أوجلان وديميرتاش.. عسكري وسياسي يقودان أكراد تركيا في عملية سلام تاريخية‎

أوجلان وديميرتاش.. عسكري وسياسي يقودان أكراد تركيا في عملية سلام تاريخية‎


يستعد الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، والسياسي الكردي البارز، صلاح الدين ديميرتاش، لقيادة أكراد تركيا في عملية السلام الجارية مع أنقرة التي تتجه لتخفيف القيود عن سجن الأول والإفراج عن الثاني.
وبدأت تركيا وحزب العمال الكردستاني، مساراً جديداً للسلام قبل نحو عام، بهدف حل الحزب وإلقاء مقاتليه للسلاح وعودتهم لتركيا والاندماج في الحياة السياسية والاجتماعية فيها بالتزامن مع تشريعات وقوانين وحتى إقرار دستور جديد يحقق تطلعات أكراد تركيا في العدالة والمساواة.
لكن طوال مراحل عملية السلام التي شهدت دعوات لإنهاء الصراع ونداءات لإلقاء السلاح وإعلاناً لحل الحزب ومن ثم سحب المقاتلين من قواعدهم، ظل الجانب الكردي في العملية ممثلاً بشكل غير مباشر عبر الوسطاء.
وقاد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، جهود الوساطة تلك، حيث زار نواب في البرلمان التركي، منتمون له، أوجلان في سجنه القابع فيه منذ 26 عاماً، ونقلوا مواقفه وتصوراته لعملية السلام إلى لجنة برلمانية تضم ممثلين عن الأحزاب التركية.
غير أن الحزب الذي يعد أكبر ممثل للأكراد في تركيا، شدد في الأشهر القليلة الماضية، من موقفه المطالب بأن تبادر أنقرة بخطوات تدعم عمليات السلام، بعد أن شهدت بطئاً وتردداً واعتراضات في الأوساط السياسية التركية.

أوجلان يقود حزبه للسلام
ركز حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، مطالبه على أن يتواصل الجانب التركي مع أوجلان بشكل مباشر، وتقابله لجنة السلام البرلمانية وجهاً لوجه، بهدف تعزيز الثقة في عملية السلام، وهو ما جرى مساء يوم أمس الأول الاثنين، في خطوة تاريخية جاءت بعد تردد وانقسام وانسحاب أحزاب تركية من دعم الخطوة.
وقال البرلمان التركي، إن الوفد الذي يمثل لجنة السلام البرلمانية، زار أوجلان في سجنه بجزيرة “إيمرالي”، واستمع له بشكل مفصل حول حل حزبه وإلقاء مقاتليه للسلاح، بجانب الأسئلة حول تنفيذ اتفاق 10 آذار-مارس في سوريا (اتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية).
وأضاف البرلمان في بيان، أن اللقاء أثمر عن نتائج إيجابية فيما يتعلق بالاندماج الاجتماعي وتعزيز الأخوة، في إشارة للجانب السياسي من عملية السلام الذي يستهدف تحقيق تطلعات أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني في الحياة السياسية والاجتماعية في تركيا.
وهذه هي المرة الأولى التي يقابل فيها أوجلان نواباً من البرلمان بصفته ممثلاً لحزبه في سياق عملية سلام، بينما لا تزال أنقرة تصفه بـ”الإرهابي” وتصف حزبه أيضاً بالمنظمة “الإرهابية».

ديميرتاش يقود تطلعات أكراد تركيا
في الجانب الآخر من مطالب حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، تصدر الإفراج عن ديميرتاش المسجون منذ 9 سنوات، مطالب الحزب الكردي بشكل رئيس، واعتبر قادته ومسؤولوه أن تأخير الإفراج عن ديميرتاش يعرقل عملية السلام.
وتزامنت تلك المطالب مع توفر مخرج قانوني يتيح الإفراج عن ديميرتاش بالفعل، عبر قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أصدرت مؤخراً حكمًا يعتبر سجن دميرتاش انتهاكًا لحقوقه القانونية ويستند إلى مبررات سياسية، في انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها أنقرة.
وتوقع النائب عن حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، جنكيز جاندار، أن يُطلق سراح ديميرتاش خلال الأسبوع الجاري على أبعد تقدير، موضحاً أنه لا يمكن أن تستمر عملية السلام في تركيا من دونه.
واستبق ديميرتاش الإفراج المتوقع عنه، برسالة من سجنه في “إدرنة” شمال غرب تركيا، قال فيها إنه سيواصل حياته السياسية من خلال حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، مؤكداً أنه لا يمكن أن يلعب دوراً بديلاً لأوجلان، في عملية السلام.
وعند الإفراج المتوقع عن ديميرتاش، سيكون بجانب أوجلان، في موقع الممثل لأكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني، بهدف دفع عملية السلام وتخطي العقبات وبطء الانتقال من خطوة لأخرى.
وقال المحلل السياسي التركي، علي أسمر، إن الإفراج المتوقع عن ديميرتاش، يعني أن تركيا دخلت مرحلة جديدة أو حلقة جديدة في مسار عملية السلام الجارية، متوقعاً أن يلعب دوراً إيجابياً في عملية السلام.
وأضاف أسمر لـ “إرم نيوز”، أن لدى ديميرتاش دوراً ينتظره في عملية السلام، مغايراً لقضية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، ويتعلق بالتبعات القضائية لتلك الخطوة، والتي تحتاج لقائد سياسي، مشيراً لمصير المقاتلين ومن منهم سيحاكم، ومن يستطيع العودة لتركيا والاندماج في المجتمع والحياة السياسية.
وأوضح أسمر الذي كان يتحدث من “إسطنبول”، أن ديميرتاش سيلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تقريب وجهات النظر وبعث الأمل والثقة بين الطرفين خلال هذا المسار الطويل والذي لديه تحديات وعقبات كثيرة، ويواجه معارضين من كلا الجانبين.
ووضع التقدم الجديد في عملية السلام التي شهدت سابقاً إعلان حزب العمال حل نفسه وسحب مقاتليه من عدة مواقع، أوجلان وديميرتاش في موقع قيادة عملية المفاوضات والنقاشات التي تستهدف إنهاء الصراع المسلح المستمر منذ قرابة نصف قرن.