رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة خالد بن محمد ويعزون أمير قطر بوفاة مريم بنت عبدالله
«البيئة… التزام ومسؤولية»
الأصول البيئية
إذا تأملنا المحيط الحيوي الذي نعيش فيه، سنجد أن التحديات البيئية على كوكب الأرض أصبحت واسعة النطاق ومتنوعة، وأن حدتها تختلف باختلاف الظروف الوطنية والإقليمية والدولية. فمع النمو الاقتصادي المتسارع والزيادة السكانية الكبيرة، ارتفعت القدرة الشرائية للبشر، وظهرت أنماط حياة غير مسبوقة تستهلك الموارد الطبيعية بمعدلات تفوق قدرة الكوكب على تجديدها.
لقد زاد الطلب على الغذاء والطاقة والمياه والمعادن والأخشاب، وارتفع استهلاك المنتجات الاستهلاكية، وبالتالي تضاعف إنتاج النفايات، ما أدى إلى تراجع صحة النظم البيئية وضعف قدرة الأرض على تلبية احتياجات البشر بالوتيرة الحالية. هنا برزت مفاهيم البصمة البيئية والبصمة المائية والبصمة الكربونية وغيرها، كمؤشرات علمية تساعدنا على فهم نمط حياتنا ومدى استدامته.
ولتوضيح الصورة بشكل عملي، لو عاش سكان العالم جميعًا بمستوى معيشة يماثل متوسط معيشة سكان الولايات المتحدة الأمريكية، لاحتجنا إلى أربعة كواكب ونصف لتلبية الطلب على الموارد. والحقيقة أن لدينا كوكبًا واحدًا فقط، لذا أصبحت البصمة البيئية أداة قياس أساسية لمعدل استخدام الأفراد للموارد الطبيعية مقارنة بقدرة الأرض على تجديدها. يبلغ متوسط حصة الفرد من القدرة البيولوجية للأرض نحو 1.8 هكتار عالمي، وهي المساحة التي تغطي احتياجاته من غذاء وطاقة ومياه وأخشاب وغير ذلك. التاريخ يوضح لنا حجم التدهور: ففي عام 1961 كانت البشرية تستخدم نحو 1.3 ضعف قدرة الكوكب، أي بوتيرة تفوق تجدد الموارد بنسبة 30%. ومع استمرار الاستهلاك ارتفع الرقم إلى 1.7 ضعف قدرة الكوكب، ما يعكس ضغطًا متزايدًا على الأصول البيئية.
نحن اليوم نستهلك من مستقبلنا البيئي على المكشوف؛ الأصول الطبيعية تتناقص باستمرار، ومع ارتفاع البصمة البيئية للأفراد والمؤسسات والدول يزداد الدليل على أن نمط الإنتاج والاستهلاك الحالي غير مستدام. وكلما ارتفع هذا المؤشر دلّ ذلك على أثر بيئي سلبي أعلى، وعلى تراجع السمعة البيئية للجهات المعنية، وعلى غياب المسؤولية تجاه مستقبل الأجيال القادمة. إن إدراكنا لحجم هذه التحديات ولغة الأرقام ليست غاية بحد ذاتها، بل هي دعوة للعمل. فالحد من البصمة البيئية يتطلب تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك، تبني حلول مبتكرة لإدارة الموارد، والالتزام بسياسات استدامة حقيقية تربط بين رفاه الإنسان وسلامة الكوكب.
info@abudhabienv.ae