على نار حامية.. أمريكا تعيد فتح ملف «لاجئي الحروب» بعد هجوم واشنطن
انفجرت شرارة جدل متصاعد في الولايات المتحدة حول سياسات اللجوء المتّبعة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وكيفية التعامل مع القادمين خاصة من مناطق النزاع.
وتسجّل الولايات المتحدة أعلى معدلات استقبال للاجئين من مناطق النزاع، مقارنة بأي دولة غربية أخرى خلال العقدين الأخيرين.
ويأتي الجدل، في أعقاب تأكيد الهوية الأفغانية لمنفذ الهجوم على عناصر الحرس الوطني قرب البيت الأبيض في العاصمة واشنطن.
«الوفاء للعملاء»
وما إن كُشفت هوية منفذ هجوم محيط البيت الأبيض بأنه أفغاني جاء لاجئًا إلى الولايات المتحدة بعد إنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان قبل 5 سنوات، واتضح أنه وصل ضمن الدفعات التي دخلت البلاد تباعًا بعد الانسحاب من كابول، حتى عاد الجدل حول ملف اللاجئين الأفغان إلى الواجهة.
قدوم العميل السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان كان ضمن خطط الرئيس السابق جو بايدن لاستقبال حلفاء الولايات المتحدة هناك، عرفانًا بجهود شركاء الجيش الأمريكي في قتاله ضد القاعدة وطالبان لعقدين من الزمن.
وهذا العميل لم يحصل على حق اللجوء السياسي إلا في عهد الإدارة الحالية، وفي وقت سابق من العام الجاري، وتحديدًا في شهر أبريل-نيسان الماضي.
ويقول عضو في الحزب ديمقراطي لـ”إرم نيوز”، إن “المعطيات المتعلقة بهوية منفذ الهجوم تظهر أنه خضع لجميع الإجراءات والفحوص الأمنية المطلوبة قبل تمكينه من الاستفادة من حق اللجوء والإقامة في الولايات المتحدة، إضافة إلى المعلومات المتوافرة عن فترة تعامله مع الجيش والمنظمات الأمريكية العاملة في أفغانستان، وإجادته بدرجة كبيرة للتحدث والتعامل باللغة الإنجليزية».
وأوضح العضو الديمقراطي، أن “استقدام المتعاملين السابقين من أفغانستان كان التزامًا أخلاقيًا من الولايات المتحدة تجاه شركائها الذين كانوا جزءًا من حربها ضد الإرهاب والتطرف، وأن قرار الإدارة، آنذاك، كان رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة تقدّر تضحيات حلفائها وخدمتهم لها ولجنودها في تلك الحرب الطويلة».
وتابع: “لم تكن الرسالة موجهة للأفغان وحدهم، بل لجميع حلفاء الولايات المتحدة حول العالم».
سلسلة تحفظات طويلة
وكان هناك موقف متحفظ، بصورة تكاد تكون مستمرة، من قبل الجمهوريين تجاه الإجراءات التي اتخذتها الإدارة السابقة لإيواء اللاجئين الأفغان منذ وصول أولى دفعاتهم إلى واشنطن.
وتركزت التحفظات الجمهورية على أن الوقت المتاح أمام الجهات المختصة لفحص خلفيات الأفغان الراغبين في القدوم إلى الولايات المتحدة لم يكن كافيًا.
ولذلك، لجأ الحزبان الجمهوري والديمقراطي إلى مشروع “دول العبور” لمنح الجهات المختصة وقتًا أطول لفحص خلفيات المستقدمين.
ويقول قيادي جمهوري لـ”إرم نيوز”، إن “الكثير من العقبات واجهت هذه العمليات، سواء على الأرض أو في برامج الإدماج داخل الولايات المتحدة».
وأشار القيادي، إلى أن “كثيراً من الأفراد الذين تم إجلاؤهم على عجل تقديرا لخطر تعرضهم للتصفية أو الملاحقة من قبل طالبان، جرى إجلاؤهم بصحبة أفراد عائلاتهم الذين لم تتوافر معلومات كافية عن خلفياتهم».
وقال إن “التعامل مع الأزمة التي خلّفها الانسحاب كان إنسانيا أكثر منه أمنيا، وهو ما جعل الكثير من الأزمات تتضح لاحقاً».
خلافات معلقة
وأضاف القيادي، أن “خلافات سابقة ظلت معلقة لوقت غير قصير داخل الكونغرس بين مشرّعي الحزبين حول تمديد الإقامات المؤقتة للاجئين الأفغان أو إنهائها وترحيلهم إلى أفغانستان أو إلى دول أخرى تُبدي استعدادًا لاستقبالهم».
وجميع الحلول التي جرى التوصل إليها كانت مؤقتة، ومنها تجديد أو تمديد تصاريح العمل لآلاف الأفغان، مع تأجيل الحسم في ملف منحهم حق اللجوء أو بدء إجراءات الإقامة الدائمة.
ووفق القيادي الجمهوري، “كانت هناك رؤية داخل الجهات المختصة بأن بقاء هؤلاء في الولايات المتحدة فترة أطول سيسمح بمراقبة سلوكهم، ومدى استعدادهم للاندماج، ومعرفة توجهاتهم عن قرب، إلا أن هذا التوجه لم يحظَ بحماسة كافية بين المشرعين الجمهوريين، خاصة في ظل اتجاه الإدارة الحالية إلى تطبيق سياسات متشددة في ملف الهجرة، ومطالبتها بمراجعة شاملة لبرامج اللجوء التي استُحدثت في عهد الإدارة السابقة».
تدخل المحاربين السابقين
ويقول محاربون أمريكيون سابقون لـ”إرم نيوز”، إنهم “سعوا، خلال السنوات الخمس الماضية، إلى تسهيل إجراءات استقدام أفراد وعائلات أفغانية إلى الولايات المتحدة، ردًا للجميل الذي قدمه الأفغان لهم خلال فترة خدمتهم في أفغانستان».
ويضيف هؤلا،ء أنهم “تواصلوا عبر الوكالات الفيدرالية ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، في ظل الإدارتين السابقة والحالية، للتوسط في تسهيل استقدام مئات الأفغان، باعتبار ذلك تقديرًا لجهود إنسانية بذلها الأفغان لحماية الجنود الأمريكيين خلال سنوات الحرب».
ويقول المحاربون السابقون، الذين خاضوا جهودًا طويلة داخل الكونغرس ومع حملات جمع التبرعات لإعادة إيواء الأفغان، إن “العائلات التي سعوا لاستقدامها تجمعهم بها علاقات شخصية، وإن بعضهم تطوع لاستقبال تلك العائلات في منازلهم بعد انتهاء الإجراءات القانونية».
ترحيل الأفغان
ويقول القيادي الجمهوري، إن “قرار الرئيس ترامب بإعادة النظر في جميع طلبات اللجوء المقدمة في عهد الإدارة السابقة سيعزز الاتجاه نحو تنفيذ قرار سابق بإنهاء وجود آلاف الأفغان المقيمين مؤقتًا وترحيلهم في أقرب وقت».
وأوضح لـ”إرم نيوز”، أن “قرارًا سابقًا صدر بإنهاء وجود ما بين 4 إلى 5 آلاف أفغاني استفادوا من الإقامة المؤقتة في عهد الإدارة السابقة، وتم تأجيل تنفيذه لأسباب متعددة، لكن التوجه الحالي هو إعادة تفعيله في ظل التطورات».
ويضيف أن “هذا العدد، الذي يُعاد النظر في تصاريح إقامته، يشكل نصف عدد الأفغان الذين استُقدموا بعد الانسحاب الأمريكي والمقدّر بـتسعة آلاف لاجئ وصلوا إلى الولايات المتحدة عبر دفعات متتالية».ش