رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات للشعب السوري وتطلعاته نحو التنمية والاستقرار
دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة.. كيف خططت أمريكا لإنهاك روسيا؟
ذكرت مجلة «ذا ناشونال إنترست» الأمريكية أن الولايات المتحدة تبنت نهجًا مدروسًا في حرب أوكرانيا، من خلال إبقاء قواتها بعيدًا عن القتال المباشر، واختيار دعم كييف كقوة وكيلة ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية التقليدية لروسيا، دون المجازفة بأرواح الجنود الأمريكيين أو التورط في صراع مباشر بين «الناتو» وروسيا.
وبحسب التقرير، فإن هذه الاستراتيجية تسعى إلى فرض تكاليف طويلة الأمد على موسكو، تُقارب تلك التي تكبّدها الاتحاد السوفيتي سابقًا في حرب أفغانستان التي استمرت عقدًا من الزمن، وأدت في النهاية إلى انهياره، دون أن تنجر الولايات المتحدة إلى مواجهة مفتوحة.
وأوضحت المجلة أن واشنطن «لعبت دورًا محوريًا منذ اندلاع الحرب في فبراير- شباط 2022، حيث انتهجت استراتيجية شاملة تهدف إلى دعم الدفاع الأوكراني، واحتواء العدوان الروسي، وتعزيز النظام الدولي بقيادة الغرب – كل ذلك مع تجنّب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع موسكو».
الركائز الأمريكية التقليدية
وتتماشى هذه المقاربة مع ركائز السياسة الأمريكية التقليدية، التي تركز على الردع، وبناء التحالفات، وتوظيف النفوذ الاقتصادي، وتحقيق التوازن الجيوسياسي العالمي.
ورأت المجلة أن أحد الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة يتمثل في إضعاف القوة العسكرية والسياسية لروسيا، ولتحقيق هذا الهدف، كثفت واشنطن دعمها لأوكرانيا، في محاولة لصد التقدم الروسي، وتعزيز مكانتها كموقع دفاعي متقدم في تحالف أوروبي مستقبلي.
وقد شمل هذا الدعم شحنات مكثفة من الأسلحة، وتبادلًا استخباراتيًا، إضافة إلى مساعدات مالية كبيرة. وأشارت المجلة إلى أن كييف، لولا هذا الدعم الأمريكي، كانت ستقع تحت السيطرة الروسية في مرحلة مبكرة من الحرب، لكن التدخل الأمريكي مكّنها من الصمود لأكثر من 3 سنوات، بل واستعادة بعض الأراضي من القوات الروسية.
وفي إطار حرصها على تفادي اندلاع حرب شاملة مع روسيا، اتبعت الولايات المتحدة منذ بداية الصراع مجموعة من مبادئ إدارة التصعيد، وشملت هذه المبادئ الامتناع عن نشر قوات أمريكية على الأرض، وعدم تنفيذ ضربات جوية على الأراضي الروسية باستخدام أسلحة أمريكية، وعدم السعي المعلن لإسقاط النظام الروسي بقيادة فلاديمير بوتين.
الاستفزاز المباشر لروسيا
وتُعد هذه المبادئ بمثابة «حواجز أمان»، تُظهر مخاوف واشنطن من تصعيد نووي محتمل. وقد صُمم الدعم الأمريكي بحيث يكون قويًا بما يكفي لدعم أوكرانيا، لكنه في الوقت ذاته محدود لتفادي استفزاز مباشر لروسيا. ومن أبرز أدوات الاستراتيجية الأمريكية كذلك، الضغط الاقتصادي، حيث سعت واشنطن إلى تقويض الاقتصاد الروسي تدريجيًا عبر استهداف قطاعات حيوية مثل الطاقة، والتمويل، والدفاع، والتكنولوجيا.
كما عملت على تعطيل سلاسل التوريد العالمية الداعمة للمجهود الحربي الروسي، وزيادة التكاليف الداخلية، ما أدى إلى ضغوط سياسية متصاعدة داخل روسيا بسبب أزمة المعيشة. واتخذت الولايات المتحدة خطوات متعددة، من بينها تجميد أصول، ومنع الوصول إلى النظام المالي القائم على الدولار، وفرض قيود على الديون السيادية، إلى جانب حظر صادرات التكنولوجيا المتقدمة والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، ووقف واردات الطاقة الروسية.
كما أشارت المجلة إلى أن الحرب الروسية ساهمت في إحياء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي شهد فتورًا في العقود التي أعقبت الحرب الباردة. وقد أدى ذلك إلى زيادة الإنفاق الدفاعي من قبل الحلفاء الأوروبيين، وضم دول محايدة سابقًا مثل السويد وفنلندا إلى الحلف، مما عزز من تماسكه ودوره الأمني في القارة الأوروبية. ومع ذلك، لم تكن الاستراتيجية الأمريكية بمنأى عن الانتقادات، فبعض المحللين يرون أن واشنطن، رغم تمكينها أوكرانيا من الصمود، لم تُقدّم الدعم الكافي لتحقيق نصر حاسم، وفق التقرير.
ويرى آخرون أن التدخل في هذا الصراع يُعدّ إهدارًا للموارد في حرب لا تُشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الاستراتيجية الأمريكية، وقد تحمل في طياتها خطر التصعيد إلى مواجهة نووية.