هل غذى المجتمع «الفولاني» نشاط المتطرفين في الساحل الإفريقي؟

هل غذى المجتمع «الفولاني» نشاط المتطرفين في الساحل الإفريقي؟


من مالي إلى النيجر، عبر بوركينا فاسو، تزايدت الهجمات في الأسابيع الأخيرة وتجدد عنف المتطرفين؛ ما أثار القلق من توسع نشاطهم الدموي خارج منطقة الساحل، بدعوى حماية المجتمع الفولاني من الاضطهاد.
من شرق القارة الأفريقية إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، عادت الحركات المتطرفة بقوة إلى طليعة مسارح العمليات العسكرية. لكن الغارات الدامية في مالي، وتوغلات المســـــــلحين في المدن الكبرى في بوركينـــــا فاسو، والخسائر العسكرية الفادحــــــة في مالي كانت الأشد فتكــــــًا، فقد أعلنت ما تسمى بجماعـــــة ما تســــــمى «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي مسؤوليتها عن الهجمات، وفي النيجر أعلن تنظيم «داعش الإرهابي في الساحل» تبنيه عمليات ضد النيجر.

مجتمع الفولاني
وتكافح المجالس العسكرية في الدول الثلاث، التي وعدت خلال انقلابات بجعل عودة الأمن أولوية، لوقف تقدم المتطرفين، الذين يهددون شمال بعض الدول الساحلية إلى خليج غينيا أكثر من أي وقت مضى. وزعم قادة التطرف في مارس- آذار بأنهم يريدون تسريع الهجمات ضد الجيوش الوطنية لمنع إبادة جماعية لمجتمع الفولاني، حيث تزيــــــد الفظائع التي ارتكبتها القوات المسلحة ضد المدنيين، وخاصة الفولانيين المتهمين بالالتحاق بصفـــــوف المتطرفين، من حدة الاستياء، وتشجع على توسع ما تسمى جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين».

اضطهاد الأقليات
ويشير مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية حسن شايب دنقس أبونا، إلى التحديات المتفاقمة التي تعترض الأقليات العرقية والإثنية في الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل الإفريقي بسبب التغيرات السياسية والانقلابات العسكرية،  
ولفت أبونا في تصريح لـ»إرم نيوز»، إلى هذا التحدي الأخير الذي يؤدي بدوره إلى عدم الاستقرار السياسي، ويضاعف من نفوذ الميليشيات المسلحة، إضافة إلى اضطهاد الأقليات واتهامها بالتواطؤ مع الجماعات المتطرفة، إلى جانب تزايد النزاعات القبلية في تلك الدول، في ظل غياب الدولة وتصاعد السباق على الموارد والمراعي، وهو ما تسبب في تهجير أعداد كبيرة من السكان، فكانت الهجرة واللجوء نحو شمال القارة وأوروبا. والمجالس العسكرية التي وصلت إلى السلطة عبر انقلابات في الدول الثلاث بين عامي 2020 و2023، توحدت الآن في كونفدرالية تُعرف باسم تحالف دول الساحل، وقد أدارت ظهرها للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والقوى الغربية المنخرطة في مكافحة التطرف. ونادرًا ما تُعلن الأنظمة الثلاثة عن تعرضها لهجمات، بل تزعم استعادة مساحات شاسعة من الأراضي.

تجنيد الشباب الفولاني
وأقدم تنظيم «القاعدة»، ثم ما يسمى بجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» المتطرفين التي أصبحت تجسيدًا له منذ عام 2017، وكذلك «تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى»، على تجنيد الشباب الفولاني العاطل عن العمل، في كثير من الأحيان بالقوة. وما زاد الطين بلة بالنسبة لمستقبل هؤلاء خضوع «جماعة نصرة الإسلام» لقيادة الفولاني، في ماسينا، في وسط مالي، وفي شمال بوركينا فاسو.
وأعلن التحالف في وقت سابق من هذا العام عن تشكيل قوة مشتركة قوامها 5000 جندي، وتجري جيوشها الثلاثة عمليات مشتركة.  
في المقابل، تُعدّ المناطق الشمالية من توغو وبنين، المحاذية لدول الساحل، أهدافًا منتظمة لهجمات عنيفة. وتشهد علاقات بنين مع بوركينا فاسو والنيجر توتّرًا، إذ تتهمها الدولتان باستضافة قواعد تدريب، وهو أمر تنفيه كوتونو.  
وفي الأثناء، تسعى «جماعة نصرة الإسلام» أيضًا إلى ترسيخ وجودها في السنغال وموريتانيا انطلاقًا من مالي، وفقًا لدراسة أجراها معهد تمبكتو، وهو مركز أبحاث مقره داكار. وقد أخذ رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو هذا التهديد على محمل الجد، حيث اعتبر، خلال زيارة إلى واغادوغو في مايو- أيار، أن الاعتقاد بأن التطرف سيظل محصورًا في منطقة الساحل «وهمي».