بعد تحذير ماكرون من الحرب «الهجينة» في أوكرانيا

الأوروبيون يخشون أن يجدوا أنفسهم خارج معادلة ما بعد الحرب

الأوروبيون يخشون أن يجدوا أنفسهم خارج معادلة ما بعد الحرب


يرى خبراء أن وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للحرب الروسية ـ الأوكرانية بأنها “هجينة”، يعكس القلق الأوروبي المتزايد من نوايا روسية طويلة المدى تهدف إلى إعادة تشكيل موازين القوة في القارة، وتوسيع النفوذ الروسي ليشمل دول البلطيق والدول الإسكندنافية.
ويشير الوصف الذي أطلقه ماكرون على هامش قمة العشرين، إلى أن موسكو لا تكتفي بالعمليات العسكرية، بل توسع أدواتها لتشمل: الاقتصاد، والإعلام، والفضاء، والضغط السياسي والنفسي على أوروبا، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين.

أوروبا خارج المعادلة
وأكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن التطورات الميدانية والمسارات الأمريكية لإنهاء الحرب دفعت باريس وباقي العواصم الأوروبية إلى تكثيف خطابها حول “الخطر الروسي».
وقال في تصريحات لـ”إرم نيوز” إن  الأوروبيين يخشون أن يجدوا أنفسهم خارج معادلة ما بعد الحرب، رغم إنفاقهم مليارات اليورو ودفعهم نحو عسكرة أوروبا منذ 2022.
وأضاف حميد أن ماكرون كان من أوائل القادة الأوروبيين الذين دعوا إلى مشاركة عسكرية مباشرة لدعم كييف، وتصاعدت مواقفه السياسية والإعلامية خلال الأشهر الأخيرة في ظل شعور فرنسي بأن موسكو تستهدف إعادة رسم ميزان القوى الأوروبي، بل وتهديد دول أخرى مستقبلًا.
وأشار المحلل السياسي إلى أن باريس تعتبر أن أي تراجع أوروبي، الآن، سيمنح روسيا القدرة على فرض وقائع جديدة، خاصة بعدما بدت فرنسا متأخرة عن منافسيها الدوليين في القدرات العسكرية والفضائية، رغم خطابها المتشدد.

خيارات سريعة لإنهاء الحرب
وأوضح الخبير في الشؤون الأوروبية أن هذه المخاوف تزداد منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وطرحه خيارات سريعة لإنهاء الحرب، ولو على حساب كييف وحلفائها.
من جانبه، أكد الأكاديمي والدبلوماسي المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية، د. ياسين رواشدي، أن وصف ماكرون للحرب بأنها “هجينة” يعني أنها حرب مركّبة تخوضها روسيا بعدة أدوات في وقت واحد.وقال رواشدي في تصريحات لـ”إرم نيوز” إن موسكو تمارس إلى جانب الهجوم العسكري حروبًا اقتصادية وسياسية وإعلامية، أبرزها الضغط على  أوروبا عبر ورقة الطاقة وتقييد إمدادات الغاز قبل الحرب، إضافة إلى استخدام أدوات الحرب النفسية، وتحريك ملفات الهجرة، وإقامة تهديدات على حدود دول البلطيق والدول الإسكندنافية.وأشار إلى أن هذا المفهوم يعكس رؤية أوروبية تعتبر أن تهديد موسكو لا يتوقف عند أوكرانيا، بل يمتد إلى الأمن القاري كله، حتى لو توقفت العمليات العسكرية ميدانيًا.
وقال إن ماكرون يحاول إرسال تحذير واضح، إذ إن روسيا لا تكتفي بحرب تقليدية بل تدير حربًا مفتوحة على عدة جبهات ضد النظام الأوروبي القائم.

تحمل أوروبا لمسؤولياتها
ولفت رواشدي إلى أن الدول الأوروبية، خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ترى نفسها ملزمة بتحمل مسؤوليتها التاريخية، باعتبارها كانت من الجهات الضامنة لأمن أوكرانيا منذ اتفاق بودابست 1994.
وأضاف أن وصف ماكرون للحرب بـ”الهجينة” يأتي في إطار رفع مستوى التحذير داخل الاتحاد الأوروبي، والتأكيد على أن أي حديث روسي عن “السلام” لا يجب أن يُؤخذ كضمانة لخفض التوتر.وتابع أن “باريس تعتبر أن موسكو تمتلك إستراتيجية طويلة المدى لإعادة بسط نفوذها على محيطها الجغرافي، وأن هذا السيناريو، إذا تحقق، قد يضع أوروبا أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، تمتد من أوكرانيا وصولًا إلى شرق القارة وآسيا الوسطى».