هل ينقلب تصنيف «حزب البديل» على النظام الديمقراطي في ألمانيا؟

هل ينقلب تصنيف «حزب البديل» على النظام الديمقراطي في ألمانيا؟


يثير تصنيف جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني لحزب «البديل من أجل ألمانيا» كحركة يمينية متطرفة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والقانونية والشعبية، محذرين من أن إخضاع حزب سياسي للحظر دون أدلة دامغة «قد ينقلب على النظام الديمقراطي نفسه».
وأعاد القرار، الذي استند إلى أدلة اعتُبرت مؤكدة بشأن تهديد الحزب للنظام الديمقراطي الليبرالي، إلى الواجهة تساؤلات حساسة حول مشروعية حظره، حيث يعكس هذا النقاش صراع الديمقراطيات بين حماية الحريات والتصدي للأفكار المتطرفة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن التصنيف الصادر عن «مكتب حماية الدستور» في 2 أيار- مايو الماضي لم يحمل أثرًا قانونيًا مباشرًا، لكنه منح السلطات الألمانية أدوات موسعة لمراقبة أنشطة الحزب.
كما أنه يُنظر إليه كتمهيد قانوني محتمل لتقديم طلب رسمي لحظر الحزب أمام المحكمة الدستورية في كارلسروه، بدعوى تهديده للنظام الديمقراطي الألماني. وأوضح تقرير الصحيفة الفرنسية أن فكرة الحظر أثارت انقسامًا واضحًا في المجتمع الألماني؛ فوفق استطلاعات الرأي، يؤيد نصف الألمان تقريبًا هذه الخطوة، في حين يعارضها النصف الآخر أو لا يزال مترددًا. كما انعكس هذا الانقسام داخل الأحزاب التقليدية؛ إذ يُظهر الحزب الاشتراكي الديمقراطي ميلاً نحو دعم الحظر، بينما يتخذ الاتحاد الديمقراطي المسيحي موقفًا أكثر تحفظًا، مع تباينات داخلية لدى كلا الطرفين.
وتُذكّر هذه النقاشات الألمان بتجربة جمهورية فايمار التي فشلت في التصدي المبكر للنازية، وهو ما أشار إليه الخبير الدستوري كيريل-ألكسندر شفارتس، معتبرًا أن تأخر المواجهة القانونية آنذاك ساهم في صعود النظام النازي.
وبالمقابل، يحذر آخرون، مثل القاضي الدستوري السابق بيتر مولر، من أن إخضاع حزب سياسي للحظر دون أدلة دامغة قد ينقلب على النظام الديمقراطي نفسه.
ويواجه المؤيدون للحظر تحديًا قانونيًا كبيرًا؛ إذ يتطلب الدستور الألماني أدلة قوية تُثبت أن الحزب يعمل بنشاط وبشكل عدائي على تقويض الديمقراطية، وليس فقط التهديد بها نظريًا.
وتشير وثائق الاستخبارات إلى أن الحزب يتبنى تصورات عنصرية تستند إلى الأصل العرقي وتُشكك بشرعية النظام الديمقراطي، وهي تصورات اعتبرها 17 خبيرًا قانونيًا في رسالة للبرلمان الألماني بمثابة سلوك «غير دستوري».
لكن تبقى المخاطر السياسية قائمة، إذ إن حظر الحزب قد يؤدي إلى طرد 151 نائبًا من البرلمان، وترك ربع مقاعده فارغة، الأمر الذي يفتح الباب أمام دعايات سياسية معادية لألمانيا في الداخل والخارج، كما قد تتطلب الخطوة تنظيم انتخابات مبكرة محفوفة بعدم اليقين. ويرى أنصار الحظر أن استخدام القانون للدفاع عن الديمقراطية لا يتناقض مع خوض المعركة السياسية ضد الفكر المتطرف، بل قد يشكل وسيلة لردع الناخبين المترددين وتعزيز المساءلة السياسية في مواجهة خطاب الكراهية والانقسام.