على نفسها جنت براقش:

اللحظة التي خرب فيها كولن باول مسيرته...!

اللحظة التي خرب فيها كولن باول مسيرته...!

  توفي كولين باول، الذي شغل منصب أكبر دبلوماسي أميركي وأعلى جنرال وكان أول رجل أسود يحقق ذلك في الحالتين، عن سن 84 عامًا. نادرًا، وربما لم يصل رجل دولة أمريكي أو محارب إلى مثل هذا القدر من السلطة قبل أن يسقط على يد خصومه داخل الحكومة.

عقيدة باول
   وُلد باول في هارلم لعائلة جامايكية، وهو مثال نموذجي لطفل من الطبقة الكادحة صنع نفسه بنفسه، حيث التحق بالجيش، وقاتل في فيتنام كجندي بسيط، وترقى في الرتبة وأصبح جنرالا، ثم بعد أن كان مستشارًا للأمن القومي للرئيس رونالد ريغان، تم تعيينه رئيسًا لهيئة الأركان المشتركة من قبل الرئيس جورج إتش دبليو بوش.
   ضابطًا، وكفضيلة نادرة، يجمع بين خبرة ميدان المعركة والذكاء السياسي، حوّل باول دوره كرئيس للأركان إلى قوة دافعة حقيقية، واستخدم طاقمه الضخم -عدة مئات من أفضل الضباط العسكريين، مقسمين إلى عدة وحدات متخصصة -بطريقة، كما أخبرني أحد المسؤولين في ذلك الوقت، “طوّقت بقية إدارة الأمن القومي».
     في هذا الموقع، أصبح كولن باول شخصية عامة، ووضع الكثير من استراتيجية حرب الخليج الأولى التي أخرجت الجيش العراقي من الكويت، وشرح هذه الاستراتيجية خلال عدة مؤتمرات صحفية متلفزة.
 وفي تلك الفترة، صاغ أيضًا ما سيُطلق عليه لاحقًا “مبدأ باول”، وهو رأي مفاده أن الولايات المتحدة يجب ألا تشن الحرب إلا إذا كانت الأهداف السياسية حيوية ومحددة جيدًا ..
 وإذا كان من المرجح أن تحقق القوة العسكرية هذه الأهداف بتكلفة مقبولة، وإذا فشلت جميع الوسائل اللاعنفية -وعندما تكون الحرب ضرورية، شريطة أن يتم شنها فقط مع ضمان التفوق الساحق عسكريا. استمرت هذه العقيدة، والنقد الضمني للتدخل الأمريكي في فيتنام -سواء بتبريراته الخاطئة أو تكتيكاته المفككة -في التأثير على النقاش حول أهمية استخدام القوة العسكرية منذئذ.

