في تجربة أرعبت العالم:

هل حقا «يخرّب الروس الفضاء...»؟

هل حقا «يخرّب الروس الفضاء...»؟

  شجبت العديد من الحكومات، منها حكومتا الولايات المتحدة وفرنسا، نجاح روسيا في إطلاق صاروخ مضاد للأقمار الصناعية أول أول أمس الاثنين مشيرين إلى “مخرّبي الفضاء”، مما أدى إلى تفاقم التوترات مع موسكو.
   لقد تم تدمير قمر تجسس كهرومغناطيسي روسي قديم: كوسموس 1408، أطلق عام 1982 وينتمي إلى سلسلة تسلينا-د، عفا عليه الزمن الآن. ونتج عن الاصطدام أكثر من 1500 حطام كبير، سيبقى بعضها في المدار لأكثر من عشر سنوات.
   أدانت ناسا بشدة موقف روسيا، الذي يضيف تهديدًا للحياة اليومية المزدحمة اصلا للمستأجرين السبعة -منهم روسيان -لمحطة الفضاء الدولية، ويمكن أن يجبر الأقمار الصناعية المدنية والعسكرية على المناورة وبالتالي تقليص عمرها. وكان غرض الكرملين إظهار قدرته على تدمير الأجسام في المدار، كما سبق ان فعلت الصين والولايات المتحدة والهند.
   أطلق الصاروخ الروسي من نظام متنقل، يصعب اكتشافه وتحييده من قاعدة ثابتة، ودمر هدفه على ارتفاع 500 كيلومتر، ودفع ببعض الحطام إلى ارتفاعات أعلى، ودفع بالبعض الآخر إلى ارتفاعات منخفضة. التلوث اذن كبير، في المدارات التي تستخدم على نطاق واسع من قبل الأقمار الصناعية لمراقبة الأرض (بما في ذلك الأقمار الصناعية العسكرية)، بواسطة محطة الفضاء الدولية (على بعد 400 كم) ومن قبل الأجهزة المنفصلة مثل طائرة الفضاء بدون طيار X37-B التابعة للجيش الأمريكي. ومع ذلك، وفقًا لمعلوماتنا، فإن هذه الأخيرة ليست في مدار مهدد بالحطام في الوقت الحالي.

أخطر من الولايات المتحدة، ولكن أقل من الصين
   على سبيل المقارنة، كان اختبار إطلاق صاروخ صيني مضاد للأقمار الصناعية عام 2007 أكثر تدميرًا لبيئة الفضاء: فقد استهدف قمرًا صناعيًا قديمًا على ارتفاع 800 كيلومتر، مما أدى إلى توليد أكثر من 3500 حطام كبير بين 175 و3000 كم فوق مستوى سطح البحر. وكانت التجربة الأمريكية عام 2008 اخفّ ضررا حيث كان الهدف على ارتفاع 247 كم، وخلّف 169 قطعة من الحطام، وسرعان ما تفككت في الغلاف الجوي. إطلاق النار الهندي، الذي نُفِّذ عام 2019، استهدف هدفًا على ارتفاع 275 كيلومترًا، نتج عنه نحو 100 حطام، تفككت جميعها اليوم.
   الحطام الناتج عن الإطلاق الروسي في 15 نوفمبر الجاري، والذي حدث بعد عدة اختبارات منذ عام 2015، كان عند ميل 80 درجة (نسبة إلى المستوى الاستوائي للأرض)، في حين أن محطة الفضاء الدولية عند 50 درجة، مما يحد بشكل كبير من خطر مواجهة المحطة لحطام مرتبط بهذه العملية. ومع ذلك، فإن الاستعراض الروسي هو عمل شديد الخطورة، “غير مسؤول” وفقًا للحكومة الأمريكية، حيث أن الفضاء مليء بالحطام الذي لا تزال وكالات الفضاء حول العالم لا تعرف كيفية التخلص منه.
   يمثل الحطام الفضائي قضية رئيسية لمستقبل صناعة الفضاء. تدور عشرات الملايين من الانقاض حول الأرض وهناك مئات الآلاف من الحطام بحجم كبير يزيد عن سنتيمترين. باستخدام الطاقة الحركية، يمكنها تحطيم قمر صناعي أو وحدة من محطة الفضاء الدولية. وستقوم متلازمة كيسلر بعد ذلك بالباقي: يمكن أن يؤدي تدمير شيء ما سريعًا إلى إطلاق تفاعل متسلسل يدمر كل شيء في طريقه، تمامًا مثل ما تمّ تخيّله في الدقائق الأولى من فيلم “جاذبية”، ولكن على نطاق زمني لبضعة أسابيع بدلاً من بضع دقائق.