المجاملة فن توازن العلاقات

المجاملة فن توازن العلاقات

المجاملة كلمة خفيفة على اللسان، لكنها ثقيلة في أثرها. قد تفتح باب المودة أو تغلقه، وقد ترفع معنويات شخص أو تُغرقه في وهم مغيب. وبين من يراها مهارة اجتماعية ضرورية، ومن يعتبرها نوعًا من النفاق المدقع ، تظل المجاملة سلاحًا ذا حدين يحتاج إلى وعي وحسن استخدام.
منذ القدم، استخدم الناس المجاملة كأداة للتقارب وتخفيف حدة المواقف. كلمة طيبة في وقتها قد تذيب جليد الحدة، وتخلق مساحة آمنة للحوار. في بيئة العمل مثلًا، يمكن لمجاملة صادقة أن تحفّز زميلًا على الاستمرار، أو تفتح المجال لعلاقات مهنية ناجحة. ممكن لابتسامة في وجه شخص أساء إليك أو تحدث عنك بسوء أن تجعله يتفكر ويعيد إعدادات دماغه بأنه أساء لشخص غير مستحق للإساءة كما قال تعالى: 
" ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ "
أهم ما في المجاملة ألا تكون مزيفة للحقائق ، جامل في حقائق وغلفها بابتسامة تكسب قلوب البشر . 
لا تبالغ في المجاملات حتى لا تفقد المصداقية ، جامل في المواقف والمعاني التي تستحق المجاملة . 
في الوقت نفسه المجاملات قد تخلق واقعًا مزيفًا، يجعل الشخص يعيش على صورة غير حقيقية عن نفسه أو إنجازه، فيصطدم لاحقًا بالواقع بشكل مؤلم ولهذا المجاملة هي فن التوازن بين المصداقية والمصداقية . 
المجاملة بلطف تراعي مشاعر الآخرين مع المحافظة على جوهر الصدق، أما النفاق فيخفي الحقيقة بالكامل أو يختلق واقعًا وهميًا.
مثال على اللطف بأن تقول : “تصميمك جميل، وربما تحتاج بعض التعديلات ليصبح أفضل”
• النفاق يقول: “تصميمك مذهل” 
بينما في داخلك تعرف أنه ضعيف جدًا، لجعل من أمامك يواجه عقبات ترسمها له . 

كيف نمارس المجاملة بوعي؟
كن صادقًا في نيتك: اجعل هدفك رفع المعنويات لا خداع الطرف الآخر.
امدح الفعل لا الشخص دائمًا: بدلاً من “أنت عبقري” قل “أعجبني أسلوبك في حل هذه المشكلة”.
اختر الوقت المناسب: المجاملة في لحظة إحباط لها أثر مختلف عن مجاملة عابرة.
وازن بين الثناء والملاحظات: حتى لا تُفقد كلماتك قيمتها.
لا تجامل شخص في مجالس عامة ، 
فالمجاملة تكون أكثر صدقا عندما تكون بينك وبين الشخص نفسه .
المجاملة ليست عيبًا ولا خطيئة، بل فن من فنون التواصل. السر في أن تبقى قريبة من الحقيقة ومتوازنه وصادقة وأن تستخدمها لبناء العلاقات لا لتزييف الواقع. فالكلمة الطيبة قد تكون جسرًا من قلب إلى قلب، لكنها إذا فُقد منها الصدق تحولت إلى قناع خفي يوهم من أمامه . ودمتم …