الإحسان ضرورة لتقدم الحياة المدنية والحياة الروحية

الإحسان ضرورة لتقدم الحياة المدنية والحياة الروحية

تلقي الآية القرآنية الثالثة من سورة لقمان بكلمات مضيئة « هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ»، تشع منها الحكمة وأنوار الهداية ونبضات القلوب الرحيمة، وتلك سعادة غامرة في مخاطبة أقوام قد تسعى بأقدامها نحو الدخول إلى الإسلام، وعلى هذه الأقوام التي كانت تعيش في مكة أن تفكر فيما يأتيها من كلمات وآيات القرآن الكريم، لكي يحتل الحديث عن القرآن صدارة اللقاءات والتجمعات، التي تتوافق مع طبيعة مكة عاصمة الصحراء، حيث يقوم الشعراء بتعليق أشعارهم على جدران الكعبة المشرفة من قبل الإسلام، وقد أبرزت الآية القرآنية كلمة لا يستهان بها في تقدم الحياة المدنية والحياة الروحية، فيما دعت إليه من تحقيق الإحسان بكل معانيه الدنيوية والروحية، كإحسان العمل وإحسان القول وإحسان العبادة، حتى الإحسان في الصوت في قراءة القرآن أو الآذان مفضل على الأصوات الخشنة، فالأصوات الناعمة دعا إليها الرسول في التفضيل بين صوتين عند رفع الآذان للصلاة، ففي حديث عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في الأذان، وفيه قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:  فقُمْ مع بلالٍ، فألْقِ عليه ما رأيتَ فليؤذِّن به؛ فإنَّه أنْدَى صوتًا منك»، وعلى المحسن في كل الأحوال أن يقابل السيئة بالحسنة، «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(فصلت:34)، وغاية الإحسان ما جاء فى الحديث القدسي عن الإحسان، « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
وتبينت الآية التالية الكريمة سمات تعبدية للمحسنين بقولها « الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (لقمان:4)، ومن أول ما تقوم عليه العبادة هو إقامة الصلاة، والفارق شاسع بين من يقيم الصلاة ومن يؤدى الصلاة، فالإقامة بناء وتشييد وفاعلية وعطاء وعدل ورحمة، فأمة يشاع فيها الظلم لا تقام فيها صلاة، حتى وإن كثرت مساجدها ودعاتها، وإقامة الصلاة غرس للقيم والأخلاق والمعاملة، وكما تقول الحكمة القائلة «الدين المعاملة»، وكذلك من صفات المحسنين إيتاء الزكاة وعدم الشح أو البخل، وذلك راجع إلى أن ما في أياديهم من أموال ترجع ملكيتها إلى الله خالق السموات والأرض»، كما جاء في القرآن الكريم « وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ” (النور: 33)، ولا تتوقف الزكاة على إنفاق الأموال، بل تمتد إلى الإطعام وكفالة اليتيم والمسكين والفقير حتى الأسير، وجاء هذا المعنى في القرآن في سورة الإنسان “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا٩“، فإذا ما تلاقى من حرصوا على إقامة الصلاة وفاعلية الزكاة فقد وصلوا إلى قمة النجاح والفلاح، وذلك أمر يدعم المجتمع الذى يدعو إلى طهارة اليد وطهارة القلب، ولا يتحقق الإحسان إلا بالإيمان بالآخرة، فالأجساد تبلى وتفنى والأرواح تظل هائمة في ملكوت ربها، تنتظر دعوة الله لحضور كل البشر في يوم لا ينتهي إلا بأمر الله، وهو يوم الحساب، لتحاسب كل نفس بما قدمت أو أخرّت السيئات التي اقترفتها في حياتها وبعد مماتها، طالما كانت سببا في استمرار الظلم والضرر الذي يؤذي البشر، فالموت لا ينهي قضية المساءلة والمحاسبة، فقد قال الرسول عليه السلام في حديثه “من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا”، وهكذا حينما تجتمع المعاني الحكيمة في الآية القرآنية التي تدعو إلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان اليقيني بيوم القيامة، فقد أحسن الإنسان صنعا واعتلى مقام الإحسان، وحينما يسير الإنسان في الطريق الأمثل نحو حقيقة العقيدة من خلال إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان اليقيني بحياة الآخرة، فإن الله يباعد بينه وبين الضلال، وأولئك هم المفلحون “ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (لقمان:5).


www.zeinelsammak.com

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot