لما سألت أمي لماذا توصيني بعدم العمل في قسم الحوادث إن أقدمت على مهنة الصحافة، قالت يشيعون الخبر والفضائح وإذا كان المرء بريء لا يسلطون الضوء على براءته فتظل وصمة العار تلازمه طول حياته بل تطارد أفراد اسرته، امتثلت لرغبتها ونفذت وصيتها.
كلامها ذكرني بزليخة زوجة العزيز ومربية نبي الله يوسف التى وصفت بالشغف والهوى والسعي للنيل من شاب سكن عشقه قلبها، ولأنها سيدة متزوجة كان لزاما عليها المحاسبة والتقويم، وبعد مرور الزمن واعترافها بذنبها وتوبتها ولم يشفع لها الناس ولا حتى الأئمة على المنابر من التركيز على صورتها المشرفة في التوبة والاعتراف بالخطأ والعودة إلى حظيرة الإيمان، ولا يذكرون فضل الله عليها بإعادتها لسيرتها الأولى جميلة شابة لتتزوج ممن هواها قلبها، لم يكتب واحد من المؤرخين عن عفتها وتوبتها الحقيقية وتوحيدها للواحد القهار، بل اكتفى الجميع أن يذكروا الشق المظلم من حياتها.
كما أن الناس لا يذكرون بلقيس ملكة سبأ إلا عندما كشفت عن ساقيها، ولم يذكروا انها قطعت على نفسها امرا وهى صاحبة الأمر والنهي بأن تشاور قومها في قراراتها وتحترم ما نسميه اليوم بالديمقراطية، فلا نسلط عليها الضوء بأنها ساهمت برجاحة عقلها أن تتبع نبي الله سليمان وتلزم قومها بالإيمان والتوحيد.
لم تسلم رابعة العدوية من السنة الناس حتى بعد أن ضربت المثل في التوبة والعودة إلى العقيدة السليمة تاركة خلفها الرفاهية والبزخ والشهرة والسلطة، ظل الناس يذكرون تاريخها قبل التوبة ويتشدقون بما كانت تفعل متناسيين معنى الستر والعفة، وما من عليها به الله من تقرب وفضل، وباتت بعض النساء توصف بأفعالها قبل التوبة ولم توصف النساء بتطهرها وايمانها.
لم نقرأ عن صمود أسيا أمرأه فرعون ولا عن تضحياتها من أجل إعلاء كلمة الدين، ربما لعدم اقتران اسمها بشئ كونها انثى محسوبة على معشر النساء، كما ظلت فكرة تصدير من سقى الكلب بخفه رجل، حتى تبين الرشد من الغي وعلمنا أنها أمرأة اجتهدت لتحيي مخلوق، وفي اشارة من الموروث الديني أن المرأة غفر لها مع انها سيئة السمعة ما يجعلنا نعيد التفكير والفهم اننا لسنا من يقرر من تشمله الرحمة من دونها، وادركت معنى» من منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر»
أسامة عبد المقصود