بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
المخاطر الحقيقية للأزمة
أوكرانيا: هل حقا أصابع بوتين على الزناد...؟
-- يمكن لبوتين، الاستمرار في زيادة الضغط على أوكرانيا، من خلال تنظيم هجمات إلكترونية أو إرسال مرتزقة
-- أحرزت أوكرانيا تقدمًا في جميع المجالات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن تلبية المعايير المطلوبة من قبل الناتو
-- يـرى العديــد من الــروس أن أوكرانيــا حيـويـة لبلدهم ودولة عازلة تحميهم من التدخلات الغربية
-- يصر بايدن على أنه ليس من حقّ أي دولة، أن تقرر من يُسمح له أو لا يُسمح بالانضمام إلى الحلف
-- هل سيكون بايدن قادرًا على إيجاد حل وسط كافٍ لإبعاد بوتين عن فكرة الحرب دون الاسـتســلام له كثيـراً ؟
-- من الجنون أن تبدأ حربًا على مبدأ لا توجد فرصة لتطبيقه
والآن ماذا سيحدث؟ التقى وزير الخارجية أنطوني بلينكين ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في جنيف يوم الجمعة 20 يناير، كما هو مخطط، لمناقشة إمكانية الخروج السلمي من الأزمة الأوكرانية. تم الإعلان عن هذا الاجتماع باعتباره تتويجًا لعدة جلسات عقدت بين كبار الدبلوماسيين من الولايات المتحدة وروسيا وحلف شمال الأطلسي وكل أوروبا، بما في ذلك أوكرانيا. كانت المخاطر كبيرة. وحذر المسؤولون الروس -ويخشى آخرون -من أنه إذا لم تمتثل الولايات المتحدة والحلف الأطلسي لجميع مطالب بلادهم (بعضها معقول، والبعض الآخر لا)، فلا جدوى من مواصلة المفاوضات. في الواقع، وصلت الدبلوماسية بعد ذلك إلى “طريق مسدود”، مما يعني أن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، يمكن أن يتخذ إجراءات “تقنية عسكرية” لإبقاء أوكرانيا في فلك بلاده.
الوضع القائم وليس الطريق المسدود
تحدث بلينكن ولافروف طيلة تسعين دقيقة، ولم يتنازل أي منهما قيد أنملة، لكنهما اتفقا على مواصلة الحوار. في النهاية، لم تصطدم الدبلوماسية بأي طريق مسدود. ويبدو أن بوتين ليس مستعدًا تمامًا لخوض غزو أوكرانيا حتى الآن.
إلى متى يمكن أن يستمر هذا الجمود؟ لقد قيل على نطاق واسع أن لروسيا 100 ألف جندي جاهزين للتحرك على حدودها مع أوكرانيا، لكن هذا ليس دقيقا.
وفقًا لمايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في مركز أبحاث في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، يتمركز 55 الفا منهم بشكل دائم على الحدود لفترة طويلة جدًا. أما الـ 45 الفا الآخرين، الذين كان من الممكن حشدهم من مناطق مختلفة من روسيا، فلم يتحركوا فعلا. وبدلاً من ذلك، فإن معداتهم -الدبابات والعربات المدرعة والمدفعية والصواريخ التكتيكية -هي التي تم إرسالها إلى مناطق قريبة من أوكرانيا.
وهذا ليس بالشيء غير العادي. في كثير من الأحيان، عند الاستعدادات للنزاع، يتم “وضع الأسلحة والمركبات مسبقًا” في أماكن قريبة من منطقة الجبهة؛ لا يتحرك الجنود ولكن يمكن إرسالهم بسرعة على عين المكان للالتحاق بالأسلحة والمركبات التي سبق تدريبهم على استخدامها في حال صارت الحرب وشيكة.
إذن، إلى متى يمكن أن تبقى هذه الاستعدادات في مكانها؟ امام عدم إرسال جنود إضافيين يمكن أن يصابوا بالإرهاق أو التجمّد في اماكنهم أو الجوع أو الاحباط، فيمكن أن يستمر الوضع لفترة طويلة.
بوتين، ليس في عجلة من أمره، ويمكنه الاستمرار في تصعيد الضغط على أوكرانيا، وشن هجمات إلكترونية، أو إرسال مرتزقة إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في المقاطعات الشرقية للبلاد -كل ذلك مع اختبار وحدة الناتو من خلال التهديد بقطع حنفيات الطاقة عن ألمانيا وغيرها من دول أوروبا الغربية.
الناتو، هذه العقدة الغوردية
يمكن للرئيس بايدن وقادة الغرب الآخرين أيضًا إطالة أمد الفسحة من خلال توفير المزيد من الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات إلى أوكرانيا، أو عن طريق إرسال المزيد من الجنود إلى دول شرق الناتو، وخاصة في بولندا ودول البلطيق، التي يشعر سكانها بأنهم معرّضون جدا لعودة روسيا.
يمكن أيضًا طرح مقترحات الانضمام إلى عضوية الناتو على السويد وفنلندا، الدول الغربية المحايدة منذ فترة طويلة على الجانب الشمالي الغربي لروسيا، والتي يداعب قادتها فكرة العضوية كرد فعل على مبادرات بوتين الأخيرة.
والمسالة هي معرفة، ما هي الضغوط، من جانب أو آخر، التي سيكون لها تأثير سياسي قوي في أسرع وقت -بافتراض أن لها أي تأثير.
في غضون ذلك، ما الذي نتحدث عنه؟ حددت روسيا عدة مطالب لما تسميه “ضمانات أمنية”، ويبدو أن أكثرها إلحاحًا هو عدم السماح لأوكرانيا أبدًا بالانضمام إلى الناتو. ويرى العديد من الروس أن أوكرانيا حيوية لبلدهم -تاريخيًا وثقافيًا واقتصاديًا، ودولة عازلة تحميهم من التدخلات الغربية. وذهب بوتين إلى حد القول إن أوكرانيا “ليست دولة”، وكانت وستظل دائمًا جزءً من روسيا.
حقيقة أنه من غير المرجح أن يتم استقبال أوكرانيا في حلف الناتو قبل فترة طويلة، وقد لا يحدث ابدا. حتى في أوائل التسعينات، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهيجان الطلبات لعضوية الناتو من دول حلف وارسو السابقة، كانت أوكرانيا تُعتبر دائمًا حالة خاصة. فعلى عكس بولندا وجمهورية التشيك والمجر، كانت جزءً لا يتجزأ من الاتحاد السوفياتي. وكان من المفهوم أيضًا أن جذب أوكرانيا إلى تحالف عسكري غربي سيكون بمثابة استفزاز شديد تجاه روسيا.
تنص المادة 5 من معاهدة الناتو على أن هجومًا على أحد أعضائه سيعتبر هجومًا على الجميع، وقلة قليلة جدًا من أعضاء الناتو على استعداد لخوض حرب ضد روسيا لحماية استقلال أوكرانيا (حتى اليوم، يقول بايدن وقادة آخرون في الناتو، إنهم لن يرسلوا قوات للدفاع عن أوكرانيا إذا هاجمتها روسيا).
أخيرًا، على عكس دول البلطيق (التي كانت جزءً من الاتحاد السوفياتي ولكن سُمح لها بالانضمام إلى الناتو)، لم تستوف أوكرانيا الشروط اللازمة للعضوية -درجة عالية من الديمقراطية، ومستويات منخفضة من الفساد، والسيطرة المدنية على الجيش، والقدرة على الاندماج مع جيوش دول الناتو الأخرى. ولئن أحرزت أوكرانيا تقدمًا في جميع هذه المجالات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الوفاء بالمعايير المطلوبة من قبل الناتو.
وفي كل الحالات، يصر بايدن وزعماء الغرب الآخرون على أنه ليس من حقّ اي دولة، ناهيك عن دولة معادية مثل روسيا، ان تقرر من يُسمح له أو لا يُسمح بالانضمام إلى تحالفهم.
أثناء “توسيع” الناتو بعد الحرب الباردة، أعلن قادته أن العضوية ستظل مفتوحة. ومن خلال مطالبة الناتو من الآن فصاعدا بحظر أي امتداد إلى الشرق، يعمل بوتين على نسف هذا المبدأ.
أشهر حاسمة
عندما التقيا، وافق بلينكين على تزويد لافروف بردود مكتوبة على مطالب روسيا -وهو أمر لم يفعله المسؤولون الأمريكيون قبل أيام. وستتطلب كتابة هذه الردود قدرًا هائلاً من المشاورات داخل إدارة بايدن ومع دول الناتو الأخرى، وكذلك مع أوكرانيا. وسيؤدي ذلك إلى إطالة العملية الدبلوماسية ومنع بوتين من الضغط على الزناد لأسابيع.
في الوقت نفسه، سيتعين الضغط على أوكرانيا. قال كل من بلينكين وألكسندر جروشكو، نائب وزير الخارجية الروسي، في مناسبات منفصلة، إن تنفيذ اتفاقيات مينسك يمكن أن يفعل الكثير لتقليل التوترات. هذه الاتفاقيات، التي وقعتها روسيا وأوكرانيا عام 2015، ولكن تجاهلها الجانبان منذئذ، تدعو إلى وقف إطلاق النار بين أوكرانيا والميليشيات الانفصالية في مقاطعة دونباس، وتبادل الأسرى، ونزع سلاح الميليشيات، ولكن أيضًا إجراء انتخابات حرة في دونباس، والتي يمكن أن يكون لها تأثير على السياسة الأوكرانية.
