«الغزو في أوائل العام المقبل»:

هل حقا يجب أن نخشى هجوما روسيّا على أوكرانيا...؟

هل حقا يجب أن نخشى هجوما روسيّا على أوكرانيا...؟

-- أحد التهديدات الرئيسية يتعلق بالشريط الساحلي الأوكراني في جنوب شرق البلاد
-- تسليم سفينتين أمريكيتين إلى القوات البحرية الأوكرانية، لن يساعد على تحسين الأوضاع
-- المناورات الروسية، لعب على الخوف ووسيلة جديدة للضغط على كييف


    تحركات القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية تثير الشكوك مجددا في نوايا سيد الكرملين... لكن الهجوم المحتمل سيكون محفوفًا بالمخاطر.
   بعد ستة أشهر من الهدوء النسبي، تصاعد التوتر مرة أخرى بدرجة كبيرة بين كييف وموسكو في الأسابيع الأخيرة، وذلك في أعقاب تحركات جديدة للقوات الروسية بالقرب من الحدود الشرقية لأوكرانيا المجاورة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في 20 نوفمبر، على هامش رحلة إلى داكار: “لدينا مخاوف جدية بشأن الأنشطة العسكرية غير العادية لروسيا على الحدود مع أوكرانيا».  

  وقبل ثلاثة أسابيع، في 30 أكتوبر، دقت صحيفة واشنطن بوست، ناقوس الخطر بالكشف عن “قلق” بعض المسؤولين الأمريكيين من مقاطع فيديو تظهر “قطارات وقوافل عسكرية روسية تحمل كميات كبيرة من المعدات العسكرية، منها دبابات وصواريخ” في جنوب وغرب روسيا.     مخاوف، ردد صداها الكورال الأوروبي الأسبوع الماضي، حيث شجبت باريس وبرلين ولندن بدورها المناورات الروسية على الحدود الشرقية لأوكرانيا، أين تستمر الحرب مع الانفصاليين الموالين لروسيا منذ عام 2014. وفي نفس العام، ضمت موسكو شبه جزيرة القرم، ردًا على الثورة المؤيدة لأوروبا التي عاشتها جارتها.

شكوك حول
 نوايا بوتين
   مع أنه سبق أن نفذت روسيا مناورات عسكرية واسعة النطاق في المنطقة الربيع الماضي -مما أثار حينها مخاوف من حدوث غزو -لا تزال الشكوك قائمة بشأن نوايا فلاديمير بوتين.
  في مقال نُشر يوم الأحد الماضي، أوردت وكالة بلومبرج بالتفصيل، سيناريو تصورته المخابرات الأمريكية، والذي بموجبه قد يفكر سيّد الكرملين “في غزو أوائل العام المقبل” بالاعتماد على “القوات والمدفعية” الموجودة في الموقع.

   وعشية نشر هذا السيناريو، ذهب رئيس المخابرات الدفاعية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، في الاتجاه نفسه ، في مقابلة مع “ميليتري تايمز”، مثيرا من جانبه هجومًا مع “نهاية يناير أو بداية فبراير”، سيتضمن من بين أشياء أخرى “ضربات جوية وعربات مصفحة».
    طبعا، اعترض الجانب الروسي بشدة على هذه المعلومات. “انها هستيريا مفتعلة ومصطنعة، إن الذين أتوا بقواتهم المسلحة عبر المحيط الأطلسي، أي الأمريكان، يتهموننا بأنشطة عسكرية غير عادية على أراضينا”، انتفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مقابلة على التلفزيون الروسي يوم الأحد. وبالمثل، نددت المخابرات الروسية “بالمعلومات الكاذبة تماما”، ساخرة من “الصورة المرعبة لجحافل الدبابات الروسية وهي تستعد لسحق المدن الأوكرانية».

   ما الذي يبحث عنه سيد الكرملين حقًا؟ “قد يكون الهدف من هذا الانتشار العسكري ترهيب أوكرانيا من أجل دفعها إلى تنفيذ اتفاقيات مينسك، حيث تتهمها روسيا بإفشالها.
لكن لا يمكن استبعاد رغبة روسية في إحراز تقدم على الميدان من خلال عمل عسكري”، تقول ماري دومولين، دبلوماسية سابقة ومديرة برنامج أوروبا أوسع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

مغامرة عسكرية
عالية الخطورة
   وإذا كان الخيار العسكري هو ما يفكر فيه الرئيس الروسي، كما يخشى الغرب، فإن أحد التهديدات الرئيسية سيتعلق بالشريط الساحلي الأوكراني في جنوب شرق البلاد. طريقة تمكنه من السيطرة على ميناء ماريوبول، وفي نفس الوقت طرد أوكرانيا من بحر آزوف، أو حتى من البحر الأسود.
  وتؤكد ماري دومولين، “يمكنه أن يسعى إلى خلق تواصل إقليمي بين شبه جزيرة القرم والمنطقتين الانفصاليتين دونباس، وإضفاء طابع رسمي على ضم هاتين المنطقتين. ومع ذلك، لا فرصة في ان يعترف المجتمع الدولي بذلك. سيظل فرضا لأمر واقع فقط، كما هو الحال في منطقتي جورجيا التي ضمتها روسيا منذ عام 2008 «.

   من جهته، لا يخفي المعني بالأمر الأساسي شهيته لهذه المنطقة. “أنا ازداد قناعة: كييف ببساطة ليست بحاجة إلى دونباس”، اعتبر سيّد الكرملين في مقال له حول “الوحدة التاريخية” للشعبين الروسي والأوكراني، نُشرت في يوليو الماضي.
   لكن، هل تستحق اللعبة كل هذا العناء حقًا؟ “إن احتمال فرض عقوبات غربية جديدة، إلى جانب احتمال وجود نزاع دائم مع أوكرانيا ومواجهة شعب معاد، من المرجح أن يردعا روسيا عن القيام بمثل هذا العمل العسكري. كما تبدو المخاطر بالنسبة لي كبيرة جدا مقارنة بالمكاسب المحتملة”، ترى تاتيانا كاستويفا جان، مديرة المركز الروسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

الضغط على أوكرانيا
    أما بالنسبة لكارول جريمود بوتر، مؤسسة مركز أبحاث روسيا وأوروبا الشرقية، يجب قبل كل شيء النظر إلى هذه المناورات الروسية على أنها وسيلة جديدة للضغط على كييف. وتلخص قائلة: “إن اللعب على الخوف من غزو، يسمح لروسيا ببعث رسالة حازمة إلى الحكومة الأوكرانية، التي تعتبر تقاربها مع الناتو عملا معاديًا».    في يوليو الماضي، انخرطت البلاد بشكل ملحوظ كشريك في مناورات الحلف الأطلسي في البحر الأسود، والتي جمعت أكثر من 2000 جندي و30 سفينة.
   عمليات، تثير غضب الكرملين. “فيما يتعلق بالبحر الأسود، فهذا يتجاوز بعض الحدود.
 القاذفات الاستراتيجية تطير على بعد 20 كيلومترًا من حدودنا وتحمل، كما نعلم، أسلحة في غاية الخطورة”، انتقد مجددا الرئيس الروسي في الآونة الأخيرة، محذرًا من أي تخطّ “للخطوط الحمراء».
  ولا شك أن تسليم سفينتي دورية أمريكيتين، يوم الثلاثاء الماضي إلى القوات البحرية الأوكرانية لن يساعد على تحسين الأوضاع.