دون وعي وقبل ستة أشهر من الرئاسية:
هل يعمل اليسار واليمين من أجل إعادة انتخاب ماكرون...؟
-- يعتبر جزء من اليمين أن أفضل طريقة لمعارضة اليمين المتطرف هي الاقتراب منه
-- كل الأحزاب اليسارية في عنق زجاجة لا يمكنها الخروج منه
-- يخضع الحزب الرئيسي لليمين الجمهـوري الآن لتوتـر مزدوج
-- تجميع شخصيات اليسار المختلفة المعلنة حاليًا خلف واحد منهم فقط، هو اليوم أقل الفرضيات الممكنة
-- إفقار مستمر لليمين الجمهوري سواء من حيث المشروع السياسي أو خزان الناشطين أو النتائج الانتخابية
قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، لا شيء حُسم حتى الآن، حتى وان أظهرت استطلاعات الرأي ثباتًا على رأس الجدول. إن أوضاع المعارضات ليست بعيدة ومنفصلة عن هذه الملاحظة. سيُعلن الحكم في فترة تزيد قليلاً عن ستة أشهر. في نهاية الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 10 و24 أبريل 2022، وسيكون لفرنسا رئيسها. إذا تم الاقتراع الآن، فإن إيمانويل ماكرون سيبقى في الإليزيه ... حسب استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت. ماذا سيحدث في أبريل 2022؟ هل لدينا عرض أكثر تفصيلاً للمتابعة قبل ستة أشهر من الموعد يختلف عن الذي كان قبل عام؟ سبق أن قلنا في أبريل، أنه لم تجر أية انتخابات رئاسية في ظل الجمهورية الخامسة كما كان يتخيلها الرأي العام قبل عام. لأن الاستطلاعات حول نوايا التصويت، على وجه التحديد، تعطي فقط فكرة عن توازن القوى كما هو قبل عام من الانتخابات الحقيقية.
يجب ألا نملّ التذكير بأن هذه الاستطلاعات، ليست توقعات ولا تنبؤات، إنها تعطي ببساطة صورة عن هذه العلاقات في لحظتها. وربما يكون هذا هو الحال في الانتخابات الرئاسية المقبلة... إن ثوران بركان إريك زمور مثال صارخ على ذلك.
ومضة عابرة أم إقامة مستدامة في أقصى اليمين؟
نابغة من يستطيع القول الى أين سيصل هذا المشاغب، الذي دون أن تكون له مسيرة سياسية في أقصى اليمين، يروّج لمواضيع التطرف الراديكالي التي ما كان لينكرها أتباع فيليب بيتان في الأربعينات، وعشاق الحركات الفاشية التي تدور حول اب نظام فيشي. خاصة أنه عند كتابة هذا التقرير، لم يقل بعد ما إذا سيكون مترشحًا لسباق الاليزيه أم لا.
تبقى الحقيقة، أن التغطية الإعلامية المذهلة التي يتمتع بها على تويتر من بعض وسائل الإعلام، كما تم تحليلها في صحيفة ليبراسيون اليومية في 9 أكتوبر، قد خدمت صعوده الصاروخي في استطلاعات الرأي لنوايا التصويت، من خلال إعطاء حضور سياسي غير عادي لشخصية... غير سياسية، وخاصة ليست مرشحة رسمياً!
هل ستكون هذه الشهرة المفاجئة مجرد ومضة عابرة -أطروحة يتشبث بها كل من مارين لوبان، الضحية الرئيسية لهذا الاختراق، وعدد قليل من المعلقين، بناءً على الحملات السابقة -أم أنها ستستمر طويلا حتى تفجّر بالملموس سير الانتخابات وفق السيناريو الذي وضعته كل الانتخابات السابقة؟ وحدهم، نشطاء المعسكرين المتعارضين جذريًا، يؤمنون بإحدى هاتين الأطروحتين... بالنسبة للبقية، المشهد غائم.
ماكرون لا يتزحزح
فوق 20 بالمائة
ومع ذلك، هناك معطى يظهر بوضوح في استطلاعات الرأي هذه. بينما تؤثر الاختلافات المهمة في النسبة المئوية على جميع المترشحين، سواء من اليمين ومن اليسار، فإن واحدًا فقط، يدعي أنه “من اليمين واليسار” في آن واحد، لا يتأثر بالاضطراب الدائر حوله. إنه إيمانويل ماكرون، الرئيس المنتهية ولايته، والذي لا يزال مرشحًا غير معلن، مثل كل أسلافه في هذا الوقت من ولايتهم.
