البوصلة الاستراتيجية الأوروبية:

لماذا يضع الاتحاد الأوروبي العربة أمام الحصان؟

لماذا يضع الاتحاد الأوروبي العربة أمام الحصان؟

تملي الحكمة علينا أن نبتهج بأصغر الإنجازات مهما كانت متواضعة. وقد يكون هذا هو رد الفعل على تبني "البوصلة الاستراتيجية" التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في مجال الاستراتيجية والدفاع من الآن وحتى عام 2030.
تم تقديمها الشهر الماضي من قبل الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي، التي أرادتها طموحة، غير أنها اصطدمت بحقيقة أن أي محاولة للتقدم في مجال الدفاع هي محاولة شائكة من الناحية السياسية؛ الى درجة أن المادة 10 سي من معاهدة لشبونة حذرة، لأنها تذكر "تعريفًا متدرجا لسياسة دفاع مشتركة قد تؤدي إلى دفاع موحد".

تعيد هذه "البوصلة الاستراتيجية" صياغة مقترحات ونوايا كانت مطروحة للنقاش العام منذ ما لا يقل عن عقدين من الزمن، والتي يتمثل مقياسها الرئيسي في تشكيل قوة تدخّل سريع قوامها 5 الاف جندي.
هذا المفهوم، الذي تم الإعلان عنه عام 1995، سبق ان فشل مرتين، حيث فضلت دول الاتحاد الأوروبي الرهان على منظمة حلف شمال الأطلسي، باستثناء فرنسا. ما كان هذا الرقم التافه ان يكون سخيفًا لو لم يكن أقل من عدد الجنود النشطين في جيوش النيجر، الدولة التي احتلت المرتبة 189 من أصل 189 من حيث التنمية البشرية عام 2018 من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أو أعلى قليلاً من آيسلاندا، أمة يبلغ عدد سكانها 364 ألف نسمة، وهي عضو في الناتو.

ما هي المصالح الأوروبية؟
هكذا، تضع الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي العربة أمام الحصان. في حين أنّ التحدي الذي يواجه الاتحاد الأوروبي هو تحديد المصالح والعقيدة، وفقًا للمبدأ الذي سنه نابليون الأول: "الدولة تصنع سياسة جغرافيتها". إن تعريف الوسيلة، مثل قوة الرد السريع هذه، ليس سوى خاتمة للعنصرين الأولين.
ما هي المصالح الأوروبية؟ هي قبل كل شيء داخل البلدان الأوروبية خارج الاتحاد الأوروبي، وفي مناطق أوروبا الشرقية والبلقان. وما كان يفرض نفسه كبديهية للبلدان الشيوعية السابقة، أدركته، مع الحرب الروسية في أوكرانيا، جميع حكومات الاتحاد الأوروبي.
مصالح الاتحاد الأوروبي بعد ذلك تقع في غرب آسيا. وهذا بديهي بالنسبة لليونان وقبرص، وكذلك فرنسا وإيطاليا، ولكن ليست كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مقتنعة بذلك حتى الآن.
كما ان مصالح الاتحاد الأوروبي ضخمة في إفريقيا. فضخامة التقدم الديموغرافي لهذه القارة يجعل التحديات هائلة. وللتذكير، يتوقع المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، وفقًا لسيناريوه المركزي، أن يتضاعف عدد سكان نيجيريا تقريبًا إلى 401 مليون بحلول عام 2050، في حين أن سكان العاصمة الفرنسية وألمانيا سيتوقفون عند مستواهم الحالي، على التوالي عند 67.6، و80.1 مليون.
   أخيرًا، فإن مصالح الاتحاد الأوروبي عالمية، بما يتناسب مع أقاليم ما وراء البحار في الدنمارك، وإسبانيا، وفرنسا، وهولندا، والبرتغال، والتي يجب أن نقنع، هنا مرة أخرى، الدول الأعضاء الأخرى البالغ عددها 22 دولة بجعل هذه المناطق خارج أوروبا، مناطقها.

الطريق الأوروبية التي يجب رسمها تكمن في الوسط
في حالة عدم وجود ثقافة استراتيجية مشتركة بالإضافة إلى تصور مشترك للتهديدات والمصالح، فإن مسألة العقيدة الأوروبية الصرفة هي الأكثر حساسية والأكثر تفجرًا، ويتجاوز أفقها بكثير عام 2030. تعريفها وتنفيذها سيكون هرقليا، شرط أن تحدث. وإذا لم تكن ست من دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في الناتو، فإن هذا الأخير هو الذي يؤمّن الدفاع عن الدول الأوروبية، وبالتالي الدفاع عن الاتحاد الأوروبي.

تعترف معاهدة لشبونة بهذه الحقيقة في بروتوكولها بشأن الأمن المشترك. حاليا، نحن في تحالف أيديولوجي مع الناتو، وفي الواقع مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر غير طبيعي جغرافيا. إذا اختار الاتحاد الأوروبي، كمنظمة، التحالف مع روسيا، فسيكون قد أبرم تحالفًا جغرافيًا، لكن هذا سيكون غير طبيعي أيديولوجيًا، لأن مصيرنا سيرتبط بدولة ليست ليبرالية حتى الآن. وتجسد سلسلة الخيال الجيوسياسي النرويجية "المحتل"، التي صدرت عام 2015، هذا التوتر: تحتلّ روسيا النرويج عسكريا بدعم من الاتحاد الأوروبي لاستغلال نفطها، ولا يمكن للمملكة الاسكندنافية الاعتماد على الناتو، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة.

   إن النزوع الحربي لروسيا وفك ارتباط الولايات المتحدة في النهاية بالقارة الأوروبية لصالح آسيا، لا يشكلان سياقًا ظرفيا، بل سياقًا هيكليًا. والمسار الأوروبي الذي يتعين رسمه يقع في الوسط، ويتضمن الدول الأوروبية التي تطرق أبوابنا. وبما أن فرنسا كانت تاريخيًا هي الوحيدة التي تجسد هذه الرغبة في الاستقلالية، فإن الأمر متروك لـ الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي لوضع الأساس.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot