«البيئة… التزام ومسؤولية»

الأصول البيئية

الأصول البيئية

إذا تأملنا المحيط الحيوي الذي نعيش فيه، سنجد أن التحديات البيئية على كوكب الأرض أصبحت واسعة النطاق ‏ومتنوعة، وأن حدتها تختلف باختلاف الظروف الوطنية والإقليمية والدولية. فمع النمو الاقتصادي المتسارع والزيادة ‏السكانية الكبيرة، ارتفعت القدرة الشرائية للبشر، وظهرت أنماط حياة غير مسبوقة تستهلك الموارد الطبيعية بمعدلات ‏تفوق قدرة الكوكب على تجديدها‎.‎
لقد زاد الطلب على الغذاء والطاقة والمياه والمعادن والأخشاب، وارتفع استهلاك المنتجات الاستهلاكية، وبالتالي تضاعف ‏إنتاج النفايات، ما أدى إلى تراجع صحة النظم البيئية وضعف قدرة الأرض على تلبية احتياجات البشر بالوتيرة الحالية. ‏هنا برزت مفاهيم البصمة البيئية والبصمة المائية والبصمة الكربونية وغيرها، كمؤشرات علمية تساعدنا على فهم نمط ‏حياتنا ومدى استدامته‎.‎
ولتوضيح الصورة بشكل عملي، لو عاش سكان العالم جميعًا بمستوى معيشة يماثل متوسط معيشة سكان الولايات ‏المتحدة الأمريكية، لاحتجنا إلى أربعة كواكب ونصف لتلبية الطلب على الموارد. والحقيقة أن لدينا كوكبًا واحدًا فقط، لذا ‏أصبحت البصمة البيئية أداة قياس أساسية لمعدل استخدام الأفراد للموارد الطبيعية مقارنة بقدرة الأرض على تجديدها. ‏يبلغ متوسط حصة الفرد من القدرة البيولوجية للأرض نحو ‏‎1.8 ‎هكتار عالمي، وهي المساحة التي تغطي احتياجاته من ‏غذاء وطاقة ومياه وأخشاب وغير ذلك‎.‎ التاريخ يوضح لنا حجم التدهور: ففي عام 1961 كانت البشرية تستخدم نحو ‏‎1.3 ‎ضعف قدرة الكوكب، أي بوتيرة تفوق ‏تجدد الموارد بنسبة 30%. ومع استمرار الاستهلاك ارتفع الرقم إلى ‏‎1.7 ‎ضعف قدرة الكوكب، ما يعكس ضغطًا متزايدًا على ‏الأصول البيئية‎.‎
نحن اليوم نستهلك من مستقبلنا البيئي على المكشوف؛ الأصول الطبيعية تتناقص باستمرار، ومع ارتفاع البصمة البيئية ‏للأفراد والمؤسسات والدول يزداد الدليل على أن نمط الإنتاج والاستهلاك الحالي غير مستدام‎. ‎وكلما ارتفع هذا المؤشر دلّ ‏ذلك على أثر بيئي سلبي أعلى، وعلى تراجع السمعة البيئية للجهات المعنية، وعلى غياب المسؤولية تجاه مستقبل الأجيال ‏القادمة‎.‎ إن إدراكنا لحجم هذه التحديات ولغة الأرقام ليست غاية بحد ذاتها، بل هي دعوة للعمل. فالحد من البصمة البيئية يتطلب ‏تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك، تبني حلول مبتكرة لإدارة الموارد، والالتزام بسياسات استدامة حقيقية تربط بين رفاه ‏الإنسان وسلامة الكوكب‎.‎

info@abudhabienv.ae