رئيس الدولة والرئيس المصري يؤكدان أن حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام بالمنطقة
المسرح في زمن الرقمنة
منذ بداياته ظل المسرح فنًّا حيًّا يتغذى من حضور الممثل على الخشبة وتفاعل الجمهور في القاعة. غير أن التطورات التكنولوجية والرقمية طرحت سؤالًا جديدًا: هل يمكن للمسرح أن يعيش ويزدهر في الفضاء الافتراضي، أم أن التجربة الرقمية ستظل مجرد بديل مؤقت عن "سحر الخشبة"؟
مع تطور الواقع الافتراضي، أصبحت مشاهدة العروض ممكنة من أي مكان في العالم، جائحة كورونا دفعت بعض الفرق المسرحية إلى تقديم عروض عبر المنصات الرقمية مثل "زووم، يوتيوب"، مما أتاح وصولًا واسعًا إلى جمهور عالمي.
بعض التجارب استخدمت تقنيات الواقع المعزز والـ VR لخلق فضاءات مسرحية جديدة تتجاوز قيود المكان.
من مزايا المسرح الرقمي سهولة الوصول للعالم حيث يستطيع المشاهد من أبو ظبي أن يحضر عرضًا في نيويورك بضغطة زر، وخفض التكاليف فلا حاجة لسفر الممثلين أو بناء ديكورات ضخمة، وتفعيل دور الأرشفة حيث تصبح العروض محفوظة وقابلة للمشاهدة مرارًا، مما يحميها من الاندثار. والتفاعل التقني من خلال إدخال مؤثرات بصرية وصوتية غير ممكنة على الخشبة التقليدية. أما عيوب المسرح الرقمي فغياب الحميمية، المسرح ليس نصًا فقط، بل هو تواصل جسدي وروحي بين الممثل والجمهور، وفقدان التفاعل اللحظي مثل التصفيق، الضحك، وحتى الصمت، كلها عناصر حية يصعب استنساخها عبر الشاشة، وتحويل المسرح إلى "منتج إعلامي" مما قد يُفقده فرادته كفن حي. الحقيقة أن المسرح الافتراضي لا يمكن أن يلغي المسرح التقليدي، لكنه يمكن أن يكون مكمّلًا له حيث أن العروض الرقمية تصل إلى جمهور جديد لم يختبر المسرح من قبل ومختلف عن "جمهور المهرجانات" المعتاد على الحضور، ولكن يظل المسرح التقليدي "المكان الأصلي والأساسي" للتجربة الحسية والوجودية.
الجمع بين الاثنين قد يفتح الباب لما يسمى بـ المسرح الهجين، حيث يحضر جزء من الجمهور في القاعة بينما يتابع آخرون عبر البث المباشر. يبقى المسرح فنًّا لا يكتمل إلا بوجود الجمهور أمام الممثل، وجهاً لوجه. لكن الرقمنة تتيح له أن يمد يده إلى العالم، وأن يجدّد أشكاله ووسائله. ربما لا تحل العروض الافتراضية محل الخشبة، لكنها بلا شك توسّع آفاق المسرح، وتجعله أكثر قدرة على البقاء في زمن متغير.
المسرح في زمن الرقمنة ليس موتًا للخشبة، بل ولادة لخشبات جديدة تمتد عبر الشاشات والفضاءات الرقمية. ودمتم بخير،