في كينغز كوليدج بجامعة لندن، الذي قدم المشورة لقوات العمليات الخاصة ووزارة الدفاع الأمريكية، مقالهما في مجلة “ناشيونال انترست”، بتأكيد حاجة كل من روسيا والغرب إلى “استراتيجية كبرى تُعيد تحديد علاقاتهما، وتعطي كل طرف ما يلبي كبرياءه ومصالحه الأمنية، وتمنع اندلاع صراع قد يتحول إلى حرب عالمية ثالثة».
أفكار قابلة للتنفيذ
وقالا إن أحد الجوانب الرئيسة في الموقف الأمريكي يتمثل في الامتناع عن الرد على تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتحويله إلى موقف استباقي لحل الأزمة، واقتراح أفكار قابلة للتنفيذ لمصلحة الطرفين.
وطرح الكاتبان الاستراتيجيات المعقولة التي قد تلائم كل أطراف الأزمة، والتي يجب دراستها لإيجاد أرضية مشتركة لتجنب الحرب.
وإذا وُصفت الإستراتيجية الكبرى التي انتهجها الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت آيزنهاور بسياسة “احتواء”، فإن الاستراتيجية المقترحة تندرج تحت مسمى “توازن”. ولا يُنظر إلى روسيا، بموجب هذا المفهوم، على أنها “صديق أو حليف».
نفوذ دون ايديولوجيا
أدركت سياسة الاحتواء أن للاتحاد السوفييتي طموحات توسعية، ورفض آيزنهاور التعايش معها، وعمل على دحر الشيوعية وكان محقاً في ذلك، وفقاً للباحثين.
ويعتقد الكاتبان أن روسيا تريد إحياء دائرة نفوذ الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، لكنها لا تقدم أيديولوجيا لذلك. ومع سعيها لنفوذ عالمي باعتبارها قوة عظمى، فإن ما ينقصها هو الطموحات الإمبريالية الشيوعية.
وأضافا أن التعايش الواقعي المتجذر في القوة أمر منطقي عند الغرب الموحد بقيادة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بتركيزه العسكري، والاتحاد الأوروبي، بتركيزه السياسي، معتبرين أن تحقيق هذا الهدف “سيُمكن الغرب من الانتباه الكامل إلى تحدياته الرئيسية، خاصةً التي تشكلها طموحات الصين».
وقال الخبيران، في مقالهما المشترك، إن النزعة القومية والغطرسة هما اللتان تدفعان بوتين إلى استعادة نفوذ روسيا والتحكم في مجالها السابق.
كما ينظر بوتين إلى “ثورة الميدان” التي أطاحت بالحكومة الموالية لروسيا في أوكرانيا على أنها “ثورة ملونة” برعاية أمريكية، وتُشكّل جزءاً من مخطط يهدف إلى الإطاحة به من السلطة.
5 تصوّرات
وقال الباحثان إن إطار عمل مستقر بين روسيا والغرب يجب أن يشتمل على 5 تصورات، أولاً، أن تتوفر ضمانات تقضي بألا تنضم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي، ويمكن لأوكرانيا في هذه الحالة قبول وضع مشابه لوضع النمسا، الدولة الديمقراطية التي تلتزم بالحياد في تعاملها مع جميع الأطراف.
ثانياً، الاعتقاد أن بوتين يخشى أن يؤدي نظام ديمقراطي ناجح في أوكرانيا إلى عواقب تمتد آثارها إلى روسيا وتقوّض سلطته.
ثالثاً، تكمن إحدى طرق المضي قدماً في الاتفاق المُتبادل، على توقف الغرب وروسيا عن التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض.
رابعاً، يريد بوتين إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكن عليه أن يكون واقعياً، فالفساد، وإخفاق الشيوعية هما السبب في هزيمة الاتحاد السوفييتي، وليس الغرب.
خامساً، يُريد بوتين التعامل معه باحترام باعتباره قوة عظمى مساوية.