في مرحلة ما، يجب تسوية مسألة توسيع الناتو. إنه لمن الجنون أن تبدأ حربًا على مبدأ -عضوية أوكرانيا المحتملة في الناتو -لا توجد فرصة لتطبيقه. يجب أن تكون هناك طرق لنزع فتيل الخلاف دون التخلي عن هذا المبدأ. ويمكن لحلف الناتو أن يصدر بيانًا يشرح الأسباب العديدة التي تجعل أوكرانيا غير مؤهلة في هذا الوقت.
يمكن استشارة الخبراء حول المدّة التي سيستغرقها تغيير هذا الوضع. وفي نفس الوقت، من المتوقع أن يجري بايدن وغيره من قادة الغرب محادثات من وراء الكواليس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويقدمون مجموعة كاملة من الضمانات الأمنية والهبات الاقتصادية مقابل سحب طلب عضوية الناتو -بشرط أن روسيا تسحب دباباتها الجديدة وأسلحة أخرى من الحدود الأوكرانية.
هل سيكون هذا سهلا؟ لا. الدبلوماسية صعبة، خاصة عندما تكون الخلافات وتضارب المصالح عميقة ومعقدة. هل سيرضى الجميع عن النتيجة؟ أكثر من لا. يرغب الأوكرانيون في التمتع بالرفاه والأمن اللذين توفرهما ضمانات المادة 5 الخاصة بحلف الناتو، ويرغب الروس (وليس بوتين فقط) في استعادة “مجال نفوذهم” في الغرب بشكل لا يقبل الجدل. لن يحصلوا على ذلك.
الأسئلة المطروحة أمامنا هي: هل يعتقد بوتين أن الأمر يستحق المجازفة بحرب لمحاولة الحصول على ما يريد، وما يراه عودة إلى قدر القوة العظمى لروسيا؟ هل سيكون بايدن قادرًا على إيجاد حل وسط كافٍ لإبعاد بوتين عن فكرة الحرب دون الاستسلام له كثيرًا؟ ستختبر الأشهر القليلة القادمة أعصاب الجميع.
-- أحرزت أوكرانيا تقدمًا في جميع المجالات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن تلبية المعايير المطلوبة من قبل الناتو
-- يـرى العديــد من الــروس أن أوكرانيــا حيـويـة لبلدهم ودولة عازلة تحميهم من التدخلات الغربية
-- يصر بايدن على أنه ليس من حقّ أي دولة، أن تقرر من يُسمح له أو لا يُسمح بالانضمام إلى الحلف
-- هل سيكون بايدن قادرًا على إيجاد حل وسط كافٍ لإبعاد بوتين عن فكرة الحرب دون الاسـتســلام له كثيـراً ؟
-- من الجنون أن تبدأ حربًا على مبدأ لا توجد فرصة لتطبيقه
والآن ماذا سيحدث؟ التقى وزير الخارجية أنطوني بلينكين ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في جنيف يوم الجمعة 20 يناير، كما هو مخطط، لمناقشة إمكانية الخروج السلمي من الأزمة الأوكرانية. تم الإعلان عن هذا الاجتماع باعتباره تتويجًا لعدة جلسات عقدت بين كبار الدبلوماسيين من الولايات المتحدة وروسيا وحلف شمال الأطلسي وكل أوروبا، بما في ذلك أوكرانيا. كانت المخاطر كبيرة. وحذر المسؤولون الروس -ويخشى آخرون -من أنه إذا لم تمتثل الولايات المتحدة والحلف الأطلسي لجميع مطالب بلادهم (بعضها معقول، والبعض الآخر لا)، فلا جدوى من مواصلة المفاوضات. في الواقع، وصلت الدبلوماسية بعد ذلك إلى “طريق مسدود”، مما يعني أن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، يمكن أن يتخذ إجراءات “تقنية عسكرية” لإبقاء أوكرانيا في فلك بلاده.
الوضع القائم وليس الطريق المسدود
تحدث بلينكن ولافروف طيلة تسعين دقيقة، ولم يتنازل أي منهما قيد أنملة، لكنهما اتفقا على مواصلة الحوار. في النهاية، لم تصطدم الدبلوماسية بأي طريق مسدود. ويبدو أن بوتين ليس مستعدًا تمامًا لخوض غزو أوكرانيا حتى الآن.
إلى متى يمكن أن يستمر هذا الجمود؟ لقد قيل على نطاق واسع أن لروسيا 100 ألف جندي جاهزين للتحرك على حدودها مع أوكرانيا، لكن هذا ليس دقيقا.
وفقًا لمايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في مركز أبحاث في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، يتمركز 55 الفا منهم بشكل دائم على الحدود لفترة طويلة جدًا. أما الـ 45 الفا الآخرين، الذين كان من الممكن حشدهم من مناطق مختلفة من روسيا، فلم يتحركوا فعلا. وبدلاً من ذلك، فإن معداتهم -الدبابات والعربات المدرعة والمدفعية والصواريخ التكتيكية -هي التي تم إرسالها إلى مناطق قريبة من أوكرانيا.
وهذا ليس بالشيء غير العادي. في كثير من الأحيان، عند الاستعدادات للنزاع، يتم “وضع الأسلحة والمركبات مسبقًا” في أماكن قريبة من منطقة الجبهة؛ لا يتحرك الجنود ولكن يمكن إرسالهم بسرعة على عين المكان للالتحاق بالأسلحة والمركبات التي سبق تدريبهم على استخدامها في حال صارت الحرب وشيكة.
إذن، إلى متى يمكن أن تبقى هذه الاستعدادات في مكانها؟ امام عدم إرسال جنود إضافيين يمكن أن يصابوا بالإرهاق أو التجمّد في اماكنهم أو الجوع أو الاحباط، فيمكن أن يستمر الوضع لفترة طويلة.
بوتين، ليس في عجلة من أمره، ويمكنه الاستمرار في تصعيد الضغط على أوكرانيا، وشن هجمات إلكترونية، أو إرسال مرتزقة إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في المقاطعات الشرقية للبلاد -كل ذلك مع اختبار وحدة الناتو من خلال التهديد بقطع حنفيات الطاقة عن ألمانيا وغيرها من دول أوروبا الغربية.
الناتو، هذه العقدة الغوردية
يمكن للرئيس بايدن وقادة الغرب الآخرين أيضًا إطالة أمد الفسحة من خلال توفير المزيد من الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات إلى أوكرانيا، أو عن طريق إرسال المزيد من الجنود إلى دول شرق الناتو، وخاصة في بولندا ودول البلطيق، التي يشعر سكانها بأنهم معرّضون جدا لعودة روسيا.
يمكن أيضًا طرح مقترحات الانضمام إلى عضوية الناتو على السويد وفنلندا، الدول الغربية المحايدة منذ فترة طويلة على الجانب الشمالي الغربي لروسيا، والتي يداعب قادتها فكرة العضوية كرد فعل على مبادرات بوتين الأخيرة.
والمسالة هي معرفة، ما هي الضغوط، من جانب أو آخر، التي سيكون لها تأثير سياسي قوي في أسرع وقت -بافتراض أن لها أي تأثير.
في غضون ذلك، ما الذي نتحدث عنه؟ حددت روسيا عدة مطالب لما تسميه “ضمانات أمنية”، ويبدو أن أكثرها إلحاحًا هو عدم السماح لأوكرانيا أبدًا بالانضمام إلى الناتو. ويرى العديد من الروس أن أوكرانيا حيوية لبلدهم -تاريخيًا وثقافيًا واقتصاديًا، ودولة عازلة تحميهم من التدخلات الغربية. وذهب بوتين إلى حد القول إن أوكرانيا “ليست دولة”، وكانت وستظل دائمًا جزءً من روسيا.
حقيقة أنه من غير المرجح أن يتم استقبال أوكرانيا في حلف الناتو قبل فترة طويلة، وقد لا يحدث ابدا. حتى في أوائل التسعينات، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهيجان الطلبات لعضوية الناتو من دول حلف وارسو السابقة، كانت أوكرانيا تُعتبر دائمًا حالة خاصة. فعلى عكس بولندا وجمهورية التشيك والمجر، كانت جزءً لا يتجزأ من الاتحاد السوفياتي. وكان من المفهوم أيضًا أن جذب أوكرانيا إلى تحالف عسكري غربي سيكون بمثابة استفزاز شديد تجاه روسيا.
تنص المادة 5 من معاهدة الناتو على أن هجومًا على أحد أعضائه سيعتبر هجومًا على الجميع، وقلة قليلة جدًا من أعضاء الناتو على استعداد لخوض حرب ضد روسيا لحماية استقلال أوكرانيا (حتى اليوم، يقول بايدن وقادة آخرون في الناتو، إنهم لن يرسلوا قوات للدفاع عن أوكرانيا إذا هاجمتها روسيا).
أخيرًا، على عكس دول البلطيق (التي كانت جزءً من الاتحاد السوفياتي ولكن سُمح لها بالانضمام إلى الناتو)، لم تستوف أوكرانيا الشروط اللازمة للعضوية -درجة عالية من الديمقراطية، ومستويات منخفضة من الفساد، والسيطرة المدنية على الجيش، والقدرة على الاندماج مع جيوش دول الناتو الأخرى. ولئن أحرزت أوكرانيا تقدمًا في جميع هذه المجالات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الوفاء بالمعايير المطلوبة من قبل الناتو.
وفي كل الحالات، يصر بايدن وزعماء الغرب الآخرون على أنه ليس من حقّ اي دولة، ناهيك عن دولة معادية مثل روسيا، ان تقرر من يُسمح له أو لا يُسمح بالانضمام إلى تحالفهم.
أثناء “توسيع” الناتو بعد الحرب الباردة، أعلن قادته أن العضوية ستظل مفتوحة. ومن خلال مطالبة الناتو من الآن فصاعدا بحظر أي امتداد إلى الشرق، يعمل بوتين على نسف هذا المبدأ.
أشهر حاسمة
عندما التقيا، وافق بلينكين على تزويد لافروف بردود مكتوبة على مطالب روسيا -وهو أمر لم يفعله المسؤولون الأمريكيون قبل أيام. وستتطلب كتابة هذه الردود قدرًا هائلاً من المشاورات داخل إدارة بايدن ومع دول الناتو الأخرى، وكذلك مع أوكرانيا. وسيؤدي ذلك إلى إطالة العملية الدبلوماسية ومنع بوتين من الضغط على الزناد لأسابيع.
في الوقت نفسه، سيتعين الضغط على أوكرانيا. قال كل من بلينكين وألكسندر جروشكو، نائب وزير الخارجية الروسي، في مناسبات منفصلة، إن تنفيذ اتفاقيات مينسك يمكن أن يفعل الكثير لتقليل التوترات. هذه الاتفاقيات، التي وقعتها روسيا وأوكرانيا عام 2015، ولكن تجاهلها الجانبان منذئذ، تدعو إلى وقف إطلاق النار بين أوكرانيا والميليشيات الانفصالية في مقاطعة دونباس، وتبادل الأسرى، ونزع سلاح الميليشيات، ولكن أيضًا إجراء انتخابات حرة في دونباس، والتي يمكن أن يكون لها تأثير على السياسة الأوكرانية.
في مرحلة ما، يجب تسوية مسألة توسيع الناتو. إنه لمن الجنون أن تبدأ حربًا على مبدأ -عضوية أوكرانيا المحتملة في الناتو -لا توجد فرصة لتطبيقه. يجب أن تكون هناك طرق لنزع فتيل الخلاف دون التخلي عن هذا المبدأ. ويمكن لحلف الناتو أن يصدر بيانًا يشرح الأسباب العديدة التي تجعل أوكرانيا غير مؤهلة في هذا الوقت.
يمكن استشارة الخبراء حول المدّة التي سيستغرقها تغيير هذا الوضع. وفي نفس الوقت، من المتوقع أن يجري بايدن وغيره من قادة الغرب محادثات من وراء الكواليس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويقدمون مجموعة كاملة من الضمانات الأمنية والهبات الاقتصادية مقابل سحب طلب عضوية الناتو -بشرط أن روسيا تسحب دباباتها الجديدة وأسلحة أخرى من الحدود الأوكرانية.
هل سيكون هذا سهلا؟ لا. الدبلوماسية صعبة، خاصة عندما تكون الخلافات وتضارب المصالح عميقة ومعقدة. هل سيرضى الجميع عن النتيجة؟ أكثر من لا. يرغب الأوكرانيون في التمتع بالرفاه والأمن اللذين توفرهما ضمانات المادة 5 الخاصة بحلف الناتو، ويرغب الروس (وليس بوتين فقط) في استعادة “مجال نفوذهم” في الغرب بشكل لا يقبل الجدل. لن يحصلوا على ذلك.
الأسئلة المطروحة أمامنا هي: هل يعتقد بوتين أن الأمر يستحق المجازفة بحرب لمحاولة الحصول على ما يريد، وما يراه عودة إلى قدر القوة العظمى لروسيا؟ هل سيكون بايدن قادرًا على إيجاد حل وسط كافٍ لإبعاد بوتين عن فكرة الحرب دون الاستسلام له كثيرًا؟ ستختبر الأشهر القليلة القادمة أعصاب الجميع.