في ظل تشيني ورامسفيلد
   بعد عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض عام 1992، كتب باول مذكراته الأكثر مبيعًا، “طفل برونكس”، وفكّر في الترشح للرئاسة.
 (حثته زوجته ألما على الامتناع، خشية أن يكون ضحية جريمة قتل عنصرية). عندما عاد الجمهوريون إلى السلطة عام 2000، عيّنه الرئيس جورج دبليو بوش بالإجماع وزيراً للخارجية فيما بدا أنه ذروة صعوده، لكنها في الواقع كانت بداية سقوطه.
   ظاهريًا واثقًا من نفسه، مقتنعًا بأنه قادر على السيطرة على مجال السياسة الخارجية بفضل نفوذه وشعبيته، فوجئ بعد وقت قصير، بأن الثنائي الذي لا ينفصل والمؤلف من نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، أصدقاء وزملاء منذ إدارة نيكسون، يتجاوزانه ويحلان محله في كل القضايا والملفات المهمة.
   قام باول بأشياء كبيرة في مجالات كان تشيني ورامسفيلد لا يعيرانها أي اهتمام. في خريف عام 2001، سُمح له بقيادة الدبلوماســـية المكوكية التي تفادت بلا شك الحرب بين دولتين نوويتين، الهند وباكستان.
كما ساعد باول في تخفيف التوترات مع الصين بعد أن أسقطت طائرة تجسس أمريكية.
 ومع ذلك، فقد خسر كل معاركه الأخرى تقريبًا. في أحد تصريحاته الأولى، أعلن باول، على سبيل المثال، أنه سيستأنف المفاوضات النووية التي بدأها الرئيس بيل كلينتون مع كوريا الشمالية -قبل أن ترفضها كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي لبوش، التي اعترضت وقالت له لا سبيل... واضطر الى ابتلاع لسانه.
   كلما حاول باول أي شكل من أشكال الحد من التسلح، كان وكيل وزارة الخارجية، جون بولتون، الذي تم تعيينه هناك ليكون جاسوسًا لتشيني، يبذل قصارى جهده لتخريب مبادراته.
 وفي المناسبات النادرة التي خرج فيها باول منتصرا من مناقشة مجلس الأمن القومي، يذهب تشيني للتحدث إلى بوش على انفراد لإلغاء قراراته.
   في منتصف ولاية بوش الأولى، أدرك نظراء باول الأوروبيون، الذين احتفلوا بتعيينه وتحدثوا معه كثيرًا، أن آراءه التي أعجبتهم لا تعكس آراء الرئيس الأمريكي، وفقد نفوذه في الخارج.
 وعندما أراد بوش تمرير رسالة عن الشرق الأوسط، كانت كوندوليزا رايس هي من أرسلها. وعندما تعلق الأمر بإرسال مبعوث إلى أوروبا الغربية للضغط من أجل تخفيف ديون العراق، أرسل جيمس بيكر، وهو صديق قديم لعائلة بوش وكان وزير خارجية والده.
 خطاب قاتل
   وبدلاً من أن تكون بمثابة منصة انطلاق لخلاصه، زادت الحرب في العراق من سقوطه. بينما كان بوش يتجه إلى الغزو، حذره باول من الفخاخ التي تنتظره -منها، بشكل نبوي تمامًا، ما أسماه قاعدة “مخزن الخزف: من أتلف شيئا فعليه إصلاحه”. -ولكن من دون نجاح. (قبل بدء الحرب بفترة وجيزة، ذكّره دبلوماسي أوروبي بأنه يقال ان بوش ينام كرضيع. رد باول، “أنا أيضًا أنام كرضيع... أستيقظ كل ساعتين صارخا”) ولكن، هنا ايضا، تم استبعاده.
   غير قادرين على إيجاد الدعم للغزو، سواء داخل الولايات المتحدة أو بين حلفائهم، كان لتشيني فكرة شيطانية متمثلة في دفع باول -المسؤول الكبير الوحيد في إدارة بوش الذي يتمتع بمصداقية دولية -للدعوة إلى الحرب أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
   في 6 نوفمبر 2003، يستعد الرئيس الأمريكي الاسبق جورج دبليو بوش ووزير الخارجية الاسبق كولن باول ووزير الدفاع الاسبق دونالد رامسفيلد للتوقيع، على قانون الاعتمادات التكميلية الطارئة للدفاع عن العراق وأفغانستان وإعادة إعمارهما في الغرفة الشرقية في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة.   تيم سلون - وكالة الصحافة الفرنسية.
   بدأ باول في التمرّد ومزق النص الذي أرسله البيت الأبيض والذي كان من المفترض أن يقرأه. ولكن بعد ذلك، وحرصًا على أن يبدو مفيدًا ومخلصًا، ذهب إلى مقر وكالة المخابرات المركزية حيث أمضى أيامًا كاملة في التدقيق في الوثائق والإحاطات، رافضا الادعاءات التي لا أساس لها ومحتفظا بتلك التي تبدو في الحد الأدنى معقولة. أخيرًا، ألقى خطابه القاتل، واضعًا كل شغفه فيه. اقتنع العديد من معارضي الغزو، إلى حد كبير لأن كولن باول هو الذي دافع عنه.
    لكن، كل الادعاءات التي تم تصديق باول فيها -كل الأدلة المدرجة لدعم فكرة أن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل –تبيّن انها كاذبة. وفي كتابه الممتاز “لبدء الحرب”، كتب روبرت دريبر، أن عددًا كبيرًا من محللي وكالة المخابرات المركزية كان بإمكانهم إخبار باول بأن هذه الحجج كانت خاطئة، أو على الأقل مشكوك فيها، لكن مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت، حريص على إرضاء بوش وتقديم الاستنتاجات التي أراد سماعها، تعمّد منع باول من التحدث إليهم.