تعامل مماثل
ورأى الباحثان أن على الغرب، في المقابل، أن يطلب من روسيا تعاملاً مماثلاً، وعلى الطرفين أن يلتزما، أولاً، بالكف عن التدخل في سياسة الآخر أو في شؤونه الداخلية.
ثانياً، على روسيا التعهّد بتجنب استخدام خط “نورد ستريم 2” وسيلة ضغط سياسية للتأثير على السياسة الأوروبية. وأن تحدد الدبلوماسية ما يعنيه ذلك عملياً. ثالثاً، على روسيا إدراك أن الغرب يتصرف باعتباره جبهة موحدة من خلال الولايات المتحدة، وحلف ناتو، والاتحاد الأوروبي، والأطراف الأخرى.
رابعاً، على روسيا السيطرة على القرصنة الإلكترونية “الإجرامية” من الدولة الروسية ووكلائها الذين يُطلق عليهم “المخترقون الوطنيون”، والجماعات “الإجرامية” العابرة للحدود التي تعمل من داخل روسيا.
خامساً، وهذه مسألة دبلوماسية قد تستغرق وقتاً لتؤدي دورها، على روسيا والغرب العمل على إيجاد أرضية مشتركة تقرّ بأن هناك خطراً وجودياً متمثّلاً في طموح الصين، لفرض تفوّقها العسكري والاقتصادي على العالم بحلول 2049، الأمر الذي يُشكّل تهديداً وجودياً لروسيا والغرب معاً، وفق الباحثين.
حان وقت التحرّك
وأضاف الكاتب “من المنظور الغربي، يجب التمسك بأي صفقة. وإذا لعبت روسيا دوراً سريعاً في صفقة ما أو أوقفتها، فإن كل الرهانات ستنتهي، وعلى الغرب أن يتحرك بقوة لحماية مصالحه الأمنية سياسياً وعسكرياً. بما في ذلك، تزويد أوكرانيا بالدعم العسكري الأساسي للدفاع».
وأضافا “من الواضح أن الأمور أكثر تعقيداً ودقة، ولكن هذه الأفكار تبدو منطقية، وقد تُساعد في تكوين إطار عمل للتفاوض. وبالنسبة للولايات المتحدة، على إدارة بايدن أن تسعى إلى التشاور والدعم من الحزبين حتى تتمكن من تقديم جبهة موحّدة».
وقالا إن “روسيا ترى ضعفاً استراتيجياً واضحاً في الاستقطاب في السياسة الأمريكية، وأن الوحدة ضد روسيا ستقوي يد الولايات المتحدة في التعامل معها».
وخلص الباحثان إلى أن كل أطراف أزمة أوكرانيا مدينة لنفسها ومواطنيها، وللعالم بتجنب التورط في نزاع مسلح قد يتطور بالخطأ إلى حرب عالمية ثالثة، وحان وقت التحرك، إذ ليس هناك متسع من الوقت».
مجلس الامن
طلبت الولايات المتحدة عقد جلسة علنيّة الاثنين لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة المرتبطة بأوكرانيا، لدراسة “الوقائع بشكل واضح”، مؤكدة أن حشد قوات روسية على حدود هذا البلد يشكل “تهديدا للأمن والسلم والدوليين».
وقالت السفيرة الأميركيّة في الأمم المتّحدة ليندا توماس غرينفيلد في بيان “بينما نواصل سعينا الحثيث في العمل الدبلوماسي لنزع فتيل التوتر يجب على أعضاء مجلس الأمن أن ينظروا في الوقائع بشكل واضح».
وأضافت أن “أكثر من مئة ألف عسكري روسي منتشرون على الحدود الأوكرانيّة، وروسيا تُمارس أنشطة أخرى لزعزعة الاستقرار تستهدف أوكرانيا، مما يُشكّل تهديدا واضحا للأمن والسلم الدوليّين ولميثاق الأمم المتّحدة».
كما أشارت إلى “تهديد خطير للسلم والأمن الأوروبي والعالمي”، مؤكدة أن على أعضاء المجلس “التفكير في الرهان الذي تواجهه أوكرانيا وروسيا وأوروبا والالتزامات والمبادئ الأساسية للنظام الدولي إذا غزت روسيا أوكرانيا أكثر”، ملمحة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.
