آراء الكتاب

آراء الكتاب

مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل 
abdalmaqsud@hotmail.com

صانع المعروف 
 صناعة البسمة من خلال المعروف، تجسد روح البشر وتدعو لنشر التفاؤل والمحبة وسط هذا الزخم المفعم بالشقاء، ويعتبر هذا الحلاق نموذجا لهذه النوعية وإن كانت قصة من وحي الخيال إلا أنه رجل لديه محل حلاقة في قلب المدينة، من وقت لآخر لا يأخذ المال مقابل الحلاقة من أشخاص بشكل عشوائي، وفي يوم جاءه تاجر للحلاقة، ولما قام بحلاقته وأراد أن يدفع له قال له الحلاق أنا لا آخذ مالا وإنما غايتي فائدة الناس فشكره التاجر و غادر .
وجاء الحلاق في اليوم التالي ليفتح محله وجد معلقاً على باب المحل علبة فيها خاتم ألماس لا يقدر بثمن فتبسم وعلم أنها من التاجر، وفي اليوم التالي جاءه شاب يعمل في محل للعطور وأيضا لم يأخذ منه ثمن الحلاقة ولما جاء في اليوم التالي ليفتح محله وجد علبة عطر فرنسي ثمين جدا فتبسم وعلم أنه من الشاب، وفي اليوم التالي جاءه شاب وقام بحلاقته ولما أراد أن يدفع الثمن قال له الحلاق أنا لا آخذ مالا وإنما غايتي فائدة الناس، فشكره الشاب وغادر، وهو يتأمل هذا العمل النبيل الذي يهب من جهده وعمله وقتاً لإسعاد الناس، ولما جاء اليوم التالي ليفتح محله وجد أكثر من شخص يقفون على باب المحل ينتظروه فسألهم من أنتم؟ قالوا له نحن نحلق عندك، وأرسلنا صديقنا الذي خلق عندك أمس وهو تعود أن يصنع السعادة للجميع وأراد أن يشاركك في عمل الخير ونشر المحبة .
لم يحزن الحلاق بل فهم أن الشاب من صناع السعادة وأنه ما تقدم بدعوة شابين للحلاقة بالمجان إلا بدافع رؤية الفرحة في وجوههم، طلب من الشابين استدعاء صاحبهم بالحضور غدا ليشكره على حسن اختياره لمن نقدم لهم السعادة، لأن تقديم الخير لا يكون بدافع الحصول على الهداية القيمة ولكن بدافع المودة والعمل الإنساني .
خالد سالم


حياة الشعر بأيدينا 
كم تساءلت والخوف يتملكني: هل سيموت الشعر، هل سيختفي من حياة البشر؟ وكيف ستكون الحياة من دونه؟ أنا لست أدري كيف لا يهوى بعض الناس الآن أو كثيرٌ منهم سماع الشعر وقراءته، وما من ريب في أن الشعر - وهو أقدم أنواع الفن الأدبي- مهدد ومحاط بعدة أخطار، وهذه الأخطار ليست وليدة القرن الواحد والعشرين، فقد ظهرت كلما ظهر في تاريخ الإنسانية حدثٌ كبير يغير مسارها 
فالشاعر القديم الذي كان حينما يظهر في قبيلته تفرح هذه القبيلة وتدق الطبول لأنه سيشيد بذكرها ويخفض ذكر أعدائها وقد يشوه سمعتهم، هذا الشاعر القَبَلِي لم يعد له دور عندما ظهرت "الدولة" وما عاد يستطيع الشاعر أن يتحدث باسم قبيلة، بل صار يمكنه التحدث فقط عن صاحب الدولة "الخليفة أو السلطان" و الأمر نفسه في الشعر الأوروبي حيث كان الشاعر يمجد فرداً واحداً هو الملك العظيم أو القيصر.
ثم تحولت الدول من أرستقراطية القرون الوسطى إلى مدنية العصر الحديث، وانصرف أغلب الشعراء عن مدح الزعماء، وصار الشاعر يتحدث عن فرد آخر، هذا الفرد هو الشاعر نفسه، بمعنى أوضح صار الشعر ذاتياً، وإذا تكلم عن جماعة فإن هذه الجماعة ليست قبيلة وإنما أمةً أو شعبا، وإلى هنا لم يمس الخطر الشعر في ذاته، بل انتقص فقط من سلطانه العام وحوله إلى سِجِل تظهر فيه الطموحات الفردية والأَنَّات الذاتية والرؤى التي تخص كل شاعر على حِدَة، على أن الخطر الذي أصاب الشعراء بالقلق والخوف على مسار الشعر، كان ظهور قوة العِلم في القرن التاسع عشر، والدخول في عصر الآلة والمخترعات، حيث أصبح العلم قوة كبرى تغير كل يوم نظرة الناس إلى العالم وما فيه. 
ومن الطرائف المروية أن الشاعر الإنجليزي الكبير "كيتس" كان مدعُوًّا في وليمة، وفيما زملاؤه الشعراء من حوله يأكلون ويشربون نهض فجأةً رافعاً كأسه وهو يقول: اللعنة على ذكرى "نيوتِن" فلما سأله الحاضرون: لماذا تلعن ذكرى نيوتن؟ قال: لأنه حطم نظرتنا الشعرية الجميلة إلى قوس قُزَح حين فسره تفسيراً مادياً، فوافق الشعراء على ما قاله "كيتس" وشربوا على لعنة نيوتن!! 
ورغم خوف الشعراء من سطوة العلم إلا أن العلم لم يهدم الشعر بل تصالح معه، كما أن العلم لم يتعرض للدين وقد كان رجال الدين يخافون هم أيضاً على دينهم من العلم، إلا أن العلم لم يتعرض للدين وما أكثر ما رأينا علماء في الكيمياء والأحياء وفي الوقت نفسه محافظين على التقاليد الاجتماعية والتعاليم الدينية.. 
ولو قلنا إن نظرة الشعر إلى قوس قزح غير نظرة العلم فما المانع أن يكون لكل مجال نظرته الخاصة ويترك نظرة المجال الآخر وشأنها، فمن الممكن طبعاً أن يفسر لنا العلم ظاهرة قوس قزح ويعرفنا حقائق القمر الجيولوجية والبيولوجية ويخترع لنا بدلاً من السيف قنابل فتاكة، ومع ذلك تظل نظرة الشعراء قائمة إلى قوس قزح الذي يبعث الشعور بالجمال في النفس، وإلى القمر الذي يرمز إلى سهر العشاق والشعراء وهم يهيمون في أشعته الفضية وضوئه الشاحب الرومانسي، وإلى السيف الذي يرمز حتى الآن إلى القوة والحرب والحماسة رغم ظهور ما لا حصر له من أدوات الدمار. 
لا خوف على الشعر إذن من العلم، فطالما بقيت لدينا قلوب مستقلة عن عقولنا فما الداعي إلى الخوف، إن الخوف على الشعر يأتي من قلة الثقافة، من خريجي الجامعات الذين تلفت نظرنا سطحيتهم، والذين رغم حصولهم على الشهادة العلمية لا يدركون ما للشعر من قيمة عظمى في حياتنا، مع أن أبسط ما يقال عن الشعر أنه كامن في النفوس كلها ولا تخلو منه نفس بشرية، فالأمل والحب والرغبة والغضب والعشق والألم واللذة والطفولة والأنوثة والأمومة والرجولة والشهامة، كل هذه الأحاسيس والمعاني شعر، بمعنى أنها موضوعات للشعر. 
وختاماً أقول: إن تعليم الشعر في المدارس أمر لابد منه، لأنه تعليم جيد للغتنا العربية، وتدريب على التعبير المناسب عن المشاعر والرؤى وحتى الأفكار، وإن كان الشعر يهتم بالأحاسيس أكثر من الأفكار الذهنية، كما أن الشعر ينمي الذوق ويهذب السلوك ويبعث في النفس حب الجمال، ويكفينا أن نشير إلى قول ابن عباس -رضي الله عنه-: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فالتمسوه في الشعر، يعني أن من يفهم الشعر العربي جيداً ولاسيما الجاهلي منه سوف يفهم القرآن جيداً، وبحقٍ ما قيل: الشعر متعة وحياة .
