شخصيات في حياتنا

شخصيات في حياتنا

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بموقفين العامل المشترك فيهما الفنانون، وللأسف هذه الظاهرة أصبحت فجة ومتسارعة وتبين مدى الإسفاف والتجرد من الحكم المبني على معطيات وأدلة، ونرى أن الجميع نصب نفسه حاكما وناقدا ومنظرا، وبمجرد وجود هاتف متصل بالشبكة العنكبوتية ويمتلك صفحة على مواقع التنافر الاجتماعي، أصبح معه الحق برمي الناس بالباطل والتعدي على خصوصيات البشر دون تروي وحكمة وهدوء، علينا أن نتعلم فن الحوار والنقاش، نتعلم ألا ننفعل لمجرد رؤية منظر أو قراءة خبر، علينا أن نحلل ونرى الأمور من منظورها الطبيعي، فما تراه سبعة أراه أنا ثمانية وكلنا على صواب. 
موقف محمد صبحي مع السائق جاء مغايرا للصورة الذهنية لشخصيته وما عاش لترسيخه في ذهن الجمهور، فخرج الناس يتهمونه بالعجرفة وإذلال السائق، لمجرد منظر شاهده الجمهور وانتشر وصب على رأسه وابلاً من السب، بدون التروي والبحث عن الحقيقة، لماذا نصر دائما على سحب رصيد من حسابنا في بنك الستر، كلما خضنا في أعراض الناس قل الرصيد، ويظل على هذه الحال إلا أن تسحب على المكشوف فنتعرى، احذروا أن يفرغ الرصيد ولا ينفع الندم. 
والخبر الآخر عندما أعلن عن علاج بعض كبار الفنانين على نفقة الدولة المصرية، وكلنا يعلم أن منهم من اعتزل طواعية ومنهم من حجب عنه العمل لمرضه أو لنسيانه من الوسط الفني، والجمهور للأسف يحكم على الفنانين أنهم أصحاب ملايين وهذا خطأ، لأن الفنان كالعامل باليومية لا ضمان اجتماعي ولا عمل مستمر، وكلنا يعلم قصصهم المحزنة، وليس كل من ظهر على الشاشة يتقاضى الملايين، لكن ما ذُكرت أسماؤهم من حقهم العلاج لأن لهم حقوق، والجمهور المنظر والناقد لا يعرف أن العلاج على نفقة الدولة يشمل الجميع، وهناك ملايين من الشعب يحصلون على هذا الدعم، وعلى أي مشكك أن يذهب للمستشفيات ويسأل ويتابع، فمنهم من يحتاج للعلاج على نفقة الدولة، فارحموا يرحمكم الله.
سيظل المجتمع في حالة تردي عام ما دام الجميع منشغل بغيره، المجتمعات الناجحة هي التى يعمل أفرادها على أنفسهم ويتطورون من ذاتهم وينمون قدراتهم، ودائما ما يتنافسون على التميز والتفوق لرفعة وطنهم، واتعس مجتمع هذا الذي ينصرف عن مشاكله بالتنظير على بعضه ويندب حظه ويصنع شماعة ليعلق عليها فشله، مطالبا بالمساعدة متهماً الجميع بالتقصير وكأنه في معزل عن العالم، الحكم على الأمور يتطلب معطيات حتى يكون هناك مخرجات ونتائج فلا يكون الحكم من قبل حتى رفع القضية.