لا يتزحزح، يبقى الرئيس الفرنسي يتجاوز بكثير سقف 20 بالمائة من نوايا التصويت في جميع مؤسسات سبر الآراء، منذ أشهر وأشهر، وحتى منذ بداية ولايته. وكأن مصائب البعض تصنع سعادته. الى درجة أنه قد ينتهي الأمر الى الاعتقاد بأن اليمين واليسار يعملان بوعي تام لإعادة انتخابه. تجدر الإشارة، الى إنه عندما يتعلق الأمر بالمصائب والصراعات والخلافات الداخلية، فإنهم لا يدخرون جهودهم، ولكن لا أحد سيقول إنه يجد متعة في ذلك.
على يمين رقعة الشطرنج وإلى أقصاه، حيث يتقاتل الوجهان الحاليان للقومية المتفاقمة في حرب ضروس، يسود السخط والتباكي والغضب. لن يعرف حزب الجمهوريين اسم مرشحه الا في ... 4 ديسمبر. الروزنامة التي وضعتها الإدارة، بعد رفض النشطاء للانتخابات التمهيدية المفتوحة، تحدد يوم 13 أكتوبر كموعد نهائي لتقديم الترشحات من قبل فاليري بيكريس وميشيل بارنييه وإريك سيوتي وفيليب جوفين ودينيس باير.
النسق البافلوفي
لليمين في أوائل الثمانينات
بينما أعلن كزافييه برتران، الذي لم يعد عضوًا في حزب الجمهوريين، تمامًا مثل رئيسة إيل دو فرانس فاليري بيكريس، يوم الاثنين 11 أكتوبر، أنه ينضم إلى الخماسي -يتمنى أن يصطف الخمسة وراءه، وهو ما لم يفعله أحد -فان الحزب الرئيسي لليمين الجمهوري يخضع الان لتوتر مزدوج. من ناحية، ينزلق بعض ناشطيه نحو الزيمورية، ومن ناحية أخرى، يتجه جزء من مسؤوليه المنتخبين إلى رئيس الوزراء السابق، إدوارد فيليب، الذي أعلن عن إنشاء حزبه، هوريزون (أفق)، في 9 أكتوبر.
إن الضغط الذي مارسته النجمة السابقة للقناة الإخبارية المستمرة فنسان بولوري، سي نيوز، كان له تأثير في تصلّب خطاب الأبطال الرئيسيين في معركة حزب الجمهوريين، فيما يتعلق بالهجرة، وهو موضوع مركزي وفريد وغير مخفي تقريبًا في حملة اريك زمور الانتخابية، وحول أساسيات الاتحاد الأوروبي التي، هي أيضًا، موضع تساؤل من قبل المشاكس اليميني المتطرف. وقد اعتنق بارنييه نفسه، المفوض الأوروبي السابق ومهندس اتفاقية البريكسيت نيابة عن الاتحاد الأوروبي، هذا التشدد مما أثار استياء زملائه السابقين في بروكسل من فرنسيين واجانب.
في العمق، يستعيد جزء من اليمين النسق البافلوفي الذي اخترقهم في أوائل الثمانينات في مواجهة ظهور الجبهة الوطنية (الاسم السابق للتجمع الوطني). ويرى هؤلاء أن أفضل طريقة لمعارضة اليمين المتطرف هي الاقتراب منه قدر الإمكان لمنع ناخبيهم من الفرار. التقرّب منه، أو حتى التحالف معه، كما حصل عام 1983 أثناء الانتخابات البلدية في درو (اور-لوار). فمنذ ما يقارب الأربعين عامًا، كان التجمع من أجل الجمهورية (سلف الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، ثم حزب الجمهوريين) قد وضع قائمة مشتركة مع حزب لوبان في الجولة الثانية.
سيبقى اليسار في
رواقه حتى النهاية
نتيجة لذلك، يتسبب هذا التقارب التكتوني في رد فعل معاكس، ابتعاد جزء آخر من اليمين معاد للتعايش مع اليمين المتطرف، عن الأسرة. هذا إذا لم يتعلق الامر بقطيعة عنيفة. ان النتيجة النهائية لهذه الحركة المزدوجة المتناقضة، هي إفقار مستمر لليمين الجمهوري، سواء من حيث المشروع السياسي أو خزان الناشطين والمنخرطين أو النتائج الانتخابية. الطبيعة تكره الفراغ، ومصائب البعض تصنع ثروة الآخرين. في هذه الحالة، قد يكون إدوارد فيليب، رئيس وزراء ماكرون السابق الذي سيشارك في حملته الانتخابية عام 2022، هو المستفيد الرئيسي.
طريقة اليمين شبه الواعية من أجل إعادة انتخاب رئيس الدولة، لها نظيرتها على اليسار. مجزؤون تمامًا بحكم غياب شخصية قادرة على تكوين تحالف أو توليفة، حتى وإن كانت صورية، كما عرف فرانسوا ميتران ان يفعل، فإن اليساريين، حتى وإن تظل إمكانية التوافق بينهم ممكنة (وهو ما يجب إثباته)، يظلوا في جميع الحالات غير قابلين للتوافق فيما بينهم في الوقت الحالي. ولئن حاول جان لوك ميلينشون، صاحب المركز الأول في نوايا التصويت (بين 7 بالمائة و13 بالمائة منذ بداية العام)، ان يُوهم بأنه يمكن أن يكون الباني الرئيسي لكيمياء معينة، “الاتحاد الشعبي”، فإنه يعلم جيدًا أن التأثير الحالي لمجمل اليسار يجعل هذا الاحتمال محفوفًا بالمخاطر.
خصوصا، أن شخصية ميلينشون، حتى ما وراء هذا الاتحاد الشعبي، الذي يعد مكياجا ذكيًا للترويج لذاته، مثيرة للانقسام بما يكفي لتترك الناخبين الشيوعيين والاشتراكيين والخضر في مختلف الفرق المتنافسة في حيرة من أمرهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة تجميع شخصيات اليسار المختلفة المعلنة حاليًا خلف واحد منهم فقط، مع أو بدون رئيس كتلة فرنسا المتمردة في الجمعية الوطنية، هو اليوم أقل الفرضيات المحتملة. من الصعب أن نرى الحزب الشيوعي الفرنسي أو الحزب الاشتراكي أو أوروبا البيئة-الخضر، يقبلون التنحي (مجددا للشيوعيين والخضر، كما في عام 2017)، تحت طائلة الاختفاء نهائيًا من المشهد السياسي.
سقوط انتخابي مذهل
ان كل هذه الأحزاب اذن، في عنق زجاجة لا يمكنهم الخروج منها. لقد حُكم عليهم بالبقاء في رواقهم حتى نهاية الحملة، ومواجهة بعضهم البعض في أبريل 2022، مواجهة في ملعب صغير جدا بما ان مجموع اليسار، باستثناء اقصى اليسار التروتسكي لوت أوفريير والحزب الجديد المناهض للرأسمالية، يحصد اليوم أقل من 30 بالمائة. وهذا يعني أنهم في نفس المياه (25 فاصل 94 بالمائة) كالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2017 مع ميلينشون (19 فاصل 58 بالمائة) وبينوا هامون (6 فاصل 36 بالمائة) للحزب الاشتراكي وأوروبا البيئة-الخضر. لكن بعيدًا جدًا عن الجولة الأولى لعام 2012 حيث حصل فرانسوا هولاند (28 فاصل 63 بالمائة) وجان لوك ميلينشون (11 فاصل 10 بالمائة) وإيفا جولي (2 فاصل 31 بالمائة) لصالح أوروبا البيئة-الخضر، مما اعطى 42 فاصل 04 بالمائة لكل اليسار.
ويُظهر هذا الانهيار الانتخابي المفاجئ في عشر سنوات، مدى نقص الأفكار والأمل الذي يثيره اليسار، الذي ظل تحت هيمنة الحزب الاشتراكي منذ نهاية السبعينات. ظاهرة تضاهي تلك التي تهز اليمين بكل راياته: لم يعد النيوغوليون المسيطرون منذ فترة طويلة على هذا الجانب من الطيف السياسي، يعرفون كيف يجدون طريقهم، ممزقين بين الليبراليين المؤيدين لأوروبا الذين يمكنهم تحمّل ماكرون، والبونابرتيين الذين لا تخيفهم أوهام اليمين المتطرف.
إن الجمع بين كل هذه العوامل يرسم صورة قاتمة لهذه القوى اليائسة كل من معسكرها، وتبني بصبر السيناريو التالي. ونفهم في ضوء ذلك، أن بعض القادة السياسيين يتجاهلون المستقبل القريب ويفكرون من الآن في الانتخابات الرئاسية لعام 2027.