حاتم السروي 

مشهد إنساني 
 في مشهد إيجابي بأحد المسلسلات العربية، كان يجلس صاحب شركة على مكتبه ومعه مدير الشركة ودخل عليهم المهندس المسؤول عن المشاريع، وبادره المدير بسؤال، أأنت أخذت إجازة لمدة أسبوعين لقضائها مع أولادك في المصيف وأسبوعاً آخر لتكون مع والدك في المستشفى والذي يعالج على نفقة الشركة؟ رد المهندس بنعم أخذت هذه الإجازة للأسباب نفسها، وفجأة بادره بحزم لماذا أقلت العامل من الموقع ؟
تلعثم المهندس ثم قال لأن إجازاته انتهت ولم يعد لديه إجازة وصار يغيب بلا عذر، عاد صاحب الشركة وسأله وهل سألته عن ظروفه؟ رد المهندس هؤلاء العمال كذابون ومؤكد سيقول أي مبرر، انفعل صاحب الشركة قائلا عندما غبت سألتك وقدرتك وصدقتك ولم أكذبك، لكنك أنت المسؤول عن العامل وعليك أن تتحقق منه وتسأله، ألديك علم بأن العامل كان يذهب بابنه لمستشفى السرطان، أنت أهنته وظلمته بإقالتك له .
ثم نهض صاحب الشركة منفعلا، أنا  من المفروض علي أن أهينك أمام الموظفين و أن أعاملك بالمثل، عامل مسكين لابد أننا نقف معه وأن نساعده أما أنت فأقلته من أجل توفير راتبه الذي لا يغني ولا يفقر الشركة، أنت عديم الإنسانية لذلك أنت مُقال، خرج المهندس ليشعر بالشعور نفسه  للعامل. 
هذا المشهد البسيط يعبر عن شريحة كبيرة في المجتمع، الموظف المتسلق الذي يشعر أنه الأوحد الذي ينهي ويبسط ويمنع، والعامل المغلوب على أمره والضعيف في حلقة العمل، وصاحب الشركة المعتدل الذي يراعي موظفيه ويمنحهم حقوقهم .
حمادة الجنايني


قصة : الواقع المؤلم 
استيقظ مسعود -كعادته صباح كل يوم - كي يذهب إلى عمله ، وكانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحا ، وكانت الشمس تسطع بأشعتها الحارة في فصل الصيف شديد القيظ ،فقد تغير الجو على ما كان عليه من عدة سنوات فالشتاء يأتي شديد البرودة والصيف يأتي شديد الحرارة . ولم يتغير الجو فقط، وإنما تغير كل شيء عما اعتدناه سابقا عندما كنا صغارا . 
كان مسعود قد سجل الموعد في دفتر يومياته ، فكما يقولون : إنّ القلم الباهت خير من الذاكرة القوية . 
ورغم ذلك فقد احتفظ به في ذاكراته ، بعد أن علم به على يد المُحضر قبل فترة، وبعد سويعات قليلة قضاها في عمله بين الأوراق والدفاتر المكدسة على مكتبه ،استأذن من مديره الذي كان ينظر إليه نظرة عطف وشفقة، ذهب حيث تقع محكمة الأسرة ،ذهب وقد أثقله الهم، وتكالب عليه الحزن، ذهب بخطوات بطيئة ورأس مثقل بالهموم والأحزان ، وأخذ يفكر فيما مضى من حياته، وكان يحرث في ذاكرته حرثا ، ولا يعلم ما يؤول إليه مصيره ومصير أسرته التي أحبها طوال حياته 
كان لسان حاله يردد : أمعقول هذه السنوات الطويلة تنتهي هكذا بكل سهولة ؟ 
بدا وكأنه خال من أي مشاعر. عيناه شاخصتان تلتفتان يمينا ويسارا لعله يراها، كان جسمه النحيل يتصبب عرقا فيبدو أنه قطع المسافة من عمله إلى المحكمة مشيا على الأقدام وأخذ يسأل نفسه كيف وصل به الأمر إلى ذلك ؟ وما كان يتوقع ما يحدث له خلال هذه الجلسة التي ربما كانت نذير شؤم عليه بل هي الشؤم نفسه، وصل إلى محكمة الأسرة وهو يجر ثوب الانكسار ، وقف وسط الزحام وهو يحاول الوصول إلى الجدول المعلق على الحائط، ليعرف موعد الجلسة، وبعد قليل وصلت الزوجة صاحبة الدعوى، ومضى كل منهما في طريقه دون أن ينبسا بكلمة واحدة .
وعند باب القاعة وقفا ينتظران دورهما للدخول أمام القاضي ، وكلاهما ينظر إلى الآخر شذر مذر، وأخذا يتبادلان الاتهامات في غضب شديد على مرأى ومسمع من الجميع وبدأ صوتهما يعلو ، ولكن الزحام الشديد الذي يسيطر على المحاكم - كالعادة - جعل الشخص يكاد لا يسمع من يتحدث إليه ، فقد كان صوت الأمهات والآباء والأطفال الرضع يعلو فوق كل صوت . فهي محكمة الأسرة ولا غرابة في أن ترى وتسمع مثل هذه الأصوات ، فكم من زوجة مظلومة لطمها الحزن والألم جراء استهتار زوجها وعدم قيامه بمسؤولياته تجاها وتجاه أولاده ، وكم من زوجة ظالمة تتمرد على زوجها الذي يعمل ليلا ونهارا وتأبى أن ترضى بمعيشتها إمعانا في إذلاله وإرضاء لرغباتها تقليدا لزميلاتها وصديقاتها، فكلا النموذجين موجودان في كل بيئة والمحاكم تشهد على ذلك، ويا له من ظلم بيّن للأطفال ! 
وبعد قليل سمع الزوج صوت ينادي على رقم الدعوى التي أقامتها الزوجة ، فسارع إلى باب القاعة وهو يكفكف دموعه ويمسح العرق الذي ملأ جبهته وفي يديه قنينة ماء أبى أن يدخل القاعة إلا أن يشرب منها وكأنها كانت الشربة الأخيرة . 
 ففجأة شهق شهقة على إثرها مباشرة طلبوا له سيارة الإسعاف التي أقلته إلى المستشفى الذي يقع على مقربة من المحكمة ،ولكنه عندما وصل المستشفى كان قد فارق الحياة !! نعم فقد لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بسكتة دماغية، بعد أنْ علم أن زوجته وأم عياله، قد أقامت ضده 9 دعاوى نفقة في محكمة الأسرة، فلم ترحمه الأمراض التي ألمت به ولم ترحمه الدعاوى المقامة ضده ، ولم يرحمه المحامي الذي أوعز لتلك الزوجة أن تقوم بذلك كله ممنيا إياها بكسب تلك الدعاوى جميعها ،وإذلال ذلك الزوج التي ترك الزوجة والأولاد وحيدين وقد سيطر عليها الندم ولكن هيهات هيهات للزمن أن يعود .
عاطف البطل : كاتب صحفي 

لحظة الشرود 
 أدندنُ لحظةَ فرحٍ عابرة 
يباغتني صوتُ موسيقى بعيد 
أركض خلفه بلهفةٍ 
ثم أعودُ خاليةَ اليدين 
كأنَّ خُفّي حُنين يلاحقني 
بلعنته القديمة 
الأشجارُ تنامُ ليلاً 
والأوراقُ تعقدُ حلفًا مع الريح 
لا إزعاج بعد اليوم 
كلُّ شيءٍ سيُؤجَّل إلى غدٍ آخر 
من قال إنَّ الشرودَ جُنُون 
أو زهايمر آخر العمر؟ 
الشرودُ نافذةٌ سرّيةٌ 
نطلُّ منها على أرواحنا 
جدّي كان شارداً طويلاً 
وحين سألوه: ما بك؟ 
ابتسم كمن يُخفي دمعته وقال 
"أتنفّس الحبَّ كي أُعاندَ الموت 
وأعيش آخر أيامي 
أمّي تُعدُّ الفطور 
وتنسى أن تجلب الخبز 
تنادي على أبي 
فيُجيبها الصدى وحده 
كأنَّ البيت صار أوسع من صوته 
أبي كان يبتسمُ بصمت 
لكننا كنّا نقرأ الخيانة 
في تجاعيد وجهه 
لا تراهنيني كثيرًا على الوفاء 
فالنساءُ يعرفنَ جيّدًا 
أنَّ الأزواجَ يذبلون سريعًا 
في أحضان أخريات 
كثيرٌ من العواصف عصفت بأيامنا 
كثيرٌ من الأحوال هزمتنا 
لكننا نتواطأ مع الليل 
ونكذب في كل مرة 
نحن بخير 
نحن بخير… 
كذبةٌ صغيرة 
نعلّقها مثل أيقونةٍ على الجدار 
ننظر إليها في لحظات الانكسار 
فنبتسم كمن يُخبّئ جرحه 
تحت وشاحٍ من نور 
وفي النهاية 
