البيت الأبيض يحذر من غزو روسي لأوكرانيا:

هل حقًا تحتاج أوروبا إلى الاستعداد لهجوم بوتين...؟

هل حقًا تحتاج أوروبا إلى الاستعداد لهجوم بوتين...؟

    حذر البيت الأبيض حلفاءه الأوروبيين من أن غزوًا عسكريًا لأوكرانيا قد يكون وشيكًا مع زيادة روسيا لقواتها على حدود البلاد.
   وفي حوار لموقع أتلانتيكو، يفكك فياتشيسلاف أفيوتسكي، الأستاذ حاليا في المدرسة العليا للعلوم التجارية انجيه، تطور الأحداث على الحدود الروسية الأوكرانية، ويحدد أبعاد تطورها وتداعياتها أوروبيا وعالميا.
   وفياتشيسلاف أفيوتسكي، دكتور في العلوم الإدارية، ودكتور في الجغرافيا السياسية، ومتخصص في العلاقــــات الدولية واستراتيجية الأعمال الدولية. وتركز مجالات أبحاثه وتحاليله بشكل أساسي على وسط وشرق أوروبا، وتحديداً روسيا وأوكرانيا.
   نشر أربعة كتب بالفرنسية مترجمة إلى اليابانية والبولندية والصربية: “الشيشان”، و”الجغرافيا السياسية للقوقاز”، و”الثورات المخملية”، و”الجغرافيا السياسية القارية”، وهو مؤلف مشارك لتقرير بحث بعنوان “تجارة الأفيون الأفغانية على طول الطريق الشمالي».
   * حذر البيت الأبيض حلفاءه الأوروبيين من أن غزوًا عسكريًا لأوكرانيا قد يكون وشيكًا. هل يجب أن نأخذ هذه النصيحة على محمل الجد؟
   - كل ما تقوله القوة الأولى في العالم يجب أن يؤخذ على محمل الجد. يأتي هذا البيان الأمريكي في أعقاب الزيادة الأخيرة في التدريبات العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية. وعلى عكس أوكرانيا والدول الأوروبية الأخرى في المنطقة، تمتلك الولايات المتحدة قدرات استخباراتية بشرية وتكنولوجية، ولديها أقمار صناعية يمكنها مراقبة القوات الروسية التي تتجمّع حاليًا شمال الحدود الأوكرانية، بالقرب من بيلاروسيا. وتريد روسيا أن تجعل العالم يفهم أنّ غزو أوكرانيا ممكن عسكريًا، وتضاعف التدريبات العسكرية.
   في أواخر أكتوبر، استخدمت أوكرانيا طائرات بدون طيار تركية الصنع من طراز بيرقدار لتدمير قطع المدفعية التي يحتفظ بها الانفصاليون الروس في دونباس. أثار هذا الهجوم غضب بوتين لسببين: أولاً، لا تملك روسيا مثل هذه الطائرات المتطورة بدون طيار، وأخيرًا، في صراع مع تركيا على عدة جبهات في سوريا وليبيا ومؤخرًا في أذربيجان، أثارت حقيقة استخدام أوكرانيا لسلاح تركي الصنع غضبًا في روسيا. وطيلة 2/3 أسابيع، هاج الإعلام الروسي وماج، بل إن بعض مقدمي البرامج طالبوا بغزو كامل لأوكرانيا.
   *في الأسابيع الأخيرة، عززت روسيا قوة نيران كبيرة على حدودها مع أوكرانيا. هل يجب أن ننظر إلى هذا على أنه استعراض بسيط للقوة؟ وهل على الناتو الاستعداد لنزاع عسكري؟
  - أعتقد أن صراعًا واسع النطاق كان يمكن أن يندلع عام 2014. شبح الحرب يمكن أن يطفو على السطح دائمًا، لكني لا أرى روسيا تجتاح أوكرانيا اليوم. فالغزو قد يتسبب في سقوط آلاف القتلى والجرحى واللاجئين ... وأعتقد أنّ البلدين سيحاولان حل المشكلة بطريقتهما الخاصة. تظهر روسيا قوتها في الوقت الذي تتجه فيه أوكرانيا نحو الولايات المتحدة، خاصة منذ قدوم بايدن إلى البيت الأبيض. وزادت أوكرانيا تعاونها بشكل كبير مع الناتو والولايات المتحدة. وهناك أيضًا مناورات عسكرية دورية أو مهام تدريبية مع أعضاء الناتو على الأراضي الأوكرانية.
   بعد ضم شبه جزيرة القرم ونزاع دونباس، الذي أودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، استؤنفت الاضطرابات في وقت سابق من هذا العام عندما حشدت روسيا قواتها على الحدود الأوكرانية في الربيع. وتخفيفا للتوتّر، اتصل بايدن ببوتين، ثم التقى بايدن وبوتين في سويسرا في يونيو، ولكن دون جدوى. لهذا، يمكن النظر إلى هذه التعبئة العسكرية على أنها نوع من الضغط من روسيا، سواء من أجل حل هذا الصراع أو للاحتجاج على العقوبات الاقتصادية التي تعاني منها.
   نحن أيضا في أزمة طاقة خطيرة للغاية، وروسيا هي المصدر الرئيسي للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وقد ارتفعت الأسعار بشكل كبير. نحن أيضًا في المرحلة الأخيرة من بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي لا تزال هناك بعض الخلافات حوله. لا أعتقد أن تصرفات روسيا هذه تشكّل تهديدًا حقيقيًا، لكنها نوع من الضغط لإجبار خصمها الرئيسي، وهو الولايات المتحدة، على اتخاذ إجراءات لصالح روسيا، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها... إن روسيا تستخدم أوكرانيا كرافعة ضد العالم الغربي.
   بالإضافة إلى ذلك، تضررت أوكرانيا وروسيا بشدة من فيروس كوفيد. هناك المئات من الوفيات يوميا في كلا البلدين، ونقص في الأكسجين، ومستشفيات تجاوزت طاقة استيعابها. لا يمكن للنزاع أن يندلع في ظل هذه الظروف، الخطر الوحيد للتصعيد هو اشتباك بين الجنود.
   *هل ترد أوروبا بشكل صحيح على ضربات بوتين؟ وهل سيسمح الرد العسكري الجماعي من قبل حلفاء الناتو برد أفضل؟
   - تستنفر أوروبا، ولكن ببطء شديد، على عكس بايدن الذي التقط هاتفه على الفور للاتصال ببوتين عندما اقتربت القوات الروسية من الحدود الأوكرانية في أبريل الماضي. وبعد أيام قليلة انسحبت القوات من الحدود، وعندها التقى بايدن ببوتين في سويسرا. تخضع روسيا لعقوبات، ولم تعد موضع ترحيب في مؤتمرات عديدة. من جانبه، ونظرًا للتوترات الروسية الغربية، لم يحضر بوتين مؤتمر المناخ 26 أو قمة مجموعة العشرين التي عقدت في روما في نهاية أكتوبر.    في الوقت الحالي، لا مجال لدخول الناتو في حرب مفتوحة مع روسيا. ستكون العواقب وخيمة على الجانبين. ويرغب الاتحاد الأوروبي، مثل ماكرون وميركل (ومن سيخلفها)، في الحفاظ على علاقات منفتحة وسلمية مع بوتين لتجنّب أي خطر للصراع.

-------------------------------
عن أتلانتيكو