-- كل الأحزاب اليسارية في عنق زجاجة لا يمكنها الخروج منه
-- يخضع الحزب الرئيسي لليمين الجمهـوري الآن لتوتـر مزدوج
-- تجميع شخصيات اليسار المختلفة المعلنة حاليًا خلف واحد منهم فقط، هو اليوم أقل الفرضيات الممكنة
-- إفقار مستمر لليمين الجمهوري سواء من حيث المشروع السياسي أو خزان الناشطين أو النتائج الانتخابية
قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، لا شيء حُسم حتى الآن، حتى وان أظهرت استطلاعات الرأي ثباتًا على رأس الجدول. إن أوضاع المعارضات ليست بعيدة ومنفصلة عن هذه الملاحظة. سيُعلن الحكم في فترة تزيد قليلاً عن ستة أشهر. في نهاية الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 10 و24 أبريل 2022، وسيكون لفرنسا رئيسها. إذا تم الاقتراع الآن، فإن إيمانويل ماكرون سيبقى في الإليزيه ... حسب استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت. ماذا سيحدث في أبريل 2022؟ هل لدينا عرض أكثر تفصيلاً للمتابعة قبل ستة أشهر من الموعد يختلف عن الذي كان قبل عام؟ سبق أن قلنا في أبريل، أنه لم تجر أية انتخابات رئاسية في ظل الجمهورية الخامسة كما كان يتخيلها الرأي العام قبل عام. لأن الاستطلاعات حول نوايا التصويت، على وجه التحديد، تعطي فقط فكرة عن توازن القوى كما هو قبل عام من الانتخابات الحقيقية.
يجب ألا نملّ التذكير بأن هذه الاستطلاعات، ليست توقعات ولا تنبؤات، إنها تعطي ببساطة صورة عن هذه العلاقات في لحظتها. وربما يكون هذا هو الحال في الانتخابات الرئاسية المقبلة... إن ثوران بركان إريك زمور مثال صارخ على ذلك.
ومضة عابرة أم إقامة مستدامة في أقصى اليمين؟
نابغة من يستطيع القول الى أين سيصل هذا المشاغب، الذي دون أن تكون له مسيرة سياسية في أقصى اليمين، يروّج لمواضيع التطرف الراديكالي التي ما كان لينكرها أتباع فيليب بيتان في الأربعينات، وعشاق الحركات الفاشية التي تدور حول اب نظام فيشي. خاصة أنه عند كتابة هذا التقرير، لم يقل بعد ما إذا سيكون مترشحًا لسباق الاليزيه أم لا.
تبقى الحقيقة، أن التغطية الإعلامية المذهلة التي يتمتع بها على تويتر من بعض وسائل الإعلام، كما تم تحليلها في صحيفة ليبراسيون اليومية في 9 أكتوبر، قد خدمت صعوده الصاروخي في استطلاعات الرأي لنوايا التصويت، من خلال إعطاء حضور سياسي غير عادي لشخصية... غير سياسية، وخاصة ليست مرشحة رسمياً!
هل ستكون هذه الشهرة المفاجئة مجرد ومضة عابرة -أطروحة يتشبث بها كل من مارين لوبان، الضحية الرئيسية لهذا الاختراق، وعدد قليل من المعلقين، بناءً على الحملات السابقة -أم أنها ستستمر طويلا حتى تفجّر بالملموس سير الانتخابات وفق السيناريو الذي وضعته كل الانتخابات السابقة؟ وحدهم، نشطاء المعسكرين المتعارضين جذريًا، يؤمنون بإحدى هاتين الأطروحتين... بالنسبة للبقية، المشهد غائم.
ماكرون لا يتزحزح
فوق 20 بالمائة
ومع ذلك، هناك معطى يظهر بوضوح في استطلاعات الرأي هذه. بينما تؤثر الاختلافات المهمة في النسبة المئوية على جميع المترشحين، سواء من اليمين ومن اليسار، فإن واحدًا فقط، يدعي أنه “من اليمين واليسار” في آن واحد، لا يتأثر بالاضطراب الدائر حوله. إنه إيمانويل ماكرون، الرئيس المنتهية ولايته، والذي لا يزال مرشحًا غير معلن، مثل كل أسلافه في هذا الوقت من ولايتهم.
لا يتزحزح، يبقى الرئيس الفرنسي يتجاوز بكثير سقف 20 بالمائة من نوايا التصويت في جميع مؤسسات سبر الآراء، منذ أشهر وأشهر، وحتى منذ بداية ولايته. وكأن مصائب البعض تصنع سعادته. الى درجة أنه قد ينتهي الأمر الى الاعتقاد بأن اليمين واليسار يعملان بوعي تام لإعادة انتخابه. تجدر الإشارة، الى إنه عندما يتعلق الأمر بالمصائب والصراعات والخلافات الداخلية، فإنهم لا يدخرون جهودهم، ولكن لا أحد سيقول إنه يجد متعة في ذلك.
على يمين رقعة الشطرنج وإلى أقصاه، حيث يتقاتل الوجهان الحاليان للقومية المتفاقمة في حرب ضروس، يسود السخط والتباكي والغضب. لن يعرف حزب الجمهوريين اسم مرشحه الا في ... 4 ديسمبر. الروزنامة التي وضعتها الإدارة، بعد رفض النشطاء للانتخابات التمهيدية المفتوحة، تحدد يوم 13 أكتوبر كموعد نهائي لتقديم الترشحات من قبل فاليري بيكريس وميشيل بارنييه وإريك سيوتي وفيليب جوفين ودينيس باير.
النسق البافلوفي
لليمين في أوائل الثمانينات
بينما أعلن كزافييه برتران، الذي لم يعد عضوًا في حزب الجمهوريين، تمامًا مثل رئيسة إيل دو فرانس فاليري بيكريس، يوم الاثنين 11 أكتوبر، أنه ينضم إلى الخماسي -يتمنى أن يصطف الخمسة وراءه، وهو ما لم يفعله أحد -فان الحزب الرئيسي لليمين الجمهوري يخضع الان لتوتر مزدوج. من ناحية، ينزلق بعض ناشطيه نحو الزيمورية، ومن ناحية أخرى، يتجه جزء من مسؤوليه المنتخبين إلى رئيس الوزراء السابق، إدوارد فيليب، الذي أعلن عن إنشاء حزبه، هوريزون (أفق)، في 9 أكتوبر.
إن الضغط الذي مارسته النجمة السابقة للقناة الإخبارية المستمرة فنسان بولوري، سي نيوز، كان له تأثير في تصلّب خطاب الأبطال الرئيسيين في معركة حزب الجمهوريين، فيما يتعلق بالهجرة، وهو موضوع مركزي وفريد وغير مخفي تقريبًا في حملة اريك زمور الانتخابية، وحول أساسيات الاتحاد الأوروبي التي، هي أيضًا، موضع تساؤل من قبل المشاكس اليميني المتطرف. وقد اعتنق بارنييه نفسه، المفوض الأوروبي السابق ومهندس اتفاقية البريكسيت نيابة عن الاتحاد الأوروبي، هذا التشدد مما أثار استياء زملائه السابقين في بروكسل من فرنسيين واجانب.
في العمق، يستعيد جزء من اليمين النسق البافلوفي الذي اخترقهم في أوائل الثمانينات في مواجهة ظهور الجبهة الوطنية (الاسم السابق للتجمع الوطني). ويرى هؤلاء أن أفضل طريقة لمعارضة اليمين المتطرف هي الاقتراب منه قدر الإمكان لمنع ناخبيهم من الفرار. التقرّب منه، أو حتى التحالف معه، كما حصل عام 1983 أثناء الانتخابات البلدية في درو (اور-لوار). فمنذ ما يقارب الأربعين عامًا، كان التجمع من أجل الجمهورية (سلف الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، ثم حزب الجمهوريين) قد وضع قائمة مشتركة مع حزب لوبان في الجولة الثانية.
سيبقى اليسار في
رواقه حتى النهاية
نتيجة لذلك، يتسبب هذا التقارب التكتوني في رد فعل معاكس، ابتعاد جزء آخر من اليمين معاد للتعايش مع اليمين المتطرف، عن الأسرة. هذا إذا لم يتعلق الامر بقطيعة عنيفة. ان النتيجة النهائية لهذه الحركة المزدوجة المتناقضة، هي إفقار مستمر لليمين الجمهوري، سواء من حيث المشروع السياسي أو خزان الناشطين والمنخرطين أو النتائج الانتخابية. الطبيعة تكره الفراغ، ومصائب البعض تصنع ثروة الآخرين. في هذه الحالة، قد يكون إدوارد فيليب، رئيس وزراء ماكرون السابق الذي سيشارك في حملته الانتخابية عام 2022، هو المستفيد الرئيسي.
طريقة اليمين شبه الواعية من أجل إعادة انتخاب رئيس الدولة، لها نظيرتها على اليسار. مجزؤون تمامًا بحكم غياب شخصية قادرة على تكوين تحالف أو توليفة، حتى وإن كانت صورية، كما عرف فرانسوا ميتران ان يفعل، فإن اليساريين، حتى وإن تظل إمكانية التوافق بينهم ممكنة (وهو ما يجب إثباته)، يظلوا في جميع الحالات غير قابلين للتوافق فيما بينهم في الوقت الحالي. ولئن حاول جان لوك ميلينشون، صاحب المركز الأول في نوايا التصويت (بين 7 بالمائة و13 بالمائة منذ بداية العام)، ان يُوهم بأنه يمكن أن يكون الباني الرئيسي لكيمياء معينة، “الاتحاد الشعبي”، فإنه يعلم جيدًا أن التأثير الحالي لمجمل اليسار يجعل هذا الاحتمال محفوفًا بالمخاطر.
خصوصا، أن شخصية ميلينشون، حتى ما وراء هذا الاتحاد الشعبي، الذي يعد مكياجا ذكيًا للترويج لذاته، مثيرة للانقسام بما يكفي لتترك الناخبين الشيوعيين والاشتراكيين والخضر في مختلف الفرق المتنافسة في حيرة من أمرهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة تجميع شخصيات اليسار المختلفة المعلنة حاليًا خلف واحد منهم فقط، مع أو بدون رئيس كتلة فرنسا المتمردة في الجمعية الوطنية، هو اليوم أقل الفرضيات المحتملة. من الصعب أن نرى الحزب الشيوعي الفرنسي أو الحزب الاشتراكي أو أوروبا البيئة-الخضر، يقبلون التنحي (مجددا للشيوعيين والخضر، كما في عام 2017)، تحت طائلة الاختفاء نهائيًا من المشهد السياسي.
سقوط انتخابي مذهل
ان كل هذه الأحزاب اذن، في عنق زجاجة لا يمكنهم الخروج منها. لقد حُكم عليهم بالبقاء في رواقهم حتى نهاية الحملة، ومواجهة بعضهم البعض في أبريل 2022، مواجهة في ملعب صغير جدا بما ان مجموع اليسار، باستثناء اقصى اليسار التروتسكي لوت أوفريير والحزب الجديد المناهض للرأسمالية، يحصد اليوم أقل من 30 بالمائة. وهذا يعني أنهم في نفس المياه (25 فاصل 94 بالمائة) كالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2017 مع ميلينشون (19 فاصل 58 بالمائة) وبينوا هامون (6 فاصل 36 بالمائة) للحزب الاشتراكي وأوروبا البيئة-الخضر. لكن بعيدًا جدًا عن الجولة الأولى لعام 2012 حيث حصل فرانسوا هولاند (28 فاصل 63 بالمائة) وجان لوك ميلينشون (11 فاصل 10 بالمائة) وإيفا جولي (2 فاصل 31 بالمائة) لصالح أوروبا البيئة-الخضر، مما اعطى 42 فاصل 04 بالمائة لكل اليسار.
ويُظهر هذا الانهيار الانتخابي المفاجئ في عشر سنوات، مدى نقص الأفكار والأمل الذي يثيره اليسار، الذي ظل تحت هيمنة الحزب الاشتراكي منذ نهاية السبعينات. ظاهرة تضاهي تلك التي تهز اليمين بكل راياته: لم يعد النيوغوليون المسيطرون منذ فترة طويلة على هذا الجانب من الطيف السياسي، يعرفون كيف يجدون طريقهم، ممزقين بين الليبراليين المؤيدين لأوروبا الذين يمكنهم تحمّل ماكرون، والبونابرتيين الذين لا تخيفهم أوهام اليمين المتطرف.
إن الجمع بين كل هذه العوامل يرسم صورة قاتمة لهذه القوى اليائسة كل من معسكرها، وتبني بصبر السيناريو التالي. ونفهم في ضوء ذلك، أن بعض القادة السياسيين يتجاهلون المستقبل القريب ويفكرون من الآن في الانتخابات الرئاسية لعام 2027.