لا يبقى منّا سوى هذا الشرود 
موسيقى بعيدة 
وصدى أصواتٍ لا يجيب 
وحكايةٌ نكتبها 
كي لا ينطفئ قلبنا تمامًا 
إنعام الحمداني : شاعرة

همسات الخلود في مرآة البقاء 
  أصبحت التقنية كأنها نهرٌ لا يعرف ضفافه في واقعنا ، واليوم برز حلمٌ جديد يُغري البشر بما لم يُغوِهم به الشعراء ولا الفلاسفة من قبل : الخلود الرقمي ، فكرة أن يظل الإنسان حاضرًا بعد موته ، محبوسًا في ذاكرة من بيانات وصور وأصوات ، تُغذّي وهم البقاء وتؤجل مواجهة الفناء هذا المشروع يُشبه وعدًا خفيًا 
أن تكون حاضرًا في حياة من تحب حتى بعد غيابك ، أن تترك لهم خيوطًا من صوتك، وضحكتك وكلماتك ، كأنك لم ترحل ، إنه إغراء عظيم ، يضمد جزءًا من وجع الفقد ، ويمنح الحياة نكهة الأبدية التي طالما بحث عنها الإنسان في الأساطير .
لكن خلف هذا البريق يقبع الخداع ، فما يُسمّى بالخلود الرقمي ليس روحًا ، بل مجرد قشرة ، محاكاة باردة تحاكي الإنسان دون أن تكونه ، كأنك تنظر في مرآة ، ترى انعكاسك ولا تلمس كيانك ، تلك الصور المسجونة في الخوادم لا تعرف الحب ، ولا الحزن ، ولا ارتجافة القلب حين يواجه المجهول ، هي نسخة بلا دفء ، نسخة قد تسرّع نسياننا لقيمة الأصل، ويبقى السؤال الأخلاقي معلّقًا: 
هل يخدم الخلود الرقمي الإنسانية حقًا، أم يُسلبها المعنى العميق للرحيل ، ويحوّل الموت من رحلة إلى خطأ تقني قابل للتصحيح ؟ أليس في الموت حكمة كبرى ، تحفظ للتجربة البشرية معناها وللحياة قدسيتها ؟ الخلود الرقمي مشروعٌ يفتح أبوابًا واسعة للتأمل، فقد يخفف آلام الفقد ، لكنه قد يُفقِدنا صدق اللحظة ونبل النهاية. ، وربما يكون في زوالنا جمالٌ لا تستطيع أي ذاكرة اصطناعية أن تُعيده 
حيدر فليح الشمري : صحفي


فتح ملف المبدعين 
 المبدعون في مصر كثيرون بمجالات عديدة ومتميزون في كافة المناحي في الفن والأدب والرياضة والصناعة والاقتصاد والسياسة أيضا والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ومكتباتنا ومكاتبنا مليئة بأبحاث وأفكار ورؤى وابتكارات واختراعات عديدة ومتعددة ليذهب المهتمون الى مراكز البحوث التي ضاق المكان بل اكتظ بهذه الاعمال التي يمكن من خلال جزء منها نقلنا الى مصر الحديثة .
الجميل في الأمر أن أصحاب هذه الافكار لشباب مصر الرائع الذي يعمل فكره لصالح مجتمعه وفائدة أمته المصرية والعربية يبقى الاهتمام بفتح هذه الملفات وتصنيفها وتوجيهها الى المختصين كل  في مجاله ، إضافة الى ذلك يجب مقابلة المبدعين في كافة المجالات لطرح ما لديهم من رؤى وافكار ووضعها في حيز التنفيذ اذا ما كانت ستعود بالنفع واذا كان لنا حق عرض نموذج فإننا نطرح اسم ياسر محمد أحمد موسى قاسم ،الحاصل على لقب المعلم المثالي على مستوى الجمهورية بما لديه من رؤى وأفكار لتطوير التعليم، هذا المعلم النبيل أستاذ اللغة العربية الذي يعطي دروسا مجانية لطلاب وطالبات المرحلتين الإعدادية والثانوية من خلال مجموعات تقوية، نلفت نظر وزير التعليم لهذا النموذج الذي يهضم حقه في الترقية ويتقدم عليه من لا يستحق الترقية لكن لا حياة لمن تنادي !