«جندي صغير جيد»
   ترك باول الإدارة بعد ولاية بوش الأولى. وفي الاخير، صوّرته عدة روايات صحفية، وخاصة تلك التي جمعت في كتاب بوب وودوارد “خطة الهجوم”، على أنه ناقد للحرب، يشعر أن تشيني كان يعاني من “حمّى” الغزو. ولكن، حتى بعد مرور عام على ترك منصبه، امتنع باول علنًا عن التعليق على الموضوع.
   في يونيو 2005، بعد ستة أشهر من بدء ولاية بوش الثانية، ظهر في برنامج ذي ديلي شو مع جون ستيوارت، في واحدة من أولى ظهوراته التلفزيونية منذ انسحابه. كانت الأسئلة التي طرحها عليه ستيوارت عبارة عن طرق سيارة حقيقية تسمح له بهزم زملائه القدامى، الذين ما زالوا في المنصب، أو الحرب التي كانت لا تزال مستعرة. غير ان باول لم يمسك طوق النجاة الممدود اليه
. اعترف انه بالتأكيد، كانت هناك خلافات، ولكن هذا هو الحال في جميع الإدارات... إنه الرئيس، العرف، وهو رجل لطيف... ولعلمك، زار بيتنا هو ولورا لتناول العشاء الأسبوع الماضي.
   في وقت لاحق، أعرب باول علنا عن أسفه لدوره في خطاب الأمم المتحدة وادان أولئك الذين تلاعبوا به في وكالة المخابرات المركزية... متأخر جدا. لو كان قد استقال احتجاجا قبل الغزو، لكان قد منع الحرب... وإذا تحدث بعد ترك منصبه، فربما كان له تأثير على تطورها... لكنه لم يكن كذلك... كان لاعبا يسكنه روح الفريق. لقد كان، بعمق، “جنديًا صغيرًا طيبا».
   بمرور الوقت، نأى بنفسه عن الحزب الجمهوري. في الانتخابات الرئاسية لعام 2008، أيد باراك أوباما، واصفا إياه بأنه مرشح “التغيير”، مما أثار استياء السناتور جون ماكين، صديقه القديم الذي خاض الانتخابات ضد أوباما. ومع ذلك، نادرًا ما استشاره هذا الأخير في قضايا الدفاع. بعد ذلك، دعّم باول الديمقراطيين فقط -أوباما مرة أخرى عام 2012، وهيلاري كلينتون عام 2016، وجو بايدن عام 2020.
   في السنوات الأخيرة، وباستثناء مؤيديه الرسميين، ظل باول منسحبًا من السياسة الوطنية -دون أن يتضح ما إذا كان اختيارًا أم لا. كرس معظم وقته للقضايا الشخصية والعامة، خاصة مدرسة كولن باول للقيادة المدنية والعالمية، في الجامعة التي تلقى فيها تعليمه، كلية مدينة نيويورك. كتب أكثر الكتب مبيعًا، وألقى عديد المحاضرات، أحيانًا مقابل أجر، وأحيانًا مجانًا. لقد كانت حياته رائعة، والتي في لحظة محورية من تاريخنا، كان من الممكن أن تأخذ منعطفًا أكثر أهمية بكثير.




 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot