المقاطعة الدبلوماسية للأولمبياد:

هل تجرؤ أوروبا على الإساءة إلى بكين...؟

هل تجرؤ أوروبا على الإساءة إلى بكين...؟

-- من الصعب تخيّل بعض الدول الأوروبية تقبل المقاطعة الدبلوماسية لهذه الألعاب الأولمبية
-- تدرك الدول الأوروبية أن المقاطعة الدبلوماسية لأكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي ستعرضها للانتقام الصيني


   أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا، أنها لن ترسل أي سياسي إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير المقبل... الأوروبيون يواجهون معضلة.
   لقد فتحت الولايات المتحدة ثغرة، لكن هل تندفع أوروبا إليها؟ منذ أن أعلنت واشنطن يوم الاثنين مقاطعتها الدبلوماسية لأولمبياد بكين الشتوية (فبراير المقبل)، حذت العديد من الدول حذوها. انضمت أستراليا إلى الحركة صباح الأربعاء، قبل أن تنضم إليها بعد ساعات قليلة ثلاثة من أقرب حلفائها (المملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا)، ثم ليتوانيا.

   سيشارك رياضيو هذه الدول في الألعاب، لكن على عكس العادة، لن يحضر أي ممثل رسمي للدولة المنافسة. وسيلة للاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان العديدة في الصين، وخاصة في شينجيانغ، حيث تم إرسال أكثر من مليون من الأويغور وغيرهم من أفراد الأقليات المسلمة، إلى معسكرات إعادة التأهيل، وفقًا للعديد من الباحثين والمنظمات غير الحكومية.
   باستثناء ليتوانيا -في أزمة دبلوماسية مع بكين منذ عدة أشهر -يعطي الأوروبيون الانطباع بأنهم لا يعرفون عل أي قدم يرقصون وماذا يفعلون. وقد تسبب وزير التعليم والرياضة الفرنسي، جان ميشيل بلانكير، الخميس، أيضًا في إثارة المتاعب بإعلانه أن باريس لا تنوي مقاطعة الألعاب الأولمبية دبلوماسيًا، قبل أن تتراجع حاشيته بعد ساعات قليلة، بدعوى أن الأمر لم يحسم بعد.

لخبطة فرنسية
   «نحن مع وجود موقف مشترك (...) ولكن يجب التعامل مع هذه المسألة بين أوروبيين”، صحّح وزير الخارجية جان إيف لودريان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني.
  وكان قصر الإليزيه قد أعلن الثلاثاء الماضي عن رغبته في “التنسيق” مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بشأن هذه القضية. “إن رفض فرنسا من جانب واحد للمقاطعة سيعقّد ظهور موقف مشترك، وسيفتح الباب أمام فك الارتباط مع بلدان أخرى”، يؤكد جان بابتيست غويغان، مدرس الجغرافيا السياسية الرياضية.
   «يجب أن نكون واضحين، إما أن نقول إننا نقوم بمقاطعة كاملة، ولا نرسل رياضيًا، أو نقول نحاول إعادة تركيب الأشياء والحصول على إجراء مفيد كما هو الحال دائمًا على المستوى الدولي”، قال إيمانويل ماكرون، الخميس، خلال مؤتمره الصحفي المخصص للرئاسة الفرنسية المقبلة للاتحاد الأوروبي.
 وأضاف الرئيس الفرنسي، أنه مع الشركاء الأوروبيين، وبالتعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية، “سنرى القرار الذي ينبغي اتخاذه في الأسابيع المقبلة».
   في هذه المرحلة، الموضوع ليس على جدول أعمال مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، المقرر أن يجتمع غدا الاثنين. ومع ذلك، سيناقش في المجلس الأوروبي الذي سيعقد في 16 و17 ديسمبر، وسيجمع رؤساء دول وحكومات الدول الـ 27.
ويؤكد باتريك كلاستريس، المؤرخ المتخصص في الرياضة والأستاذ بجامعة لوزان، ان “الهيئات الأوروبية ستكون مدعوة بشكل عام. لذلك، الى جانب الدول الأعضاء، سيتحدث الاتحاد الأوروبي أيضًا باسمه».
   من جانب البرلمان الأوروبي، تم البت في القضية في يوليو الماضي. من خلال تصويت أغلبية كبيرة على قرار غير ملزم، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى “رفض دعوة ممثلي الحكومة والدبلوماسيين لحضور الألعاب الأولمبية في بكين شتاء 2022، ما لم تظهر الحكومة الصينية تحسنًا يمكن التحقق منه في حالة حقوق الإنسان في هونغ كونغ ومنطقة الأويغور في شينجيانغ والتبت ومنغوليا الداخلية وأماكن أخرى في الصين «.

مناقشات مكثفة
بين الأوروبيين
   لكن المناقشات بين الدول حول موقف مشترك -حل أكثر حكمة تجاه الصين القوية -يبدو من الآن صعبا. “يعسر تخيّل قبول بعض الدول الأوروبية بالمقاطعة الدبلوماسية لهذه الألعاب الأولمبية. فالمجر وبولندا، على سبيل المثال، تربطهما علاقات جيدة مع الصين، كما هو الحال بالنسبة لليونان، حيث تواصل بكين القيام باستثمارات كبيرة بعد أن اشترت ميناء بيرايوس”، يشير باتريك كلاستر.
   كما أشارت إيطاليا، التي انضمت عام 2019 إلى مشروع “طرق الحرير الجديد” الصيني العملاق، ومن المقرر أن تنظم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2026، اشارت الثلاثاء، إلى أنها لا تفكر في مقاطعة دبلوماسية في هذه المرحلة. وعلى العكس من ذلك، أعلنت كل من هولندا وألمانيا نيتهما التفاوض بشأن هذه القضية على المستوى الأوروبي.
   وفي الحالتين، تدرك الدول الأوروبية أن المقاطعة الدبلوماسية لأكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي من شأنها أن تعرضها للانتقام الصيني. وفي هذا السياق، كانت بكين أيضًا شديدة الوضوح: الدول التي اتخذت قرار المقاطعة “ستدفع حتما ثمن هذه الضربة السيئة”، هذا ما قاله المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، الخميس... موقف يدفع أكثر من واحد للتفكير.