وذكر دبلوماسيون أن الولايات المتحدة كانت تأمل في اجتماع لمجلس الأمن الجمعة. لكنهم أوضحوا أن واشنطن وافقت على تأجيله إلى الاثنين حتى لا يتعارض مع محادثات هاتفية مقررة الجمعة بين الرئيسين الفرنسي والروسي إيمانويل ماكرون وفلاديمير بوتين.
في الوقت نفسه، سيكون الاثنين آخر يوم لرئاسة النروج لمجلس الأمن، التي ستنتقل الثلاثاء إلى روسيا خلال شباط/فبراير. وقال دبلوماسي إن طلب عقد اجتماع الشهر المقبل سيكون أكثر تعقيدا بالنسبة للولايات المتحدة مع إشراف روسيا على جدول أعمال المجلس.
وكانت الولايات المتحدة ألمحت في منتصف كانون الثاني/يناير إلى أنها لا تنوي اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي إلا بعد تدخل عسكري محتمل في أوكرانيا كما حدث في شبه جزيرة القرم.
وقال مصدر دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه إن الأميركيين غيروا رأيهم “للاستعداد بشكل أفضل”، موضحا أن “عندما يحدث تدخل عسكري، فإنه يحدث بسرعة”. لكنه أضاف أن اجتماعا للمجلس هو “عرض مسرحي إلى حد ما».
وقالت السفيرة الأميركية في بيانها الخميس “الآن ليس وقت الانتظار، والترقب والاهتمام الكامل من المجلس مطلوب الآن».
وكانت ليندا توماس غرينفيلد قالت في مقابلة حديثة مع التلفزيون العام الروماني إن اللجوء إلى مجلس الأمن يمكن أن يسمح بعزل روسيا. وأضافت أن “حتى إذا كانت تتمتع بحق النقض (الفيتو) فستشعر بالعزلة” في مواجهة “جبهة موحدة».
وتابعت “عندما نكون متحدين ضد الروس، تضعف قوة حق النقض”. وأشارت إلى ما حدث بشأن شبه جزيرة القرم، موضحة “حصلنا على 13 صوتا لصالح اتخاذ إجراء ضد الروس وامتناع واحد عن التصويت وصوت معارض واحد كان هو الفيتو الروسي».
وقالت “كانوا معزولين تماما وبشكل كامل ونأمل أن يكون الحال كذلك” هذه المرة.
إلى ذلك، حثت بريطانيا الشركات الكبرى الجمعة على تعزيز دفاعاتها في مواجهة هجمات إلكترونية روسية محتملة بينما تتنامى مخاوف الغرب من أن يعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوامر لقواته بضم جزء آخر من أوكرانيا.
وحذرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا بوتين مرارا من شن هجوم على أوكرانيا بعدما نشرت موسكو نحو مئة ألف جندي قرب الحدود مع جارتها السوفيتية السابقة.
ويقول مسؤولون روس إن الغرب يتملكه الهلع من روسيا وليس من حقه أن يوجه موسكو إزاء ما يجب أن تفعله بعد أن قام بتوسيع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق عقب سقوط الاتحاد السوفيتي ونشر الفوضى في العراق وسوريا.
وطالب المركز الوطني البريطاني للأمن السيبراني، التابع للمخابرات البريطانية، المؤسسات الكبرى بتعزيز أمنها الإلكتروني وسط التوترات المتنامية بشأن أوكرانيا.
وقال بول تشيشستر مدير العمليات في المركز “على مدار عدة سنوات رصدنا نموذجا لتحركات روسية خبيثة في الفضاء السيبراني».
وأضاف أن هجوما إلكترونيا على أوكرانيا هذا الشهر كان بمثابة تحذير للأوكرانيين “بأن يخافوا ويتوقعوا الأسوأ”. وقالت كييف إن موسكو تقف وراء الهجوم.