نافذة مشرعة

بايدن وتهديد الصين لتايوان: فن الكلمات في الدبلوماسية

بايدن وتهديد الصين لتايوان: فن الكلمات في الدبلوماسية

 من خلال النأي بنفسه عن سياسة “الغموض الاستراتيجي” الأمريكية تجاه بكين، يزيد جو بايدن الضغط على خصمه الكبير... لعبة خطرة.
   في 25 أبريل 2001، عندما سأله أحد المراسلين عما إذا كان مستعدًا للدفاع عن سيادة تايوان “بالقوة الكاملة للجيش الأمريكي”، أجاب الرئيس جورج دبليو بوش بأنه سيحمي حليفه “بأي وسيلة ضرورية”. في ذلك الوقت، كان سيناتور، معروف بخبرته ومعرفته الجيدة بالسياسة الخارجية، قد تناول قلمه في صحيفة واشنطن بوست لتلقين درس لشاغل البيت الأبيض. وفي نبرة أستاذية، ذكَّر جورج دبليو بوش بأنه “في الشؤون الدبلوماسية، هناك فرق كبير جدًا بين الاحتفاظ بإمكانية اللجوء إلى استخدام القوة وان يُلزم المرء نفسه، مسبقًا، بالدفاع عن تايوان”... هذا السيناتور يسمّى جو بايدن.
   بعد إحدى وعشرين عامًا، كان جو بايدن هو نفسه الذي بدا، أثناء زيارته لليابان، وكأنه يشكك في سياسة “الغموض الاستراتيجي” للولايات المتحدة فيما يتعلق بتايوان. فمن خلال التأكيد على أن الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة عسكريًا إذا تعرضت للهجوم من قبل بكين، فإن الرئيس الأمريكي، على الرغم من نفي مستشاريه، نأى بنفسه عن هذه السياسة التي تتمثل في الاعتراف دبلوماسياً فقط بالبر الرئيسي للصين، مع التعهّد بمنح تايوان المعدات والوسائل العسكرية للدفاع عن نفسها في حالة حدوث غزو، دون التعهد صراحة بتدخل أمريكي. لكن، إذا وضعنا جانبًا التفسيرات المتباينة التي يمكن أن تثيرها الكلمات التي يتحدث بها الرئيس الأمريكي، فإنها تثير مسألة أوسع حول استراتيجيته فيما يتعلق بالصين.

ثلاث ركائز
   في أمريكا، التي تعيش استقطابًا غير مسبوق، من اللافت أولاً ملاحظة وجود إجماع بين الحزبين حول المسألة الصينية. وحتى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، يتفق الديمقراطيون والجمهوريون على أن الصين هي القوة الوحيدة التي تريد، ويمكن، أن تتحدى النظام الدولي كما رسمته واشنطن لأكثر من خمسة وسبعين عامًا. وفي مواجهة ما تعتبره أكبر تحدٍ استراتيجي لها، حاولت إدارة بايدن، مع بدايتها، توضيح سياسة صينية وصفها وزير الخارجية أنطوني بلينكين في خطاب ألقاه في 26 مايو.
  حتى لا تسقط في فخ التركيز فقط بشكل متقطع على حوض المحيطين الهندي والهادئ، كما فعلت إدارة أوباما، ولتفادي تبني المقاربة غير المنتظمة لإدارة ترامب، يعتمد فريق جو بايدن على ثلاث ركائز. الأولى محلية: لتكون قادرة على التنافس مع بكين، أدركت أمريكا أن عليها الاستثمار محليًا لتعزيز قدرتها على الابتكار ومرونتها، وإعطاء دفع جديد لصناعتها، وتحسين بنيتها التحتية، ومواصلة جذب المواهب ورؤوس الأموال من جميع أنحاء العالم.
   والركيزة الثانية، هي الاعتماد على أحد أسس القوة الأمريكية: شبكة تحالفاتها الفريدة. وفي هذا الصدد، تميزت الأسابيع القليلة الماضية باجتماع بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا، وزيارة جو بايدن لليابان وكوريا الجنوبية، وقمة الرباعية، وهي صيغة للتعاون تجمع بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند. ومن أجل احتواء التوسع الصيني، أعلنت واشنطن أيضًا عن شراكة اقتصادية جديدة -أطلق عليها اسم الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ -ستجمع الولايات المتحدة واثنتي عشرة دولة في المنطقة.

   أخيرًا، تنزّل واشنطن الآن تنافسها مع بكين في صراع عالمي بين الديمقراطيات والأنظمة السلطوية. ومن خلال التصرف بهذه الطريقة، تأمل أمريكا في حشد حلفائها الأوروبيين، لكنها تخاطر بإهانة بعض حلفائها الآسيويين البعيدين عن أن يكونوا ديمقراطيات مثالية. لئن كانت الولايات المتحدة تحلم عام 2001 -على وجه الخصوص من خلال استقبالها في منظمة التجارة العالمية -بإضفاء الطابع الديمقراطي على الصين، فانه لم يعد هناك شيء من هذا. ومثل عاشق محبط، لم تعد أمريكا تؤمن بقدرة امبراطورية الوسط على تغيير نفسها. وامام عجزها على تغيير أكبر منافس لها، اختارت الولايات المتحدة ممارسة أقصى قدر من الضغط العسكري والاقتصادي عليها. وإذا كانت مثل هذه الاستراتيجية تتمتع بميزة كونها أقل سذاجة من المقاربة التي اعتمدها الغرب لفترة طويلة تجاه الصين، فإنها تظل مع ذلك أكثر خطورة على المستوى الجيوسياسي.



 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot