المدرسة هي أهم مختبر لاكتشاف المواهب ، فكم من ممثل مبدع بدايته مهرجان المسرح المدرسي وكم من إعلامي بدايته الإذاعة الصباحية وكم من رسام بدايته حصة الرسم وكم من موسيقي بدايته محاولة رسم مفتاح الموسيقى في أول السطر من خطوط النوتة الموسيقية ، وكم من كاتب كتب قصة قصيرة في مادة التعبير ، قبل أيام انطلق مهرجان أبوظبي للمسرح المدرسي في دورته الثالثة بالحلقات الثلاث ، الأولى والثانية والثالثة ولكل حلقة منافسة خاصة بها، فمدارس الحلقة الأولى تتنافس بين بعضها وهكذا الحلقة الثانية والثالثة ،على خشبة مسرح منارة السعديات في أبوظبي، المهرجان من تنظيم وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الشريك الاستراتيجي دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، تكونت لجنة التحكيم من الكاتب والممثل عبدالله مسعود ، والفنان زيد الهاشمي ، والعبد لله سعيد الزعابي ، كانت هنالك صعوبة لدى لجنة التحكيم في اختيار أصحاب الجوائز ، فكلهم مبدعين إلا أن الجائزة لا بد أن تذهب لشخص واحد ، بعد أسبوع من المنافسة الحادة تم توزيع الجوائز على مستوى التمثيل والإخراج والأزياء والموسيقى والديكور وأفضل عرض متكامل في ختام المهرجان، طبعا لكل حلقة جوائزها، تطور مهرجان المسرح المدرسي بشكل لافت من الدورة الأولى إلى الدورة الثالثة، لعدة أسباب أهمها إدراج مادة الدراما في المنهج المدرسي ، وبالتالي هنالك اتصال طوال العام بين مادة الدراما والطالب ، والأمر الثاني قيام وزارة التربية والتعليم باستقطاب معلمين أكاديميين في تخصص التمثيل والإخراج لتدريس مادة الدراما وقيام معلمين الدراما بإخراج العروض في مهرجان المسرح المدرسي فبالتالي شاهدنا عروض أقرب ما تكون إلى الاحتراف نصا وتمثيلا وإخراجًا وعلى مستوى الرؤية البصرية، تم وضع عدد من التوصيات من قبل لجنة التحكيم لوضعها في عين الاعتبار في المهرجانات المقبلة ،

ومن أهمها: الاهتمام بالتشكيل اللغوي عند نطق الممثلين، أن يكون هنالك خطة لالتحاق الطلاب لمن لديه الرغبة وخاصة طلاب الحلقة الثالثة لمسارح الدولة لتنمية مواهبهم واستمرارها بعد انتهاء النشاط المدرسي، أن يتم مشاركة الطلاب في كافة العناصر المسرحية كمساعدين مثل الديكور والإخراج والأزياء والإضاءة وعدم الاقتصار بهم كممثلين فقط، لأن المسرح منظومة بها العديد من العناصر الفنية والتي بحاجة لعناية وإبداع، أن يتم مشاركة بعض المعلمين المتخصصين في العرض وعدم الاكتفاء بمعلم الدراما، فمعلم الموسيقى يعمل على التأليف الموسيقي ومعلم اللغة العربية على كتابة النص المسرحي والتشكيل اللغوي ومعلم الرسم على الديكور، أن يتم التنسيق مع بعض المدارس والقريبة من مقر المهرجان وزيارتهم للمهرجان كرحلة مدرسية وحضور العروض المسرحية لزملائهم فالمسرح يحيا بالجمهور، وأخيرا أن يكون هنالك اهتمام من أولياء الأمور لحضور عروض أبنائهم وتشجيعهم.
 

المنسق العام للمهرجان الأخ فيصل الدرمكي قال في كلمة الافتتاح قد لا يكون كل هؤلاء المواهب فنانين ومبدعين وقد يشقوا طريقهم في مهن مختلفة ولكن غدا عندما يكون هذا الموهوب صاحب منصب ويلقي كلمه في الأمم المتحدة أمام 300 شخص سيلقيها دون توتر أو خوف أو ارتباك. فللمسرح المدرسي تأثير على قوة الشخصية واتزانها، فيا أيها الأب أيتها الأم، الموهبة كالنبتة تبدأ منذ الصغر وتنمو بالري من خلال سقيها الماء (دعم الوالدين) فإذا رأيت في ابنك موهبة أيا كانت لا تقتلها من المهد وتجثو عليها التراب، بل اسقها واعتني بها، إلى أن تكبر هذه المواهب، قد لا تريد من ابنك أن يحترف مهنة الكتابة أو الرسم أو التمثيل، وقد يتجه الى مجال آخر ولكن دعه يحيا بالموهبة كهاوِي، فكم من مهندس رسام وكم من دكتور ممثل وكم من طيار كاتب، ودمتم .