كنا قد فتحنا ملف الإبداع والمبدعين من عدة أسابيع ورحب واستجاب ووعد بتنفيذ طلباتهم في حدود المتاح من إمكانيات وطالب بضرورة تكريم العناصر المبدعة في كافة المجالات وفتح صفحات جريدة القليوبية الناطقة باسم أبناء المحافظة لنشر إبداعاتهم تحت إشراف كاتب هذه السطور إضافة الى إقامة صالون شهري للمبدعين ابناء الاقليم تحت اشراف المحافظة وتوفير الاماكن ووسائل المواصلات، أيضا طرح المسابقات للمبدعين وخاصة الشباب في كافة المجالات وتقديم الجوائز للمتميزين بشكل يليق بهم وتوفير كافة وسائل الدعوة لهم، المبدعون بحق هم عقل الامة، وإتاحة الفرصة لهذه النماذج الرائعة تكون سبيلا لتقدم وازدهار مصر وفتح الأبواب أمام القيادات الشبابية الواعية الواعدة صاحبة الثقافة والفكر والرؤية الصادقة .
سامي سرحان : عضو اتحاد كتاب مصر

الحب طوق النجاة 
لا ملاذ لنا في ظل هذه الحياة الشائكة والمراهقة بحكم الظروف التى تحيط بالجميع، وصارت متطلباتها ثقيلة للغاية ومن الصعب تحقيقها والخروج منها بسلام، إلا طوق نجاة يحمينا من تلاطم أمواج الضغوط النفسية الناتجة عن تحول كل شيء جميل إلى شكل مادي، يخلو من المشاعر والأحاسيس ومعنى الحب الحقيقي .
طوق النجاة الوحيد في هذا العصر هو الحب، لأن الحب هو الشيء الوحيد القادر على تعديل المزاج، حب الذات حب الله حب الأم والحبيبة وحب الأبناء، وحب الطبيعة، حب النجاح والتميز، حتى حب العزلة ، حتى حب القطط والكلاب ومراعاتهم والحنو عليهم يجلب السعادة، خاصة وأن هذه المخلوقات تبادلنا الحب وتعبر عن مشاعرها بلطف، وأيضا التفكر والتدبر في الخلق والاستماع لأشياء تعبر عن كل ما في الأعماق من نشوة الانتصار على الظلام الكاحل، وتبديله بنور ساطع من خلال السباحة في الفضاء وملامسة النجوم والوقوف على القمر، أو الجري على الرصيف المبلل بمياه المطر وأوراق الشجر التى تهتز لتسقط حبات الندى، والجري حفاة على شاطئ البحر وتلامس أقدامنا حبات الرمال الدافئة من أشعة الشمس عند الأصيل، أو سقي الورود أثناء تفتحها بألوانها المتعددة وبهجتها المصاحبة لنسيمها العليل تحت ضوء القمر .
لابد من ترك الضغوط وقتما نشعر به بضيق الصدر ففي الحياة أشياء جميلة، العودة إلى الله والمتعة في مناجاته، والبحث عن حضن الأم ودفء أنفاس الأب وشقاوة الأخت أو الأخ، والنزاع مع الأصدقاء كل تلك المحبة الكامنة داخل وجداننا هي طوق النجاة من الأمراض النفسية و العصبية، و تقبيل أنامل طفل صغير تتلألأ عيناه بالبهجة، مشاهدة مقطع فيديو يأتي في وقته ليعبر عن الإحساس بمعنى الحب، خدمة محتاج، السعي لتقديم الفرحة للآخر، فنحن نستمد سعادتنا من سعادة الآخرين لذلك نقول بأن الحب هو طوق النجاة الذي يجب علينا حمله معنا في كل مكان ولا نفرط فيه مطلقا .
إيمان الصقار : مهندسة ديكور