جامعة أبوظبي تستضيف فعاليات النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لمستقبل أكثر استدامة 2024
متناقضات
عندما تجلس في مطعم راق وتشاهد مكتوباً في قائمة الطعام، وجبة البازلاء باللحم المفروم والخبز الساخن مع شرائح البصل المقرمشة، وقطع الطماطم المدورة، مع قليل من الشطة الحارة، تذهب بك الجملة وكأنك تأكل في مطعم على نهر السين، تنزل الوجبة لتتفاجأ بأنه (كيما) و(براتا) مع (داقوس)، والطبق الثاني بصل وخيار وخس، وتتذكر أين شاهدت هذا الطبق، نعم صحيح في مطعم ناصر بشارع المطار.
عندما تستمع إلى موضوع ما من رجل، تجد الموضوع بسيطاً جداً، كأن يقول لك: أتى فلان، وقال: اعملوا الشغلة الفلانية وذهب، أما إذا استمعت للموضوع نفسه من امرأة، لا أدري من أين يأتين بالخيال الواسع، تدفق في الأحداث، تفاصيل، تعبير، بهارات، لا أدري لمَ النساء يحببن الأكشن- على قولة إخواننا المصريين: (بيحبوا الحوارات)، فعندما تستمع لهذه اللحظة عزيزي الرجل، لا عليك إلا أن تهز رأسك بصمت هزة الهنود يميناً ويساراً مع بعض الميلان حتى لا تدري المرأة هل أنت توافقها أم تنافيها، وبالتالي لن تكون جزءاً من الأكشن، وتطلع من السالفة بسلام، ويأتي بعض النسوة في الفضائيات ويقلن: لمَ شهادة الرجل عن شهادة امرأتين، اللهم لا اعتراض على أحكامك وقرآنك.
كنا نأكل في مطعم أنا وصديق لي، وكان الأكل في منتهى الجمال، وليس فيه أي عيب من ناحية حلاوة الأكل ونظافة المطعم وسرعة الخدمة، سوى أن العاملين في المطعم وعلى رأسهم مدير المطعم، كل شوية يأتون لنا ويقولون ما رأيكم في مستوى الأكل، إن شاء الله عجبكم، بالنسبة لي في مثل هذه الحالات فإني لا أرد، إلا هزة الرأس بالموافقة ليحل بسرعة من فوق رأسي وأكمل وجبتي، أما الصديق فيجيبهم بـأن الأكل في منتهى الجمال، ولا أدري لمَ يختارون توقيت السؤال عندما يضع اللقمة في فمه، فيأتي مدير المطعم ويقول له ما رأيك في الأكل، ليُجيب صديقي وهو يمضغ، في المرة الأولى رائع، في المرة الثانية جميل، المرة الثالثة هز رأسه بصمت، في المرة الرابعة متعصباً: الأكل مب حلو ، خلونا ناكل ، ذبحتونا، ولم يأتوا بعدها أبداً، سوى عند طلبنا للحساب، ليٌقدم لهم صديقي نصيحة وهي دع الزبون يأكل واسأله عن مستوى الطعام بعد الأكل ليجيبك بأريحية وكرشه مملوء، ولا تأتيه وهو جائع أو أثناء الأكل، ونحن خارجون من المطعم قلت لصديقي: كنت قلت لهم الإجابة الأخيرة من أول مرة، لنأكل بسلام.
يأتي لك شعور بأنك لابد أن تُسافر لتغير جواً وتجدد طاقتك وتُبدل نفسيتك، وأنا أنصح بالسفر - مرتين في السنة للقادر- ولكن الغريب الذي يحدث لي أن ثالث يوم وأنا خارج الدولة أشعر بأني أٌريد الرجوع إلى أرض الوطن وبسرعة، وتبدأ طقوس الرجوع من السفر من أول يوم وقد أكملت أسبوعاً خارج الدولة، أجد نفسي لا أفعل شيئاً سوى أن أجول في السيارة بشوارع أبوظبي، الخالدية، الكورنيش، شارع حمدان، النادي السياحي، شارع النجدة، القرم، الكاسر. ولا ينطفئ الشوق إلا عندما أنزل من سيارتي وأتمشى بقدمي نصف ساعة على الأقل كالهائم بفقدان محبوبته والسرحان بجمال وسحر المدينة.
الإمارات لها شوقٌ وولهٌ لا ينتهي إن غبت عنها _ ترجع لها_ والخفوق ينبض نبضة العاشق المفقود عنها.