«مرصد الختم الفلكي» في أبوظبي يوثق عنقود الشجرة وسديم المخروط
مع تَشَدُدِ روسيا و انقسامِ الدول الـ 27 في الاتحاد الأوروبي :
هل يستطيع مانويل ماكرون التحدثَ باسم أوروبا مع فلاديمير بوتين؟
أثار الرئيس الفرنسي مجدداً مسألة ما إذا كان ينبغي على الأوروبيين التفاوض مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قد تنطوي هذه الفكرة على مزايا، لكنها تواجه عقبتين رئيسيتين: تعنّت روسيا وانقسام الدول الأعضاء الـ 27.
إن مسألة الحوار مع فلاديمير بوتين قديمة قدم غزو أوكرانيا في فبراير 2022. فعلى مدى أربع سنوات تقريبًا، حافظ الأوروبيون، في مجملهم، على تواصل محدود مع زعيم الكرملين، المسؤول عن شنّ أكبر عملية عسكرية في القارة العجوز منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. إلا أن بدء المفاوضات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد هذه القضية إلى الواجهة.
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة 19 ديسمبر: «أعتقد أنه سيكون من المفيد مجددًا الحوار مع فلاديمير بوتين. على أي حال، أرى أن هناك من يتحدث مع فلاديمير بوتين. لذا أعتقد أننا، نحن الأوروبيين والأوكرانيين، لدينا مصلحة في إيجاد إطار عمل لإعادة الانخراط بشكل فعّال في هذا النقاش. وإلا، فسنتحدث فيما بيننا مع مفاوضين سيتحدثون بدورهم مع الروس فقط.
وهذا ليس الوضع الأمثل». ردّت روسيا بشكل إيجابي ليلة السبت 20 ديسمبر-كانون الأول إلى الأحد 21 ديسمبر-كانون الأول، حيث أعلن الكرملين، عبر المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف، أن فلاديمير بوتين «مستعد للحوار» مع إيمانويل ماكرون. وكان الرجلان قد تحدثا بالفعل في يوليو-تموز حول الأوضاع في إيران وأوكرانيا.
وجاء في بيان صادر عن قصر الإليزيه: «نرحب بموافقة الكرملين العلنية على هذا النهج. وسنقرر في الأيام المقبلة أفضل السبل للمضي قدماً»، مؤكداً أن أي مناقشات مع موسكو ستُجرى «بشفافية تامة» بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والجهات الأوروبية.
ومنذ الكشف عن وجود خطة سلام أمريكية لأوكرانيا، تم تطويرها من خلال مناقشات بين موسكو وواشنطن، في 21 نوفمبر-تشرين الثاني، ركّز حلفاء أوكرانيا الأوروبيون بشكل أساسي على تأكيد مصالحهم ومبادئهم وخطوطهم الحمراء لواشنطن، دون اتصال مباشر مع روسيا.
ويُعدّ هذا موقفاً غير مريح، بالنظر إلى أن الدول الأوروبية هي الأكثر اهتماماً وتأثراً بالحرب وتداعياتها. الأمر يزداد تناقضًا لأنه لا يمكن تحقيق السلام بدونهم، نظرًا لما يملكونه من نفوذ كبير: مساعدات ضخمة لأوكرانيا، وعقوبات على روسيا، وتجميد الأصول الروسية.
يطرح هذا النهج مشكلة جوهرية للأوروبيين: عدم اليقين بشأن كيفية أخذ الأمريكيين لمواقفهم في الاعتبار في مناقشاتهم اللاحقة مع روسيا. في باريس، يسود شك قوي تجاه ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لدونالد ترامب وصديقه الشخصي، الذي يُنظر إليه على أنه ودود للغاية تجاه روسيا. ولأن المرء لا يُحقق مصالحه إلا بنفسه، فإن عرض هذه الحجج مباشرة على فلاديمير بوتين ومفاوضيه سيُوفر ميزة مزدوجة. من جهة، اليقين بأن المواقف الأوروبية مسموعة، دون تلك التشوهات المؤسفة التي قد تحدث عند الاعتماد على طرف ثالث، لا سيما طرف عديم الخبرة مثل ستيف ويتكوف.
علاوة على ذلك، لن يضطر الأوروبيون بعد الآن إلى انتظار التقارير الأمريكية بقلق لمعرفة المواقف والتكتيكات الروسية، وتحولاتها المحتملة.
يبقى قيدان رئيسيان. الأول هو التباين الهائل بين المواقف الأوروبية والأوكرانية من جهة، ومواقف موسكو من جهة أخرى. أما القيد الثاني فهو أكثر شيوعًا: من يستطيع التحدث «نيابةً عن أوروبا»، وماذا يقول؟ مشكلة قديمة قدم التاريخ، كما يذكرنا المثل المنسوب إلى هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأسبق في عهد ريتشارد نيكسون: «أوروبا، ما هو رقم الهاتف؟» لا شك أن المجتمع الأوروبي قد تغير منذ الحرب الباردة، وقد عيّن الاتحاد الأوروبي شخصيات لتمثيل صوته دوليًا: رئيس المجلس الأوروبي والممثل الأعلى للشؤون الخارجية. لكن من المرجح أن تفتقر هذه الشخصيات إلى النفوذ السياسي أو ثقة الدول الأعضاء. وقد علّق متحدث باسم المفوضية الأوروبية بحذر: «يبقى الحوار مع بوتين مجرد فرضية. لا يمكننا الجزم بمن سيمثل الاتحاد الأوروبي في حال إجراء مفاوضات سلام محتملة».
أخيرًا، لا يوجد إجماع بين الدول الأعضاء الـ 27 حول كيفية التعامل مع فلاديمير بوتين. فإلى جانب فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، الذي قام بعدة زيارات إلى روسيا منذ بداية الحرب، يتعهد كل من روبرت فيكو، رئيس وزراء سلوفاكيا، وأندريه بابيش، رئيس وزراء جمهورية التشيك، بالتعبير عن آراء معارضة. ومن المستغرب أيضًا استبعاد المملكة المتحدة، التي تشارك فرنسا في رئاسة «تحالف الإرادة»، وهو مجموعة تضم نحو ثلاثين دولة أوروبية وغير أوروبية تدعم أوكرانيا وتدرس تقديم ضمانات أمنية لها بعد انتهاء الحرب. وبالمثل، قد يكون لدى مجموعة تفاوض مخصصة، أو رئيس الدولة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، فرصة أفضل من ممثل رسمي للاتحاد الأوروبي.